السؤال
لدي وسواس أني أحسد الناس، أشعر أني كلما أرى أحدا، يوسوس لي الوسواس أن أحسده، ويقول في عقلي كلام حاسد وتمني زوال النعمة، ولكني أخاف، فأبدأ بذكر الله؛ لأني لا أريد حسد أحد، وهذا الحسد يكون لأي شخص أعرفه أو لا أعرفه، أشعر أن الأمر أصبح مرضيا، ولكنني أخاف أن أحسد الناس حقا وأن يحاسبني الله، هذا الوسواس لا ينتهي مهما حاولت، وأخاف أن أؤذي أحدا وأخاف من معاقبة الله لي، كيف يمكنني التخلص منه؟
لقد أصبحت أبكي بسببه، وأخاف أن أخرج حتى لا أؤذي أحدا، ماذا أفعل في هذا الأمر؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجهول حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يصرف عنك شر كل ذي شر، إنه جواد كريم.
سؤالك -أخي- دال على نفسية طيبة متصالحة مع ذاتها، لكن دخل إليها الشيطان من مدخل لم تستطع رده، لذا نرجو أن تنتبه جيدا لحديثنا:
أولا: هناك فارق هائل بين أن تعجب بشيء ما، وأن تتمنى زواله من صاحبه، وقد أوهمك الشيطان أنهما واحد، ومن هنا دخل أول الخلل، لذا انتبه، فليس كل من أعجبك يكون في دائرة الحسد، يدل على ذلك ما رواه أحمد والحاكم عن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما يمنع أحدكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه في نفسه وماله فليبرك عليه، فإن العين حق)، ومعنى (فليبرك عليه): يدعو له بالبركة، فلم يعتب النبي -صلى الله عليه وسلم- على من رأى شيئا فأعجبه؛ لأنها طبيعة بشرية، ولكنه نبه على ما يجب عليه فعله، وهو التبريك: أي قوله: اللهم بارك له.
ثانيا: التبريك وقولك على ما أعجبك: ما شاء الله لا قوة إلا بالله يصرف الشر عن أي أحد، فقد روى هشام بن عروة، عن أبيه" أنه كان إذا رأى شيئا يعجبه، أو دخل حائطا من حيطانه قال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله".
وقال ابن كثير: قال بعض السلف: "من أعجبه شيء من ماله أو ولده فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله".
وعليه فمتى ما فعلت هذا فأنت من أبعد الناس عن الحسد، ولن يصاب أحد بسببك ما دمت على ذلك.
ثالثا: الشيطان له مداخله المتعددة، والتي من خلالها يحاول تحزين ابن آدم، ودائما ما يدخل للإنسان من أضعف نقطة فيه، وقد استخدم معك هذا الأسلوب ليحزنك، ويشغلك بهذا الوسواس عن التعايش مع الناس بطريقة هادئة، ثم يوهمك بأن ما أنت فيه لا علاج له، وأنك مهما حاولت فلن تتخلص منه، وتلك كلها أوهام يستخدمها مع الجميع فلا تقلق، واستعذ بالله منه، واستخدام مع الوساوس ما يلي:
1- استحقاره: وهذا يتطلب منك عدم التمادي في التفكير، بل تغافل عنه، ولا تستطرد ولا تسترسل.
2- رد المظنون إلى المتيقن: المظنون هو الشك الذي يريد الشيطان زرعه فيك من أنك حسدت الغير، واليقين إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الإعجاب مع الذكر مانع من وقوع الحسد بأمر الله، فعود نفسك الذكر وثق بأنك في أمان بذلك.
3- الابتعاد عن دائرة الفراغ؛ لأنها الأرضية المناسبة للشيطان، واستغل كل أوقاتك بالعلم، أو الرياضة، أو صلة الرحم، أو الصحبة الصالحة، مع المحافظة على فرائضك ونوافلك، وقراءة ورد من كتاب الله تعالى ولو قليل، المهم أن يكون ثابتا.
كما ننصحك بكثرة ذكر الله عز وجل، وخاصة الذكر العام وذكر الصباح والمساء، وأذكار النوم، فإن هذا حصن حصين لك.
وفي الختام أنت على خير، فلا تقلق، هذا عارض وسينتهي إن شاء الله، نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.