السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي ضيق نفسي، وأصبحت عصبية وحساسة جدا لأي توتر، ولا أستطيع أن أتحكم في انفعالاتي، والدموع تلازمني لأي سبب، فأصبحت لا أطيق الجدال، أو حتى أن أعبر عن رأيي.
والأسوأ أني أصبحت أتمني الموت، والفكرة تلازمني، وأنا أعلم أنه حرام، وأنه من الكبائر، ولكن لا أستطيع حمل نفسي على ترك هذه الأفكار، وخصوصا عندما تغضب أمي علي، وهي كثيرة الغضب لأتفه الأسباب، مثل: عدم تحضير كوب شاي يناسب ذوقها فتبدأ بالشتم واللعن، وأنا لا أكره أمي، فأنا أحترمها، وأقدرها وأعلم أن هناك اختلاف شخصيات، ووجهات نظر، ولكن هذا يزيد من حالتي النفسية.
فكرت أنه من المحتمل أني أحتاج إلى التقرب إلى الله أكثر، فبدأت بحفظ القرآن، والمداومة على قراءته، وعلى أذكار الصباح والمساء، حتى أني اشتركت في مدارس تعلم الشريعة أون لاين، وكنت أستمع إلى الأغاني، وتوقفت عن سماعها ولله الحمد، وهذا لا يعني أني لم أكن قريبة منه، فأنا أحافظ على أداء النوافل في كل صلاة، وصيام النفل قدر الاستطاعة مثل: عاشوراء والست من شوال، وغيرها منذ الصغر والحمد لله، ورغم كل هذا بدأت أشعر بأني منافقة وأن أعمالي رياء، وأن نيتي ليست تقربا إلى الله، ولكن لتحسين نفسيتي، والشعور بأني أفضل!
أرجو المساعدة فنفسيتي محطمة، ولا أريد أن أكون كذلك، فقد اعتدت أن أكون شخصا قويا، ومستقرة نفسيا، ولكن الآن حالي يسوء، ويتدهور، وأريد من ينتشلني من هذه الأفكار.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جهاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، ونحمد الله الكريم الذي رزقك الهداية والاستقامة منذ نعومة أظافرك، ونحمد الله كذلك أن أعانك على ترك الأغاني، وصرف عنك شرها، وهذا من توفيق الله لك.
أما الحديث عن الرياء أو النفاق، لمجرد أن أردت الطاعة لمواجهة تعبك النفسي، فهذا من تلبيس إبليس، يريد أن يحزنك، وأن يصرفك عن الطاعة، بل نقول لك: إن الراحة النفسية التي تتماهى مع التدين والطاعة دليل خير فيك، ودليل على نقاء فطرتك وحسن استقامتك، فلا يخدعنك الشيطان بمثل هذه الحبائل، وكلما تعبت انهضي، وافزعي للصلاة والطاعة، افعلي ذلك، وأنت تتذكرين قول الله تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، وتذكري كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة)، أي إذا أحزنه أمر واشتد عليه فزع إلى الصلاة، فلا مشكلة في الفزع إلى الصلاة لتحقيق السلام النفسي، وهذا من لجوء العبد إلى ربه، والصلاة صلة بين العبد وربه.
الأخت الكريمة: اعلمي أن الشيطان عدو مبين، عداوته ظاهرة وهو يفعل كل ما يمكنه فعله من أجل أن يحزن الإنسان، ومن تلك الوسائل ضيق النفس، وتضخيم الغضب، وصولا إلى العصبية المفرطة التي يتفرع عنها التفكير في الانتحار، أو إيذاء النفس، أو العزلة، وكل هذه من أساليب الشيطان، فاستعيذي بالله منه، واعلمي أن الأفكار السيئة لا تحل بمشاكل مثلها، ولا أكبر منها، بل تحل بثلاثة أمور:
1- الاعتقاد التام بأن المشكلة -وإن كانت ضخمة- إلا أن الوقت يمحوها، فكل مصيبة تكبر، ثم تصغر، وهذا شأن الحياة.
2- تجاهل الأسباب والهدوء عند المشكلة، وعدم الحديث مطلقا، والوضوء والصلاة إن أمكن.
3- تذكر الأجر عند الصبر على المصائب، فما من يصاب به المسلم من أمراض وهموم وأحزان، وكروب ومصائب، وشدائد وخوف وجوع -حتى لو كانت شوكة تصيبه فتؤلمه-، إلا ويكون ذلك كفارة لذنوبه وحطا لخطاياه.
بهذه الثلاثة -أختنا- تقل حدة الغضب، ولا يتضخم معها العصبية.
أمر آخر -أختنا الكريمة- في التعامل مع الوالدة: فقد ذكرت أن هناك اختلافا في وجهات النظر بينكما، وهذا أمر طبيعي، لكن لا يخفاك أن الوالدة في مثل هذا السن عندها من المشاكل والآلام ما لا يخفى على مثلك، ودرجة تحملها للأحداث الطارئة لا تكون كغيرها، وقد ذكرت أن المشاكل تافهة: (كعمل كوب شاي)، فإذا كان الأمر كذلك، فاجتهدي -أختنا- ألا تقعي في المشاكل الصغيرة، وعند الوقوع في المشاكل اجتهدي في إرضائها والاعتذار، حتى لا تدفعيها إلى الشتم أو اللعن، فإن بدأت بالشتم فلا تفكري في الكلام ولا تضخميه، واعتذري لها بأي عذر حتى تهوني أثر الكلام عليك، مع الاجتهاد في إرضائها حبا فيها، وطلبا لمرضاة الله قبل ذلك.
وأخيرا: من الجميل الالتحاق بالدورات الشرعية، ونحثك على الإكثار من صحبة الأخوات الصالحات والحديث معهن، فإن ذلك معين آخر لتجاوز ما أنت فيه.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.