زوجي يحزنني ولا أجد فيه السند، فهل من نصيحة لنا؟

0 14

السؤال

زوجي يهجرني فعلا وقولا، لأسباب تافهة، وصرت أعامله كالطفل، وأتنازل عن حقوقي في سبيل إرضائه، قررت أن أبادله نفس المشاعر، لأني لم أعد أتحمل معاملته لي ببرود، متعذرا بتعبه في العمل، حتى صار يلومني على بكاء الأطفال، سواء كانوا مرضى أم لا، وأنا لا أستطيع التحكم في ذلك.

علما بأننا نسكن بغرفة واحدة في بيت أهله، ولا أستطيع عزل أطفالي عنه، ولا يتوفر الجو المناسب له للراحة.

تعبت كثيرا، لأني حامل، ولم أجد من يساندني، وأتحمل مسؤولية أكبر على عاتقي، بين إرضاء الزوج وإرضاء أبنائه، ودائما يؤنبني ضميري كوني لا أكلمه، علما بأنه من بادر بهجري، وينام في غرفة أخرى.

لا أستطيع أن أتنازل، للمدة التي مضت من الهجر (شهر تقريبا) ولأني لا أرتاح بسبب عتابه، وعدم اعترافه بالجميل، ولا اعترافه بالخطأ، وعدم احترامه لي، وعدم مساندتي في أضعف حالاتي النفسية.

مرت سبع سنوات، وللآن لا يكل ولا يمل، ويجعل كل مشاكله الأسرية علي، فهو لا يعرف وقتا للغضب، سواء في عيد أو مناسبة، يجعلني دائما حزينة، ولا أشعر بحلاوة تلك اللحظات.

الرجاء إفادتنا بوعظ، أو نصيحة، لأني لا أجد من ينصحني في مجتمع يوافق فيه الرجل على كل أفعاله، وتلام المرأة لأنها خلقت لتصبر فقط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور الهدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك اهتمامك وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك، وأن يصلح الأحوال، وأن يعينك على ما أنت فيه، وأن يتقبل منك هذا الصبر والاحتمال.

نبشرك بأن الله ما رفع الأم ولا جعل لها البر المضاعف إلا لما تعانيه مع أطفالها وفي حياتها، بل نذكرك بأن صبرك على الزوج وعلى أولاده، وعلى هذه المعاناة، يعادل أشرف الأعمال التي يقوم بها الرجل، كما هو كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- لأسماء بنت يزيد -خطيبة النساء-: قال: (حسن تبعل إحداكن لزوجها، وقيامها بحقه يعدل ما هنالك)، فاستمري على ما أنت عليه من الخير.

إذا كنت -ولله الحمد- قد وصلت إلى تحليل شخصية زوجك، فنتمنى أن تستمري على هذا النهج؛ لأن أسهل وأقصر الطرق لتجنب المشاكل وتقليصها، وعدم تطويرها، هو أن تعامليه كما كنت تعاملينه من قبل.

هذا النوع من الشخصيات عندما يتغير الإنسان معه عادة يزداد تغيرا، ويزداد تعنتا إذا شعر بتغير الطرف الآخر في التعامل معه، ولكن المداراة وحسن التعامل يعيدان الأمور إلى نصابها ووضعها الصحيح.

لا تنتظري شكرا من أحد من الخلق، بل قومي بما عليك، رجاء ما عند الله تبارك وتعالى، ونتمنى أن تشجعي زوجك على التواصل مع الموقع، حتى نبين له أهمية الدعم المعنوي للزوجة، خاصة عندما تكون في فترة حملها وضعفها، فهي بحاجة إلى الدعم المعنوي.

نعتقد أننا أمام امرأة تعرف قضيتها جيدا، وتعرف طبيعة زوجها، وتعرف المعاناة التي تمر بها، فهي ليست المرة الأولى التي تتعامل فيها مع هذه الظروف -ظروف الحمل- وهذا التعنت من الزوج، يدل على قوة تحملك وفهمك للوضع.

نتمنى ألا يأخذ الموضوع أكبر من حجمه، ليس لأن الموضوع صغير؛ ولكن لأنك في وضع لا يحتمل إضافة معاناة أخرى مع معاناة التحمل، فنسأل الله أن يعينك على الخير، وأول ما نذكرك به هو الرغبة فيما عند الله من الثواب والأجر، وتذكري أن الحياة الزوجية عبادة لرب البرية، وأن تقصير الزوج لا يبيح لك التقصير، وأن الذي يحسن من الزوجين يجازيه الله على إحسانه، والذي يقصر ويظلم يحاسبه الله تبارك وتعالى الذي لا تخفى عليه خافية، والذي قال: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).

عليه: نقترح عليك لم الموضوع مرة أخرى، وإعادة الأمور إلى صوابها ونصابها، ثم تشجيع الزوج ليكتب إلينا، ولتكتبوا استشارة مشتركة، عندها سيأتي التوجيه من الخارج، وسيأتي التوجيه للرجل من إخوانه من الرجال.

الأمر الثاني: نتمنى أيضا أن تعملي أعمالك لله، وعندها لن يضرك إذا اعترف الزوج أو لم يعترف، إذا مدحك أو لم يثن عليك، وطبعا هذه عادة غير طيبة، ألا يعترف الرجل بفضل زوجته، ولكن إذا كنت -ولله الحمد- تقومين بما عليك؛ فأبشري بثواب الله تبارك وتعالى.

نحب أن ننبه إلى أن الرجل في اعترافه واعتذاره يختلف عن المرأة؛ فإذا كان يسأل عن الأولاد فهذا اعتذار، وإذا كان يسأل عن احتياجات البيت فهذا اعتذار، وإذا كان يقول "هل تحتاجون إلى شيء؟" هذا اعتذار، ونتمنى مرة أخرى: أن تبدئي بقطع هذا الخصام، واستبشري بخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الزوجة التي تقول لزوجها: (لا أذوق غمضا حتى ترضى).

بعد ذلك عاتبيه، ولاطفيه في وقت آخر؛ لأنك تحبينه، لكنك تأذيت من الموقف الذي حصل، لأن سكوت المرأة وعدم بيانها بما في نفسها في الأوقات الصحيحة، قد يجعل الرجل لا يشعر بما فعله من الخطأ، وأعتقد أن الذي بينكم أكبر من مثل هذه المواقف، واجعلي دائما مواقفك منطلقة من الشرع، وليس من تصرفات زوجك، ونحن نشكر لك أنك الطرف الذي تواصل مع موقع شرعي، ونبشرك بالثواب العظيم من الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات