تقدم لي شاب ذو خلق ودين ولكن أبي رفضه، فما الحل؟

0 0

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عزباء، وبعمر 29 سنة، حاصلة على شهادات عليا، كما أنني أعمل في مجال مهم بالدولة، و-الحمد لله على نعمه التي لا تحصى-، تربيت وسط أسرة محافظة دينيا وأخلاقيا، وسمعتنا -والحمد لله- طيبة، اكتسبناها من سيرة والدي واستقامته -جزاه الله خيرا-.

علاقتي بأسرتي الصغيرة وخاصة والدي، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، أحبهما كثيرا، ولا أتمنى سوى رضاهما، لكنني أمر بوقت عصيب جدا، فأرجو منكم أساتذتي الكرام إرشادي إلى الطريق الصحيح، فإنني تائهة ومهمومة.

لقد تعرفت على شاب منذ مدة طويلة، وهو ذو خلق ودين، ويريد الزواج مني، فقد حاول مرارا وتكرارا أن يتحدث إلى والدي لكنهما في كل مرة كانا يرفضانه بشدة؛ وذلك بسبب سمعة والده الموصومة في مجتمعنا، بالإضافة إلى مشكل العرق، فرغم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهانا عن التفرقة والعنصرية، إلا أنها لا زالت منتشرة في أوساطنا.

حاولت إقناع والدي، لكنهما في كل مرة يرفضان ذلك قطعا، وخاصة والدتي، التي كلما ذكرت اسمه أمامها إلا وانتابتها نوبات الغضب التي تصل في جل الأوقات إلى حد الإغماء، حاولنا الابتعاد عن بعضنا، لكن لم نستطع لذلك سبيلا، فتكرر ذهابه إلى والدي لكنه صده ورفضه وقام باستصغاره.

أنا الآن في حيرة تامة، وفي موقف لا أحسد عليه، فالسنوات تمر تباعا وبسرعة البرق، أريد أن أكون أسرة، وأن يكون لدي أبناء، أرجو منكم نصيحتي، فوالله إنني متعبة نفسيا وجسديا، حياتي أصبحت عبارة عن تفكير وتوتر مستمرين، خاصة وأني مقبلة على مناقشة أطروحتي الخاصة بالدكتوراة؛ مما زاد من توتري وحدة طبعي، فأصبحت لا أنام إلا بعد تناول الحبوب المنومة.

جزاكم الله عنا كل خير، ووفقكم الله لما فيه خير لهذه الأمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نشكر لك تواصلك بالموقع وثقتك فيه، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، ويرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.

نحن نشكر لك -ابنتنا العزيزة- مشاعرك تجاه والديك، وحرصك على إرضائهما، واعترافك بفضلهما عليك، وهذا من توفيق الله تعالى لك، فنسأل الله أن يجعل برك لوالديك سببا لجلب الأرزاق وأسباب السعادة في حياتك.

نحن نتفهم -ابنتنا العزيزة- ما تشعرين به من الحاجة إلى الزواج وتكوين الأسرة، وما تدفعك فيه الفطرة التي فطر الله تعالى عليها بني آدم، ولكن مع هذا كله نصيحتنا لك ألا تسمحي لهذه المشاعر وحدها بأن تكون هي الحاكمة في اتخاذ القرار واختيار الزوج بعيدا عن رأي والديك؛ فإنك تحت تأثير هذه الرغبات وهذه المشاعر قد تستعجلين فتقعين في قرار يخالفك فيه الوالدان وتندمين عليه في المستقبل.

نصيحتنا لك أن تتصبري، وأن تضبطي نفسك وأعصابك، وأن تتحملي ما تلاقينه من ضغط هذه الرغبات في مواجهة الحلول المطروحة واتخاذ أحسن التدابير، فإذا أدخلت التفكير في هذا الأمر بهذه النفسية فإنك -بعون الله تعالى- ستوفقين في اتخاذ الصواب.

أما عن الحكم الشرعي -ابنتنا العزيزة- فإن من حق الوالد أن يشترط الكفاءة في الشخص الذي يتقدم لخطبة ابنته، والكفاءة يعني المساواة لها في بعض الأمور، ومن ذلك النسب، والمهنة عند كثير من فقهاء المسلمين؛ لأنه إذا زوج ابنته بمن لا يكافئه ولا يساويه في هذه الأمور فإنه يتألم حين يعيره الناس بذلك، والشرع جعل الزواج فيه تحقيق لمصالح الجميع، فالبنت تتزوج لتكون أسرة؛ ولكن الوالد أيضا من حقه أن يتشرف، وألا يتأذى بتعيير الناس له بما يناسبه ويأخذ ابنته.

ينبغي أن تكون هذه الأمور منك على بال، وألا تهملي النظر إليها، وأن تعذري والديك في حال ممانعتهما لك من الزواج بمن لا تتوفر فيه هذه الصفات، واعلمي أن برك بوالديك وطاعتهما والإحسان إليهما سيجعله الله تعالى سببا في تيسير أمورك، فإنه من تقوى الله، والله تعالى قد قال في كتابه: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق: 2-3، وقال سبحانه: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) الطلاق: 4.

نصيحتنا لك أن تعرضي عن التفكير بهذا الرجل ما دام الوالدان يرفضان الزواج به، وهذا لا يعني ترك الأخذ بالأسباب للزواج، فينبغي أن تطرحي الأمر على والديك بأنه ما من قدر إلا وله أسبابه، وأن عليكم جميعا أن تساعدوني، وأن تعينوني في الوصول إلى الزوج المناسب، ومن ذلك محاولة عرض الزواج على من يرضونه، وهذا ليس عيبا ولا عارا، فقد عرض خيار الناس بناتهم وأخواتهم للزواج، فمن يتوسمون فيه الصلاح والخير للزواج فينبغي أن يبادروا إلى ربط العلاقات معه، وتيسير الزواج له، وكذلك ينبغي أن تكثروا من الروابط والعلاقات مع الأسر والتعرف على النساء -ولا سيما الصالحات والفتيات الطيبات- فإنهن مفاتيح للخير في حالات كثيرة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

أما إذا خشيت على نفسك الوقوع في الحرام مع هذا الرجل لشدة التعلق به؛ فهذه حالة استثنائية خاصة، تعطى حكمها بقدر الضرورة، فحينها يجوز لك أن ترفعي أمرك إلى القاضي الشرعي ليتولى النظر في أمرك، ولكننا لا ننصحك بهذا النوع من الزواج.

استعيني بالله واصبري، (ومن يتصبر يصبره الله)، وأكثري من دعاء الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، ونوصيك بتقوى الله بالقيام بالفرائض واجتناب المحرمات، حتى لا تحولي بينك وبين رزقك بالمعاصي والسيئات، فإن الإنسان يحرم الرزق بالذنب يصيبه، هكذا جاء عن النبي -ﷺ-.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات