السؤال
لسلام عليكم
لدي صديقة، ولكنها تكذب علي باستمرار بشكل غريب عن أشياء حدثت في يومها، وأنا متأكد أنها غير صحيحة بالنسبة لشخص مثلها، أحاول أن أبين لها أنني أصدقها، ولكنها تخطت المعقول! وأظنها تعلم أني لا أصدقها، رغم ذلك تستمر بالكذب بشكل غريب جدا.
علما أنها تعرضت لصدمة قوية في طفولتها بفقدان شخص عزيز، ما هو التشخيص وكيفية التعامل مع ذلك بدون جرح مشاعرها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نقدر حرصك على مشاعر صديقتك، ورغبتك في مساعدتها برفق، وهذا يدل على حسن خلقك ورغبتك في توجيهها بما فيه الخير.
ونحب أن نجعل جواب سؤالك في محورين رئيسين:
المحور الأول: المحور النفسي.
المحور الثاني: المحور الشرعي.
بخصوص المحور النفسي:
نحن هنا في الموقع لا نشخص الأمراض عن بعد، ولكن نضع بعض الاحتمالات (أشبه ما يكون بالتشخيصات التفريقية)، لغرض التقريب، والحث على الاتجاه للعلاج النفسي الإكلينيكي داخل العيادة.
من خلال وصفك، يبدو أن صديقتك قد تكون تعاني من الكذب المرضي أو ما يعرف بـ"الميثومانيا" (Pseudologia Fantastica)، هذا النوع من الكذب لا يكون بغرض الإيذاء أو الخداع لتحقيق مصالح، بل قد ينبع من حاجة نفسية عميقة، وربما يرتبط بتجربة مؤلمة، مثل الصدمة التي ذكرتها.
الكذب المرضي غالبا يكون مرتبطا بأسباب نفسية مثل:
1- التعرض لصدمات، أو خسارات كبيرة في الطفولة؛ حيث يمكن أن تترك الصدمة أثرا في حاجة الشخص للبحث عن انتباه الآخرين، أو رغبة غير واعية في خلق واقع بديل، خاصة إذا كان الماضي مؤلما.
2- قد تكذب من أجل الظهور بطريقة تجعلها تشعر بالأهمية أو القبول.
3- الكذب قد يكون وسيلة للدفاع عن النفس وتجنب الشعور بالنقص أو عدم القبول.
ومن المهم أن نذكر أن مثل هذه السلوكيات قد تتطلب عناية نفسية إذا كانت تسبب إزعاجا، أو تؤثر على علاقاتها الاجتماعية بشكل مستمر.
أما على صعيد المحور الشرعي:
فالعلاقات بين الذكور والإناث ينبغي ألا تتخطى حدودها الشرعية، فتظل العلاقة في حدود الحاجة إليها، كأن تكون زميلة في العمل، فتبقى علاقة التواصل في الإطار المهني، وفي وقت الدوام فقط، إلا لطارئ يتعلق بالعمل.
وحتى في التواصل من أجل العمل، ينبغي أن يسود هذا التواصل الاحترام، وعدم إبداء أي كلمات أو سلوك من شأنه أن يبعث على الريبة، وعلى المرء أن يتذكر أن لديه ملكين عن يمينه وشماله يحصيان حسناته وسيئاته، وأن الله عليم بذات الصدور، فقد روى البخاري، ومسلم عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه)
ورواه أحمد ولفظه: ( كل ابن آدم له حظه من الزنا، فزنا العينين النظر، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي، وزنا الفم القبل، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك أو يكذبه الفرج ) وصححه محققو المسند على شرط مسلم.
وعليه يمكنك أن ترشدها برفق إلى عرض نفسها على الأخصائي أو الطبيب النفسي، وقد يكون هذا العرض من شخص آخر مقرب لديها، حتى تتقبل مثل هذا العرض.
وفقك الله.