زوجي كان طيبًا لكنه أصبح يسيء معاملتي، فماذا أفعل؟

0 19

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوعي باختصار: تزوجت منذ سنة ونصف، وعشت مع زوجي أول سنة عيشة جميلة، وكنا متفاهمين على كل شيء، ثم أنجبنا طفلا، وبعد الإنجاب بدأت المشاكل على كل صغيرة وكبيرة.

ذهب التفاهم وذهبت المودة، وغاب كل شيء جميل، وزوجي وحيد أهله من الذكور، والدته تحاول اختلاق المشاكل بيني وبينه، ولكن أنا أدرك الأمور، وأحاول أن أداريها، وأختصر المواضيع وأتنازل، إلى أن بدأت في التدخل في خصوصياتي وبيتي، وأصبح زوجي يضع راتبه الشهري بحوزتها، ولا يبقي أي شيء في المنزل، بالرغم من أنه لا يقصر في الطعام والشراب، ولكن يذهب إلى عمله دون ترك مصروف لي، فقط يدخر أمواله عند أمه، ويحاول التوفير قدر المستطاع، وإحضار البدائل الأرخص، فأقول: لا بأس سأصبر، لأن البيوت قائمة على صبر النساء.

كان زوجي يحب أهلي ويحترمهم، ولكن مؤخرا أصبح يقول لي: إنه لا يحسب أي حساب لوالدي، ولا يفرقون معه في شيء! حصلت بعض المشاكل بيننا، فأخبرت والدي، فقال لي والدي: أخبري والد زوجك لعله يحل المشكلة، فأتى والد زوجي ووالدته، وعاتبني، لأني قلت لوالدي، وأصبح يلومني، ويقول: إنه تصرف خاطئ، وأي شيء أقوله يتهمونني بالكذب، ويحضرون المصحف حتى أحلف عليه، بكل كلمة أقولها، يريدون أن أحلف على المصحف.

قال لي زوجي أمام والديه: إنه لا يريدني، بل إن أهله هم يريدونني، ولذلك تزوجني، وأصبح يتهمني بالكذب، وبالتمثيل والخبث!

أشعر بالحزن، والانكسار الشديد، لأنه أول زواجنا كان شخصا رائعا بمعنى الكلمة، أما حاليا فانقلب حاله، وأصبح يكرهني، ويعاملني معاملة سيئة.

أصبحت والدة زوجي تأخذ طفلي الرضيع، ويبقى ساعات عندها، وأنا أجلس ببيتي لوحدي، وأشعر بالانكسار.

والدته تقول لي: أنا التي جعلت الناس يحبونك، وأنا التي سأجعلهم يكرهونك! لا أعرف ما هو التصرف الصحيح في حالتي؟

المحزن أن زوجي وعائلته يعاملونني أسوأ معاملة، ويوضحون لي أني لا قيمة لي في حياة زوجي، ويوجهون لي الإهانات، وتقليل القيمة، لقد تعبت من الإهانات، ومن معاملتهم القاسية!

أحيانا يكون زوجي لينا وحنونا معي، وفجأة عندما تقول أمه أمامه إنه عصبي وعنيد ينقلب حاله، ويصبح عصبيا وقاسيا.

أحتاج النصيحة والمساعدة في التوجيه، لأني أشعر بالضياع والانكسار في الحياة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على صيانة بيتك، ونشكر لوالدك حكمته، ونسأل الله أن يهدي زوجك وأهله إلى الحق والخير والصواب.

سعدنا جدا بالعبارة الجميلة التي أشرت فيها إلى أنك ستصبرين، لأن البيوت قائمة على صبر النساء، ونبشرك بأن العاقبة للصابرين، وأن الإنسان ما أعطي بعد الإيمان عطاء أوسع من الصبر، فاتقي الله واصبري، واعلمي أن أجر الصابرين بغير حساب، وأن العاقبة للصابرين، وإذا أراد بك أي إنسان على وجه الأرض شرا، فثقي بأن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله.

إذا كان هذا الزوج عندما يكون بعيدا عن أهله يكون مميزا، فأرجو أن تحافظي على هذا، وتجتهدي في الصبر، ولا تحاولي أن تدخلي معهم في مجادلات ولا في مصادمات، ونتمنى أيضا ألا ينقل الكلام إلى أهلك، حتى لا تحصل مشكلة مع زوجك، ولكن أرجو أن تهتمي به وببيتك، وتقومي بما عليك، وتهتمي بطفلك، ولا تردي الكلمة السيئة بمثلها، ولكن بالتي هي أحسن، واعلمي أن الثواب عند الله عظيم، وأن الحياة الزوجية تحتاج إلى صبر، خاصة في مثل هذه الإشكالات التي يتدخل فيها أهل الزوج.

أنت و-لله الحمد- على خير، فاستمري على هذه الحكمة، وعلى هذا الخير، واطلبي من الوالدة الدعاء، واعلمي أن الأمور ستتحسن، وأن الزمن جزء من الحل، وبعد ذلك أنت لن تخسري شيئا إذا صبرت، بل ستؤجرين عند الله تبارك وتعالى، والخوف ليس على المظلوم، إنما على الظالم، وكوني من المحسنين، وانتبهي لقوله تعالى: (والكاظمين ‌الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).

كل من يسيء أو يقصر، أو يعاملك معاملة سيئة، سيجني الثمار المرة، لأن الله عدل، والحياة دول، و-الحمد لله- الخوف ليس على المظلوم، وإنما على الظالم، لأن المظلوم ينتظره تأييد الله الذي ينصر المظلوم ولو بعد حين، والمظلوم من الثلاثة الذين لا ترد دعوتهم، ودعوته تفتح لها أبواب السماء، وترفع فوق الغمام، ينظر إليها الرب عز وجل، وأقسم الله فقال: (وعزتي ‌وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)، وستنصرين، لقول الله تعالى: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا) والخوف على الظالم الذي لا ينتظره إلا انتقام الله تبارك وتعالى، (وسيعلم ‌الذين ‌ظلموا أي منقلب ينقلبون).

نحن نتمنى أن يعودوا إلى صوابهم، وأن يعودوا إلى الحق والخير، وهذا كله له علاقة بصبرك واحتسابك، فإن عدم الرد على من يسيء، وعدم رد الكلمة القبيحة بمثلها، يجبر الطرف الآخر على أن يغير مساره، ويغير طريقته، فإن فعل فلمصلحته ولمصلحتك، وإن لم يفعل فذلك وزر على نفسه، وعند الله لا يضيع مثقال ذرة، وهو الذي يقول: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال ‌حبة ‌من ‌خردل ‌أتينا بها وكفى بنا حاسبين)، ويقول: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).

لا تشعري بالانكسار، ولا تشعري بالحزن، ولكن تسلحي بالصبر، واعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن - أو المسلم- الذي ‌يخالط ‌الناس ‌ويصبر على أذاهم، خير - أو أفضل - من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)، وأشغلي نفسك بالطاعة، وقومي بما عليك، وما يمليه عليك دينك وأخلاقك، والإنسان لا ينزل من أخلاقه الرفيعة إذا خالط أناسا يعاملونه بالمعاملة السيئة، ولكن منهج القرآن: (ولا ‌تستوي ‌الحسنة ‌ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).

نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونكرر لك الشكر، ونرحب بك أيضا لأي استشارة في موقعك، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق، ولأهل زوجك وله الهداية والسداد الثبات.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات