السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة متزوجة، عمري 23 عاما، ولدي طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي أول أطفالي، زوجي يصغرني قليلا، فعمره 23 عاما أيضا، فهو أصغر مني بثلاثة أشهر.
بيننا نفور كبير وخلافات كثيرة، وكل شهرين أذهب إلى بيت أهلي، دون أن يسأل عني أو يبادر للاعتذار، دائما ينتظر مني أن أبدأ بمصالحته، يهجرني باستمرار، ولا يلبي بعض طلباتي وطلبات المنزل، وكلما أحب شيئا، يمنعني منه، يعرف نقاط ضعفي ويستغلها.
أصبح لا يطيق حتى أن أتحدث معه، وإذا سألته: "ما بك؟ لماذا أنت حزين؟" يرد علي وكأنني عدو له، لم نكن هكذا أبدا، لكن المشاكل بدأت تقريبا بعد سنة من زواجنا، وتحديدا بعد ولادة طفلتي، فقد تغير كل شيء، وهو الآن لا يريد أطفالا مني إطلاقا، وعندما حملت رغم وجود اللولب، غضب بشدة وجعلني أجهض.
دائما يعود من العمل عابس الوجه، لا يلقي السلام، وإذا واجهته بالأمر يقول: "لست مجبرا على أن أسلم عليك".
أحيانا أشعر أنني لا قيمة لي عنده، أنصحه بالصلاة فيغضب ولا يستمع إلي، لا أخرج من المنزل أبدا إلا لزيارة أهلي، ومع ذلك، ها أنا الآن منذ شهر لم أرهم، رغم أن منزلهم لا يبعد سوى خمس دقائق، لا يريدني أن أزور أهله، وقد قال لي بصريح العبارة: "لا تذهبي إليهم، فهم لا يريدونك، حتى لو مت لن يأتي أحد إليك، ولن يأخذك إلى المستشفى، أنت لا شيء بالنسبة لهم".
ولا أرى منهم أي محاولة لإصلاح العلاقة، أو إعادة الأمور كما كانت، وكأن الأمر لا يعنيهم.
ما يضايقني أيضا بشدة هو عدم احترامه لي ولأهلي، ينادي أبي باسمه دون أي احترام، وهذا الأمر يؤلمني جدا، ووالدي حاول التدخل للإصلاح، لكنه رفض وقال: "إذا حدث هذا، سأطلقك".
لا أدري ما أفعل، فقد أصبحت حائرة جدا.
الحمد لله، منذ ثلاثة أشهر وأنا مواظبة على قراءة سورة البقرة، وأداوم على الصلاة، لعل الله يفرج همي.
أخاف أن يكون زوجي يكذب علي ويريد الزواج من أخرى والإنجاب، فهو أحيانا يقول: "أريد أطفالا، لكن لا أريد أن أطلقك، لأن المطلقة في دولتنا تأخذ حقوقا ومالا، ولهذا لا أريد الطلاق".
لا أعلم إن كان لا يزال يحبني أم لا، أصبحت دموعي لا تعني له شيئا.
أعلم أنه يتحدث مع الفتيات، لكنني أتغافل، رغم أنني أتألم.
أرجوكم، أريد النصيحة، فقد احترت كثيرا. كلامه دائما معي بصوت عال، وكأنه في خصومة معي، لا يهتم لما في البيت من حاجات، ويقضي معظم وقته خارج المنزل، لا يحب الجلوس في البيت، حتى وإن وفرت له الراحة.
يعمل مع والده، لكنه لا يجلب راتبه إلى البيت، بل يبقيه عند والدته.
كل أموري مكشوفة عند أهله، ولا أشعر بالراحة معه أبدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك، ويهدي زوجك، ويصلح حالكما، إنه جواد كريم.
أختنا الفاضلة: نتفهم تماما حديثك، ونشعر بالألم الذي لحق بك، لكننا نود قبل أن نقدم لك النصيحة أن نحذرك من خطوات الشيطان في تضخيم المشاكل وإظهارها أكبر من حجمها، فهذا من عادته في مثل هذه المواقف؛ طمعا في أن يوصل الطرفين إلى مرحلة اليأس من الإصلاح، فتغدو الحياة الزوجية كأنها بركان على وشك الانفجار، تعصف به الرياح، أعاذك الله وزوجك وسائر المسلمين من ذلك.
