السؤال
السلام عليكم
قبل 6 أشهر تقدم لي شاب عن طريق الأهل، وكنت معجبة به جدا، تكلمت معه لمدة أسبوع، ثم زارنا في المدينة التي أسكن بها، اعتذر مني وقال: لا يوجد توافق فكري على المدى البعيد، وأنا هنا صدمت، ولكن لم أقل له سوى: الله يوفقك، مع السلامة.
حزنت لأشهر، وأصابني اكتئاب، فهو شاب تحلم به كل فتاة، وقبل فترة أرسلت له لماذا تركتني؟ قال كنت متخوفا من موضوع دراستك وعملك، وبأنه شعر أني أعطيها أهمية كبيرة أكثر من الزواج، والأسرة، ثم قال: إنه نادم لأنه تركني، وبأنه أحبني منذ أول مكالمة، ويريد العودة، ولكنه تزوج، وهو غير سعيد مع زوجته، وهي ليست صاحبة دين، وبأنه لن يظلمها، ولكنه يريد الزواج بالثانية.
كلم أبي ولم يوافق، لأنه علم أني أنا من كلمته، وأرسل أمه لأمي، ولجدتي، ولم يجبه أحد، ثم علم أخي وقام بالشجار معه!
هذا الشاب هو من قال لأبي: إني أنا من أرسل له، وقال لأخي كل ما قلته أنا، الرجاء نصحي، فأنا أشعر بالذنب لأني أرسلت له.
أنا بعمر 26 سنة، وأريد تأسيس أسرة، ولا أعلم ماذا أفعل؟! الرجاء نصحي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أختنا الكريمة، نقدر مشاعرك، وحيرتك في هذا الموقف، والأمور التي تمرين بها ليست سهلة، ولها تبعات تحتاج إلى الحكمة والتروي في اتخاذ القرار.
نقاط تحتاجين إلى التفكير فيها:
1. من الطبيعي أن تشعري بالذنب، خاصة أن تقاليدنا الإسلامية تعتبر الاتصال بشخص بعد انتهاء العلاقة غير مناسب، ولكن تذكري أن نيتك كانت واضحة، وتريدين فهم سبب انتهاء الأمور، وليس هناك ما يجعلك تحملين نفسك أكثر مما تستحقين.
2. يبدو أن هذا الشاب يفتقر إلى الحسم في اتخاذ القرارات، حيث إنه تركك في البداية لسبب يتعلق باهتمامك بدراستك وعملك، ثم بعد أن تزوج أراد العودة إليك، يجب أن تسألي نفسك: هل تستطيعين الثقة في شخص يغير رأيه بشكل متكرر؟ وهل هو الشخص المناسب لبناء أسرة مستقرة معك؟
3. من الواضح أن علاقتك مع أهلك تأثرت بهذه الأحداث، يجب أن يكون لديك دعمهم الكامل قبل اتخاذ أي قرار، والتصرفات التي قام بها هذا الشاب: التواصل مع والدك وإخبار أخيك بما قلته، قد أثرت على مصداقيته أمام أهلك، وهذا له تأثير كبير على إمكانية الزواج منه في المستقبل.
4. موضوع الزواج الثاني يحتاج بعض التفكير والتروي، خاصة من مثل هذا الشاب، ومن المهم أن تفكري بعمق في هذا الأمر: هل ترين نفسك مرتاحة في هذا الوضع؟
إليك بعض النصائح العملية:
1. حاولي التحدث مع والدك وأخيك بشكل مباشر وصريح، واشرحي لهم مشاعرك وسبب تصرفاتك، وأكدي لهم أنك تريدين اتخاذ قرار حكيم، مبني على التفكير السليم، وليس الاندفاع.
2. قد يكون من المفيد التحدث مع مستشار أو مرشد أسري؛ للتعرف إلى جوانب الموضوع من زاوية أخرى، خاصة وأن هذا الموضوع يؤثر على حياتك العاطفية والاجتماعية.
