السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة متزوجة، وورثت من والدي مالا -رحمه الله- وقرر إخوتي شراء عمارة بها شقق على عددنا أنا وإخواني وأخواتي، وكل واحد يأخذ شقة.
المهم: كنت أرغب بأن أسكن أنا وزوجي وولدي الاثنان في هذه الشقة، لكن إخوتي أشاروا علي بألا أسكن أنا وزوجي في شقتي؛ لأنه من المفترض على زوجي أن يوفر المسكن، وأن هذا سيجعلني بلا قيمة ومكانة عنده، وأخبروني أن أقوم بتأجيرها لأناس آخرين، وأكسب منها.
أنا محتارة جدا، فزوجي رائع جدا، وطيب، ولا يقصر علي بشيء، وأنا أحب أن أزيل عنه هم الإيجار من الشقة التي نسكن بها؛ لأنها تعتبر مرتفعة قليلا، خاصة وأن والده وأهله يمرون بظروف صعبة ماديا، وهو يريد مساعدتهم، فإذا سكنا في شقتي سيتمكن من ذلك.
أنا في حيرة شديدة من أمري، أرجوكم: أشيروا علي، هل يقلل الرجل من قيمة زوجته إذا كانت متعاونة معه كما نسمع أحيانا من خبراء الزواج والعلاقات؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من الواضح أنك في موقف يحتاج إلى تأمل وحكمة، لديك قلب طيب وتسعين لمساعدة زوجك، وتخفيف الأعباء عنه، وهو أمر نبيل ومقدر، وفي نفس الوقت لديك مخاوف مما قاله إخوتك حول القيمة والتقدير من قبل زوجك.
أولا: دعينا نطمئنك أن قيمة الزوجة لا تحدد من خلال سكنها في منزلها الخاص، أو عدمه، قيمة الزوجة تأتي من احترام زوجها لها، ومن تقديرها لنفسها، ومن كيفية تعاملها مع المواقف المختلفة بحكمة ومحبة، إن كان زوجك رجلا رائعا كما وصفت، فلن يقلل من شأنك؛ لأنه يعرف جيدا أنك تقدمين هذا الحل لمصلحتكما معا.
ثانيا: من المهم أن تأخذي قرارك بناء على ما هو الأنسب لأسرتك الصغيرة، وليس بناء على توقعات الآخرين، إذا كنت ترين أن العيش في شقتك سيسهم في تحسين الوضع المالي للأسرة، وسيسمح لزوجك بمساعدة أهله، فهذه خطوة مباركة.
الدعم المتبادل بين الزوجين هو جزء أساسي من بناء حياة سعيدة ومستقرة، ويحترم فيها كل طرف الآخر.
ثالثا: لو كانت لديك مخاوف حول فكرة "القيمة"، يمكنك أن تشرحي لزوجك رغبتك بطريقة تجعل من قراركما مشتركا، وليس مجرد تلبية رغبة من جانب واحد، كأن تقولي له إنك ترغبين في الاستفادة من الشقة للمساعدة في تحسين وضع الأسرة، وتخفيف الضغط المالي عنه، مع الحفاظ على توازن علاقتكما.
في النهاية، القرار يجب أن يكون نابعا من قيمك ومن توازن حاجاتك أنت وزوجك، استشيري قلبك وراجعي نواياك، وإذا كنت تشعرين بأنك تقومين بالأمر بحب واحتساب لله، فإن الله سيبارك في قرارك بإذن الله.
أخيرا: تذكري قول نبينا ﷺ: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، الزوج والزوجة هما سند لبعضهما، وقراراتكما المشتركة يجب أن تعزز هذا السند.
وتذكري أن الحياة الزوجية مبناها على التضحية والبذل، فأنت سلمت نفسك له كزوجة، ولا شك أن قيمة النفس أهم من قيمة المال، وطالما أن الشقة مكتوبة باسمك، فأنت لا زلت تحتفظين بحقك المالي كاملا، أما ما تقدمينه من سكن (مقابل الإيجار المفترض الذي كان ينبغي أن يدفعه الزوج)، فهو مساهمة منك في بناء الأسرة، ودعم مشكور لزوجك الرائع!
كتب الله أجركم، وأدام عليكم الصحة والعافية والحياة الزوجية السعيدة.