ثانيا: لقد ذكرت أن السنة الأولى من الزواج كانت عادية، وأن المشاكل بدأت بعد مرور عام تقريبا، خاصة بعد ولادة طفلتك، كما ذكرت أن زوجك لا يرغب في الإنجاب، ولا يريد الطلاق، ولا يحبذ تدخل أهلك في الإصلاح، ولا يرغب بتواصلك مع أهله، مع بعض التقصير في النفقة، وتسريب خصوصيات البيت.
هذه المعطيات تشير إلى أمرين:
1. وجود مشكلة طارئة أو خلل خفي لا تعلمينه، وقد يكون إصلاح حياتك كلها متوقفا على معرفة هذا السبب.
2. احتمال أن يكون زوجك يمر بأزمة نفسية أو اجتماعية، وهي مرتبطة -غالبا- بتلك المشكلة التي يجب أن يصرح بها، حتى تبدأ مرحلة التغيير الحقيقي.
لكننا نود منك الآن -إلى جانب محاولة فهم أصل المشكلة– أن تقومي بما يلي:
أولا: اكتبي إيجابيات زوجك، ما الجوانب التي ما زالت جيدة فيه؟ احتفظي بهذه القائمة دائما بجوارك، ولا تدعي الشيطان يوهمك بأن زوجك لا خير فيه مطلقا، فهذا ظلم، وهو من أساليب الشيطان المعهودة.
ثانيا: حافظي على التوازن النفسي عند النظر إلى زوجك، ووازني بين السلبيات والإيجابيات؛ غياب هذا التوازن يظهر في الكلام، وتعبيرات الوجه، حتى دون قصد.
ثالثا: كوني على يقين بأنه لا بيت يخلو من المشاكل، ولا حياة تخلو من منغصات. العاقل هو من يدير أزماته بحكمة، ويتعامل مع الأمور بقاعدة: "ما يمكن إصلاحه نصلحه، وما لا يمكن إصلاحه نتعايش معه".
رابعا: تجنبي إدخال أي طرف خارجي من أهلك أو أهله في المرحلة الأولى، وبدلا من ذلك، اعتمدي على الخطوات الآتية:
• الإحسان إلى الزوج قدر استطاعتك.
• تعظيم الإيجابيات، والتقليل من شأن السلبيات، فلو أنفق نصف الحاجة فقط، اجعلي ذلك أمرا كبيرا في عينك وعينه.
• الإكثار من مدحه، وإشعاره بقيمته في حياتك، وكرري ذلك كثيرا، فالرجل يأسر قلبه الثناء.
• حاولي حصر الأمور التي يكرهها زوجك، وابتعدي عنها قدر الإمكان.
• اجتهدي في تقوية صلته بالله تعالى، فالبيت الذي يقل فيه الذكر سهل على الشيطان اختراقه. داومي على أذكار الصباح والمساء، وقراءة أو سماع سورة البقرة.
• ابتعدي عن العصبية والانفعال، وحاولي تفسير كلامه السلبي بأفضل ما يمكنك، حتى لو لم تقتنعي به، فهدوؤك وصبرك يساعدانك كثيرا.
• احرصي على خلق مساحة للحوار، حتى لو كانت الظروف صعبة، وأبرزي الجوانب الإيجابية في زوجك، واجعلي مدحك له طريقا لفهم شخصيته.
• فكري بمن من أهله يمكن أن يكون متدينا وعاقلا، وإن وجدت امرأة فيها خير وعقل، فتقربي منها، فلعلها تكون مفتاحا لإصلاح العلاقة بينك وبين أسرته.
• استمري على هذه الخطوات وقتا كافيا، وإذا لاحظت أي تغير إيجابي -ولو بسيطا– فتقدمي أكثر.
خامسا: إذا لم تري أي بوادر تحسن رغم كل محاولاتك، فننصحك حينها بإدخال طرف من أهله، ممن يحترمه ويثق به، بشرط ألا تذكري مساوئ زوجك أو تشوهي صورته، بل اطلبي منه فقط أن يحاول الحديث معه بأسلوب غير مباشر، ليسأله عن السبب الحقيقي للمشكلة ويساعد في الإصلاح.
هذا ما ننصحك به، وإذا جد جديد فراسلينا، وأكثري من الدعاء بأن يصلح الله حال زوجك، ويشرح صدره، ويصرف عنكما كيد الشيطان، ولا تيأسي من رحمة الله أبدا.
وفقك الله لكل خير، والله ولي التوفيق.