السؤال
السلام عليكم
أنا شاب طالب، التزمت بالصلاة مؤخرا بعد التعمق في الدين، و-الحمد لله- أعانني الله على ذلك، فصرت لا أترك صلاة الفجر، وأحيانا أؤخر بعض الصلوات بحكم أني في آخر سنة دراسية، لكني أجاهد نفسي، وأعلم أنه لا يجوز، وأحاول الالتزام في زمن الفتن، وكل يوم يزداد إيماني أكثر -بفضل الله-.
عندما أتذكر أن أخي الأكبر الشاب لا يصلي ينتابني شعور من الكسل والخوف، وأشعر أن الله لن يرحمه، وأنه غاضب عليه، والدليل على ذلك أنه لا يصلي، ولا يخاف أن يموت على هذا الحال! فأشعر -حينها- أنني لا أريد أن أصلي مرة أخرى، وأتضايق، لأن أخي يمكن أن يكون من أهل النار، وأنا أحبه، حتى وإن دخلت الجنة أنا برحمة الله، فلا يمكنني الشفاعة له، لأني أعرف أن تارك الصلاة كافر، وأنا أحبه، حتى وصلت لمرحلة أن يأتي في بالي أن أدخل معه نار جهنم، حتى لا يدخلها وحده، وأفكر أن أعطيه جميع حسناتي وأعمالي ليدخل الجنة إن أمكن، وأذهب أنا للنار!
قررت تجاهل ذلك، وقلت: سأصلي وأدعو له في كل صلاة أن يهديه الله في الدنيا، ويخفف عنه سكرات الموت، وأنا متيقن أن الله يمكن أن يهديه إن شاء، وإذا مت أنا قبله فأظن أن الله سيهديه حينها، وهذا ما أتيقنه: أنه حين موتي سيلتزم، ويرجع للصلاة.
أخاف أن يأتيه الموت، وأخاف عليه من ظلمة القبر، وأن يعرض على النار، ولا أملك غير الدعاء، علما بأنه أحيانا يصلي صلاة الجمعة، ونادرا جدا ما يصلي أي صلاة.
رأيته مرة قد عثر على المصحف وقد وضعه بطريقة لا تليق به (تحت شيء)، فأخذه وهو غاضب علي من فعل ذلك، فشعرت أن بداخله إيمانا -والحمد لله-، لكن لا أعلم متى سيصلي، وأدعو الله أن لا يقبض روحه إلا وقد هداه، وتاب عليه.
هل هناك شيء أفعله من أجله؟ أريد أن أعرف هل إذا مات شخص موحد، ولا يصلي أو متقطع في الصلاة، هل يمكن أن تشفع له أعمال الخير من صلاة وزكاة؛ بنية أن يغفر الله له؟ هل تتسع رحمة الله لهذا الشخص؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك تواصلك بالموقع، ونهنئك بفضل الله تعالى عليك، وما من به عليك من الهداية والتوفيق للصلاة، ونسأل الله تعالى أن يثبتك على الخير، وأن يهدي أخاك، ويرده إلى الحق ردا جميلا.
نشكر لك ثانيا -أيها الحبيب- حرصك على هداية أخيك، وحبك الخير له، وهذا من الدلائل والعلامات على أنك إنسان خير، ونسأل الله تعالى أن يحقق أمانيك بتوبة أخيك، ورده إلى الخير.
ننبه -أيها الحبيب- إلى أمور نرجو أن تأخذها بعين الاعتبار، وأن تجتهد فيها:
أولا: لا ينبغي أبدا أن تيأس من رحمة الله تعالى في حق نفسك، أو في حق غيرك، فإن الله تعالى وسع كل شيء رحمة، واحذر من مداخل الشيطان التي يحاول أن يوصلك بها لليأس، ويقنطك من رحمة الله تعالى، ليقطعك عن الطريق الموصل إليه، فأحسن ظنك بالله دوما، فقد قال الله في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي).
ثانيا: نوصيك بالاعتناء بالصلاة، والاهتمام بأمرها، والمواظبة عليها، دون تفريط في أي فرض منها، فإن ترك فرض واحد من فرائض الصلاة جريمة كبيرة، وذنب عظيم وهو أعظم الذنوب بعد الكفر بالله تعالى، فاحذر كل الحذر من الكسل الذي يؤدي بك إلى التهاون ببعض الصلوات، واعلم أن ميزان الأعمال هو الصلاة، فإذا صلحت صلحت سائر الأعمال، وإذا فسدت فسدت سائر الأعمال.
ثالثا: كن على ثقة تامة -أيها الحبيب- من أنه إذا جاء يوم الحساب ويوم القيامة، فإنه لن ينفع أحد غيره، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه)، فلن تنفع أنت أخاك، ولن ينفعك أخوك، بمعنى أنه لن يأتي أحد ليعطيك حسناته، ولن ترضى أنت بأن تعطي حسناتك لأحد، فدع عنك هذه الأوهام.
رابعا: احرص كل الحرص على دعوة أخيك إلى الخير، وتذكيره بلقاء الله تعالى، واستعن بكل الوسائل والمؤثرات التي يمكن أن تعينه على ذلك، من الاستعانة بمن له كلمة مقبولة لديه من الأصدقاء والأقارب، أو إسماعه بعض المواعظ، ولو بطريقة غير مباشرة، المواعظ التي تذكر بالنار والجنة، ولقاء الله تعالى، وقد أصبت حين أدركت أن أخاك لا يزال فيه خير كثير حينما أخذته الغيرة على المصحف، وعلى كتاب الله تعالى، وهذا شأن وحال كثير من المسلمين، فيهم خير في قلوبهم، ولكنهم بحاجة إلى تذكير ووعظ، وأخوك واحد من هؤلاء.
اعلم بأنه لا يحكم على إنسان معين بأنه كافر لأنه ترك الصلاة، فإطلاق الحكم على الإنسان بأنه كافر، يحتاج إلى تحقق شروط فيه، وانتفاء موانع من هذا الحكم، ولذلك لا يحكم على الإنسان بالكفر بترك الصلاة عند العلماء الذين يقولون بأنه كافر، إلا بعد تحقق هذه الشروط وانتفاء الموانع، وهذا عمل القاضي، فيدعوه إلى الصلاة، ويخوفه ويهدده بأنه سيقتل إذا لم يصل، فإذا امتنع من الصلاة بعد هذا كله، فإنه يحكم عليه حينها، أو يحكم عليه القاضي حينها بالكفر، أما قبل ذلك فلا، فاحذر من استدراج الشيطان لك إلى إطلاق هذا الحكم، والتعامل مع أخيك بناء عليه.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.