3. صلي صلاة الاستخارة، واطلبي من الله أن يرشدك إلى القرار الصحيح، فالزواج قرار كبير يجب أن يتم بتأن ودعاء، وستجدين أن الله يفتح لك الأبواب، ويغلق أخرى، بناء على الخير لك.
4. فكري في مستقبلك وحياتك بشكل عام، فالزواج ليس هو الهدف الوحيد في الحياة، بل يجب أن يكون جزءا من حياة سعيدة ومستقرة، قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل، إذا كنت ترين أن هذا الشاب ليس الشخص الذي سيوفر لك هذه الحياة؛ فقد يكون الأفضل البحث عن خيارات أخرى.
من أجل تجاوز المشاعر بعد هذه التجربة المؤلمة، إليك بعض الخطوات التي قد تساعدك في التغلب على مشاعرك الحالية:
- أول خطوة هي أن تقبلي مشاعرك ولا تحاولي إنكارها، من الطبيعي أن تشعري بالحزن والخيبة، وربما الغضب، الاعتراف بمشاعرك يمكن أن يكون بداية للتعافي.
- من السهل أن تلومي نفسك على ما حدث، لكن تذكري أن الجميع يمر بتجارب صعبة في العلاقات، ونحن نتعلم من هذه التجارب وننمو.
- شاركي مشاعرك مع شخص قريب منك، مثل صديقة مقربة أو أحد أفراد الأسرة، الكلام عن مشاعرك يمكن أن يساعدك في التخفيف من الألم، والكتابة عن مشاعرك في دفتر خاص يمكن أن تكون وسيلة قوية للتعبير والتفريغ.
- حاولي التركيز على العناية بنفسك من خلال ممارسة الرياضة، تناول الطعام الصحي، والنوم الجيد، والاهتمام بالجوانب الجسدية يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على مشاعرك.
- الانشغال بهواياتك وأنشطتك المفضلة، يمكن أن يساعدك في تحويل تركيزك عن المشاعر السلبية، ويعيد لك الإحساس بالبهجة.
- استمري في الصلاة والدعاء، واطلبي من الله أن يمنحك القوة والصبر، وقراءة القرآن والبحث عن السكينة في الآيات يمكن أن يكون له تأثير مهدئ، خاصة مع قراءة آيات السكينة في أوقات الضيق.
- حاولي المحافظة على الأذكار اليومية والاستغفار، فذلك يمكن أن يجلب لك الراحة النفسية، وفكري بهدوء في التجربة، وما تعلمته منها، وهل كان هذا الشخص فعلا مناسبا لك؟ في كثير من الأحيان، نكتشف لاحقا أن بعض العلاقات لم تكن ملائمة.
- تذكري دائما أنك تستحقين الاحترام والتقدير، إذا لم يكن الشخص قادرا على تقديرك، فقد يكون من الأفضل أن تبحثي عن شخص آخر يناسبك ويقدرك بشكل أفضل.
- ضعي أهدافا جديدة لحياتك، سواء كانت متعلقة بعملك، دراستك، أو تطوير نفسك، الأهداف الجديدة يمكن أن تساعدك في التحرك للأمام وتجاوز الألم.
- ركزي على ما يمكن أن تفعليه لتحسين حياتك، وجعلها أكثر إيجابية وسعادة، وأعطي نفسك الوقت.
- التئام الجروح العاطفية يحتاج إلى وقت، لا تضغطي على نفسك لتجاوز الأمور بسرعة، وحاولي تجنب اتخاذ قرارات حياتية كبيرة في هذه المرحلة، حتى تكوني قد استعدت توازنك النفسي والعاطفي.
تذكري أن هذه التجربة جزء من مسيرتك الشخصية، وستكونين أقوى وأكثر حكمة بعد مرور الوقت، وكل تجربة تحمل درسا، ومع مرور الوقت، ستجدين أنك أصبحت أكثر قدرة على التعامل مع مشاعرك، وبناء حياتك بالشكل الذي تريدينه.
- تذكري أن الله سبحانه وتعالى يكتب لنا الخير دائما، حتى وإن لم نكن نراه في اللحظة الحالية، فثقي بالله، وأقدمي على ما هو خير لك ولمستقبلك.
والله الموفق.