زوجي سيء العشرة معي ويهددني بالطلاق، فماذا أفعل؟

0 12

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة منذ سنة ونصف، وزوجي ملتزم دينيا، لكنه عصبي جدا، وسليط اللسان، وكلما تحدثت معه لأوضح له مدى ضرر عصبيته على زواجنا يتهرب من المسؤولية، ويقول لي أنت تستفزينني، مع العلم أنه على كل صغيرة وكبيرة يغضب، ويشتم، وأحيانا يكفر، ومرة تلفظ بكلمة الطلاق، وهو بقمة عصبيته، وندم بعدها.

هو سيء العشرة معي، ويقمعني عندما أطلب منه أي شيء شخصي، ويفسره بأني أريد أن أفرض رأيي وكلامي عليه، ولا يسمح لي بالتعبير عن رأيي، ويقول لي: أنا أعاملك مثل كل الناس، وأرد عليه بأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ضرورة حسن معاملة المرأة، لكنه لا يقتنع، ودائما أنا المذنبة باستفزازه، ويقول لي: أنا عصبي، لا تناقشيني بشيء، ولا تحاولي تغييري؛ لأنني لن أتغير، فإن أعجبك فابقي، وإلا فاختاري الانفصال!

ما حكم معاملته لي بهذه الطريقة؟ وكيف أتعامل معه؟ وكيف أتجنب الطلاق، وأتجنب أذاه؟

ملاحظة: أنا في بلد أجنبي، وعائلتي بعيدة عني، ووالدتي متوفاة، وأبي مدمن خمر، ولا أستطيع الطلاق والعودة للعيش مع والدي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nansy حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يصلح أحوالك كلها، ويهدي زوجك، ويرده إلى الحق ردا جميلا، ويديم الألفة والمودة بينكما.

ثانيا: قبل أن نبدأ بالكلام عن النصيحة التي نوجهها لك بشأن التعامل مع زوجك، نود أن ننبهك إلى أمر في غاية الأهمية، ورد في استشارتك، وهو مؤثر على بقاء الزوجية بينك وبين هذا الرجل، فقد ذكرت في استشارتك أن زوجك أحيانا يكفر، وذكرت أيضا أنه مرة تلفظ بكلمة الطلاق وهو بقمة عصبيته، وندم بعدها.

وهذان الأمران مؤثران جدا في بقاء الزوجية من عدمها، ولهذا ننصحك بأن تتوجهي إلى أهل العلم الموجودين في محل إقامتك، الموثوقين، الذين يرجع إليهم الناس في معرفة الأحكام الشرعية في المراكز الإسلامية الموجودة حولك، ليتبينوا مدى تأثير هذا الكلام على ما ذكرناه لك.

فلو ثبت فعلا أن هذا الرجل قد كفر، بأن سب الذات الإلهية، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو سب جين الإسلام -أو نحو ذلك من المكفرات التي لا تحتاج إلى إقامة الحجة، أو كفر بغير ذلك، أو كانت الحجة قائمة عليه-، ففي هذه الحال إذا ندم، وتاب، ورجع إلى الإسلام قبل انتهاء العدة؛ فالزوجية باقية.

أما إن لم يحصل شيء من ذلك حتى انتهت العدة، فقد حصلت الفرقة بينكما، وكذلك الحال بالنسبة لكلمة الطلاق، إذا تكلم بها وهو يعي ما يقول، وإن كان غضبانا؛ فإن الطلاق واقع. أما إذا وصل إلى حال لا يعي ما يقول فإن الطلاق لا يقع.

ولهذا كله لا بد من الرجوع إلى أهل العلم لتتثبتي، وتتبيني حالك مع زوجك.

أما إذا ثبت أن هذا الزوج لا يزال على الإسلام، وأنك لا تزالين في ذمته، وعلى الزوجية؛ فنصيحتنا لك أن تصبري، فإن الصبر مفتاح لكل فرج، وقد قال الشاعر: "الصبر مثل اسمه مر مذاقته ... لكن عواقبه أحلى من العسل"، والعقلاء يقولون: "الحيلة فيما لا حيلة فيه: الصبر" يعني: الأشياء التي لا يمكن أن تداوى بأي حيلة فإن دواءها الصبر.

ومما يعينك على الصبر والتحمل: أن تقارني حالك بحال كثير من النساء اللاتي يحتجن إلى زوج، ومع ذلك لا يستطعن الزواج، وأن تقارني حالك مع هذا الزوج فيما لو فارقت هذا الزوج، وذهبت عنه؛ فإن هذه المقارنة من شأنها أن تطيب نفسك، وتثبت قلبك على الصبر، والمحافظة على ما أنت فيه.

وقد أحسنت حين أدركت بأن الطلاق قرار سيء بالنسبة لك، وأن المفاسد المرتقبة من ورائه أكبر من المصالح، ولهذا ننصحك بأن تحسني استمالة قلب زوجك إليه؛ بالصبر عليه أولا، وثانيا: بالتواضع له، ومعرفة مقدار الزوج، وأنه لا يناقش، ولا يرد عليه بأي كلام، فإن الله تعالى سمى الزوج سيدا في القرآن الكريم، فقال: {وألفيا سيدها لدى الباب} أي زوجها.

فلا ينبغي لك أبدا أن تكوني مستفزة لزوجك، بأن تردي عليه كلامه إذا قال شيئا، أو تردي عليه وقت الغضب، وكلما تذللت لزوجك وتواضعت له كلما كسبت قلبه، وأحكمت السيطرة على وده وحبه لك، فلا ينبغي أبدا أن تتعاملي معه معاملة الند بالند، والمساوي للمساوي؛ فإن هذا بلا شك يستفزه، وكلما كثر الاستفزاز، وتعددت هذه المواقف فإنها تؤثر على قلب الزوج، وقد قال الشاعر: "ولا تنقريني نقرك الدف تارة ... فيأباك قلبي، والقلوب تقلب" فإن القلوب تتقلب؛ فاحذري أن يبغضك زوجك، وأن ينفر منك.

اسكتي عنه وقت غضبه، وتحملي ما يجيء منه وقت الغضب، وإذا رأى منك هذا التذلل له والتواضع له؛ فإنه سيندم بعد أن يهدأ غضبه، وسيعود إلى مصالحتك واسترضائك. واستعيني بالتعرف إلى الأسر التي فيها رجال صالحون، وشباب طيبون، ليجالسهم؛ فإن الإنسان يتأثر بمن يجالسه. وحاولي أن تذكريه بطريقة غير مباشرة بالمواعظ التي تذكره بالله ولقائه، والجنة والنار، فإن هذا من شأنه أن يوقظ الإيمان في قلبه.

نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن ييسر لك الأمر، وأن يعينك وأن يتولى أمرك.

مواد ذات صلة

الاستشارات