السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لكم مني أزكى التحايا، أما بعد:
أتيتكم بعد حيرة وبحث طويل على الإنترنت، لكنني لم أجد إجابة واضحة. أريد أن أعرف: هل من الواجب على زوجي مساعدتي في أعمال المنزل أم لا؟ لأنني حقا تعبت كثيرا.
أنا أعمل موظفة بدوام كامل خارج البيت، وأعود لأكمل مشوار التعب داخل المنزل، وقد ازداد الإرهاق بعد ولادتي لطفلتي -اللهم احفظها وارعاها- فزادت علي مهام البيت أكثر وأكثر، وزوجي حين يعود إلى البيت لا يفعل شيئا سوى الاستلقاء من العصر حتى الليل، وإن أمكنه ذهب إلى المقهى فقط.
لدينا حديقة كنت أرعاها وأسقيها إلى جانب جميع مهام البيت، من تنظيف وترتيب، وغسيل، وشراء مستلزمات المنزل، والطبخ، بالإضافة إلى شراء حاجيات ابنتي من ملابس وغيرها، وحتى زوجي أشتري له ملابسه، ولكن بعد ولادتي لم أعد قادرة على الاهتمام بالحديقة، وهو لا يساعدني.
طلبت منه مرارا أن يهتم على الأقل بالحديقة، وألا يترك النباتات تموت، ولكن لا حياة لمن تنادي. يقوم بذلك مرة على مضض ويتركها عشر مرات، وحتى أهل زوجي وأهلي بدؤوا يلاحظون الإهمال؛ لأن الحديقة هي واجهة المنزل.
وأقسم بالله أني كثيرا أسأل نفسي: هل خلقت المرأة لكل هذا التعب؟ قد يقول البعض إن مكان المرأة في بيتها، وإن عزها في قعر دارها، وهذا صحيح من حيث المبدأ، لكن حالتنا المادية لا تسمح بأن يكون الرجل هو المعيل الوحيد، الحياة أصبحت صعبة، وكلنا نسعى لأن نوفر لأطفالنا حياة كريمة كما فعل آباؤنا معنا.
زوجي ليس بخيلا، بل كسول جدا، وأنا تعبت. لا يساعدني في شيء، بل يجادلني ويقول إن كل هذا من واجبي وحدي؛ فأصمت، وأجد بالفعل كثيرا من الأحاديث التي تدعوني لطاعته وخدمته، بينما هو لا يقدم شيئا، لا حول ولا قوة إلا بالله.
أطلب منكم نصائحكم حتى يرتاح قلبي وأعرف ماذا أفعل. لقد حاولت كثيرا الحديث معه، دون جدوى. وأنا الآن في حالة نفسية سيئة جدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك تواصلك مع الموقع، ونسأل الله تعالى أن يديم الألفة والمودة بينك وبين زوجك، ويصلح جميع أحوالكما.
نحب أولا أن نبشرك -ابنتنا الكريمة- بأن كل جهد وتعب تبذلينه في سبيل إعانة زوجك على شؤون الأسرة، والإنفاق على نفسك وأولادك، يعد من أعمال الخير والبر والصدقة، والله سبحانه وتعالى قد وعد في كتابه الكريم بعدم ضياع أجر المحسنين، فقال: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} [الكهف: 30]، وقال: {إن الله لا يضيع أجر المحسنين} [التوبة: 120].
واعلمي أن الأجر على قدر المشقة، فاحتسبي أجرك عند الله، أي اعملي وأنت تلتمسين بذلك الثواب من الله تعالى، فهذا من أعظم الإنجازات في الحياة؛ فالمؤمن يتصدق، ويجتهد، ويتعب، راجيا بذلك رضا الله تعالى والنعيم الأبدي في الدار الآخرة، كما قال تعالى: {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنما يتذكر أولو الألباب} [الزمر: 9].
وأنت الآن تقومين بجزء من هذه الأعمال الصالحة، فاحرصي على الوقوف عند حدود الله، بأداء فرائضه واجتناب نواهيه، واحتسبي نيتك في كل عمل تقومين به، لتعلمي أنك في طريق إنجاز عظيم نافع لك في الدنيا والآخرة، نافع لأولادك، ومخفف عنك الشعور بالحزن والهم.
فالشيطان يسعى جاهدا ليحزنك، كما قال الله تعالى: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا} [المجادلة: 10]. فاطردي عنك هذا الحزن بالتفاؤل، وتذكري أن لهذه الأعمال ثوابا عظيما، وأن المستقبل -بإذن الله- سيكون أفضل من الحاضر.
أما بالنسبة لزوجك؛ فننصحك بالاستمرار في مناصحته بلطف، وتذكيره بأن الله سبحانه وتعالى قد وزع المسؤوليات بين الزوجين، فقال تعالى: {الرجال قوامون على النساء، بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم} [النساء: 34].
وقال النبي ﷺ: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، ... والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها، ... وكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته.
فالمرأة مسؤولة عن طاعة زوجها، وحفظ بيتها ونفسها، والرجل مسؤول عن الإنفاق وقيادة الأسرة، وإذا اقتضت الظروف أن تعينه المرأة بالإنفاق والعمل، فذلك من حسن خلقها وكرمها، ويجب على الزوج أن يقابل الإحسان بالإحسان، ولو بكلمة طيبة ومشاركة بسيطة تخفف العبء.
فحاولي الترفق بزوجك، وإيصال هذه المعاني إليه باللين والمودة، وذكريه بعواقب الكسل وأهمية تحمل المسؤولية، وقد وصفته بأنه كريم ولكن يغلب عليه الكسل، فاستثمري هذا الجانب الطيب فيه.
كما نوصيك بعدم جعل الأمور الثانوية -كجماليات البيت مثل الحديقة وغيرها- سببا رئيسيا في الحزن والخلاف، فحاولي الإصلاح قدر استطاعتك، مع إعطاء كل أمر قدره دون إفراط.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، ويجعل لك من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا.