كيف أنصح الآخرين إذا لم أكن متفقهًا في الدين؟

0 0

السؤال

السلام عليكم

كنت جالسا مع شخص فقلت له: إن جرم إبليس عظيم؛ لأنه علم ما لم يعلم غيره، فقال لي: نعم فهو قد رأى نور الله، -يقصد حجابه- فظللت طول اليوم أفكر في كلمته، وقلت لنفسي يجب علي أن أنصحه في هذا الأمر.

علما بأني أعاني من بعض الوساوس في هذا الأمر، فبحثت عن رقمه، وأرسلت له رسالة أنه لم يثبت دليل صريح على ذلك، فقال لي: يكفي أنه رأى الملائكة وجبريل، وتحدث معهم، يقصد أنه وصل لمرحلة من العلم.

بعد ذلك ظللت أفكر طول اليوم، هل ثبت أن إبليس رأى جبريل والملائكة، وتحدث معهم؟ وأفكر أن أراسل صاحبي مرة أخرى، وأخبره أنه لم يثبت شيء في ذلك.

هل يجوز لي الأخذ بالرخصة في ترك النصح عند وجود مشقة، وحرج واقع علي؟ لأني كلما نصحت أحدهم بشيء يزداد الأمر، وعندما لا أنصح يظل تفكيري مشغولا بأن الله سيعذبني، ولن يوفقني في حياتي؛ لأني تركت النصح.

هل كل مصيبة تصيب الإنسان سببها ذنوبه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير.

الأصل أن النصح والنهي عن المنكر واجب شرعي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم، وقال الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)، وللنصيحة آداب وضوابط موجودة عندنا في موقعنا، ويمكنك الاطلاع عليها.

أما ما حدث بينك وبين صاحبك فهو خلاف كان يمكن تجاوزه بسهولة، إذا رددت الأمر إلى المختصين، ونحن هنا نعطيك جوابا مناسبا يعفيك من الوسوسة، وهو أن تقول له: كلامك جميل، لكن أرجو أن نتأكد من المعلومة من أحد المختصين في الشريعة، حتى لا نقع في محظور شرعي، ثم تجاوز الموضوع إلى غيره.

احذر أن تتعامل مع الوساوس بالعقلية التحليلية التي تجعلك تناقش كل فرعية، وتريد حسمها، هذا يرسخ وجود الوسواس ولا يزيله، فالتعامل الصحيح يكون بتجاهل الوسوسة مع احتقارها.

أخي: ليس واجبا عليك تصحيح كل فكر يخالفك، خاصة إذا لم تكن تعلم على سبيل الجزم الخطأ من عدمه؛ لذا ننصحك في كل الأمور الفكرية -الخاصة بالعقيدة والشريعة- أن تكون لكما مرجعية تتفقان عليها، وهذه المرجعية تعفيك من تلك الوسوسة.

أما مسألة المصائب وأسبابها؛ فاعلم -بارك الله فيك- أنها ليست كلها بسبب العقوبة أو الذنوب، وأما قوله سبحانه: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) الشورى:30، إذ أن الآية مخصوصة بالمجرمين.

أحيانا تقع المصائب والابتلاءات رفعا للدرجات، ويدل على ذلك وقوع الابتلاءات على الأنبياء عليهم السلام، وهم أهل عصمة، ففي الحديث: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل) ويكون ذلك لرفع درجاتهم، أو لحكم أخرى خفيت علينا.

الابتلاء بالمصائب له أسباب متنوعة، وحكم متعددة، وليست عقوبة، ومقابلة على الذنوب والمعاصي فحسب، فقد يكون تمحيصا، وتطهيرا، وتكفيرا للسيئات، وقد تقع المصائب بالعبد رفعة لدرجاته.

نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات