السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سأتحدث عن مشكلتي التي بدأت في عمر ١٧سنة؛ حيث جاءني وسواس الخوف من الموت فجأة، وحدث موقف أحزنني بقوة، وبعده بمدة وفي سحور رمضان شعرت بدقة قلبي تتسارع، وضيق نفس، وكأني أموت، واختفى الشعور بعد ذلك، ثم وفي وقت الإفطار في أحد أيام رمضان شعرت بخوف شديد، وكأني أموت، ومن هنا بدأت المعاني مع وسواس الموت، وأعراضه، من خوف وضيق نفس، وتعرق، والتي تسمى نوبات هلع.
مر نحو شهر وأنا طريح الفراش من الخوف، بعد ذلك بدأت حالة من البكاء المتواصل، وبعد ذلك بدأت الدراسة، وانشغلت، ثم اختفت الأعراض، وبعده بسنتين توفي أبي، وأنا في ٢٠ من العمر، وعاد إلي الخوف، والتفكير المتواصل بالموت، والشعور بالحزن الشديد، وكان مهربي الوحيد هو الجوال.
أصبحت أمسك جوالي من وقت فتح عيوني عند الاستيقاظ حتى وقت النوم، وتعبت من هذا الشعور، والآن مرت ست سنوات وصرت بعمر ٢٦سنة، بدأ يؤثر على حياتي بشكل مزعج؛ حيث إن تركيزي قل، والسرحان والتعب والخمول في استمرار، وفي حال سمعت خبر وفاة تزداد حالتي سوءا.
ذهبت إلى طبيب نفسي دون علم أهلي، لأنهم لا يؤمنون بالطب النفسي، يقولون: إنه يصرف المنومات فقط، بالرغم من أن نومي منتظم، وأيضا أنا متقرب من الله بالصلاة والصيام، ولا أريد منومات.
وصف لي زيلاكس قوة ٢٠ نصف حبة أربعة أيام، ومن ثم حبة كاملة، لكن من أول يومين توقفت؛ لأن العلاج سبب لي هبوطا في الضغط، وحرقة شديدة جدا للمعدة.
الآن لا أعلم كيف أنقذ نفسي من هذا السجن في الاكتئاب والوسواس، فقد جعلوا حياتي سجنا لا يطاق!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نوبات الهلع هي اضطراب قلق نفسي حاد، يحدث بصورة متكررة، ويتمثل بالشعور بالخوف الشديد، مصحوب بضيق التنفس، وتسارع ضربات القلب، والتعرق، وأعراض جسمانية متفرقة في الرأس أو الصدر أو البطن، وقد يتوهم المريض أنه مصاب بنوبة قلبية، أو أن حياته مهددة بالخطر؛ مما يزيد شعوره بالقلق، ويدفعه للذهاب إلى أقسام الطوارئ، وزيارة الأطباء في مختلف التخصصات، قبل تشخيص المرض، لمحاولة فهم ما يعاني من أعراض تؤثر على استقراره النفسي، وأدائه الوظيفي والاجتماعي.
نوبات الهلع غير مرتبطة بوقت محدد، وعادة ما تحدث فجأة، ودون سابق إنذار في المنزل، أو خارج المنزل، وقد تحدث قبل أو أثناء النوم، وتزداد حدة الأعراض خلال دقائق ثم تبدأ في الانحسار، إلا أن المريض يظل في حالة ترقب وقلق خوفا من تكرار النوبات في الحدوث، وعلى الرغم من أن نوبات الهلع مزعجة للغاية إلا أنها غير خطيرة، على عكس ما يتوهم المريض من أن حياته مهددة بالخطر، ومن أفكار ووساوس سلبية، ومخاوف وشعور بالاكتئاب.
علاج نوبات الهلع يجب أن تكون تحت إشراف طبي، وهي تستجيب للعلاج الدوائي خاصة مضادات الاكتئاب مثل (عقار سيبرالكس 5مجم - 20 مجم وبروزاك 20 - 40 مجم وزولوفت 50-100 مجم، وسيروكسات 20-40 مجم)، ويجب زيادة جرعات الدواء تدريجيا، ويبدأ الشعور بالتحسن خلال 2-4 أسابيع ويجب الاستمرار على الدواء لفترة لا تقل عن سنة.
هذا بالإضافة إلى جلسات العلاج النفسي السلوكي، المعرفي (CBT)، ويشمل التثقيف الصحي حول الاضطرابات النفسية من حيث الأسباب والأعراض، وأساليب العلاج المختلفة، واتباع العادات الحياتية الصحية السليمة للنوم، والغذاء، وممارسة الرياضة، والتقليل من استعمال المنبهات، خاصة في الفترة المسائية، والبعد عن التوتر والإجهاد النفسي، والأفكار السلبية، والاهتمام بتنمية المهارات الذاتية، والأنشطة الاجتماعية، لتعزيز الثقة بالنفس، والمواظبة على الشعائر الدينية، والأذكار والدعاء، مما لها من أثر إيجابي على الإحساس بالسكينة والطمأنينة، والهدوء النفسي.
ندعو الله عز وجل أن يتمم شفاءك شفاء تاما لا يغادر سقما.