السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو المساعدة، أنا فتاة أحببت شابا قبل أربع سنين، وطلبني من أهلي ورفضوه، فتركنا بعضنا، ثم سافر ليبني حياته، وحين رجع تكلم مع أهلي وقبلوا به لأنهم رأوا أني أريده، وخطبني وصار بيننا عقد، وتعرف أهلي إلى أهله، وبقينا نتحدث مع بعضنا على أساس أنه خاطبي.
انتظرته لمدة سنتين وهو يعدني، واستمر في سفره، يحضر ويسافر إلى البلد، وقبل أن يعود من سفره - ولم يكن بيننا شيء- تركني، وكان من المفترض أن يتم كتب الكتاب، ولكنه كتب كتابه على فتاة أخرى.
حسنا، إذا كان صادقا في خطبتي، فلماذا بعد أن عودني على وجوده في حياتي ضحك علي وعلى أهلي وكسر خاطري؟! فأنا كل يوم أقول: (حسبي الله ونعم الوكيل فيه، الله لا يسامحه)، وأقوم الليل وأدعو عليه، ومن المستحيل أن أسامحه، فهل هذا خطأ؟
الحمد لله أنا فتاة ملتزمة وقريبة من الله، وأقرأ القرآن وأقوم الليل، وهو كان يريد أن يستمر في السيطرة علي.
أنا كنت معه حسب رغبته، فهل أنا ضعيفة شخصية حين استغلني؟ فكلما اقترب موعد زواجي منه كنت أخاف كثيرا، فكنت أقوم الليل وأدعو كثيرا، ودعوت الله واشتقت إليه، وبعد ذلك عرفت أنه خطب فتاة أخرى.
هل يدل ذلك على أن الله أعطاني تنبيهات بأن هذا الشاب إنسان غير مناسب لي؟ وأن الله أبعده عني لأنه أحبني؟ فقد كنت أحسب أن هذا الشاب سيتزوجني ولكنه خطب غيري، وصرت أدعو عليه ولا أريد أن أسامحه.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في الدنيا والآخرة.
لا يخفاك -أيتها الكريمة- طبيعة الحياة التي نعيشها، وأنها مجبولة على البلاء والكدر، مقرونة بالتعب والنصب، فليس فينا منعم من كل وجه، ولا مبتلى من كل طريق، بل تتنوع حياة الإنسان بين فرح وسرور، وهم وحزن، ليعلم الله الصادق من الدعي والمؤمن من المنافق.
البلاء -أيتها الكريمة- لا يقع إلا لحكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها، فالجهل بالحكمة لا ينفي وجودها، بل قد تمر السنوات ليكتشف المرء بعدها تلك الحكمة أو بعضها، فيحمد الله الكريم على ذلك.
الأخت الفاضلة: المؤمن من بين الخلق هو من يعلم قطعا أن الله لا يريد له إلا الخير، وأن ما هو فيه هو الخير له قطعا عند الصبر، ويؤمن أنه قد يتمنى الشر لنفسه يظنه خيرا، ولا يدري، وقد يبتعد عن الخير عمدا، وهو لا يعلم أنه الخير، وهذا بعض الشيء قول الله تعالى: ﴿وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم﴾ [البقرة: 216].
كوني على يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائما، وهو الخير لك، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح بالك، وتهدأ نفسيتك، ولعل الله الكريم قد ادخر لك ما هو خير، وأفضل بعد هذه النازلة.
ولرب نازلة يضيق بها الفتى *** ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكان يظنها لا تفرج
الأخت الفاضلة: لقد صرف الله عنك هذا الشاب لحكمة، ولو اطلعت على ما يأتينا من شكاوى الأخوات بعد الزواج من غير الأكفاء، وكيف هو صراخهن المكتوم، وجرحهن المكلوم، بل وكيف يتمنين أن لو كن في بيوت أهليهن، ولم يقعن في مثل هذا الزواج الذي دمر حياتهن؛ لعلمت أن الله أراد بك الخير، إذا ما صبرت واحتسبت، وأريت الله من نفسك خيرا.
سلمي الأمر لله، وقولي: (الحمد لله على السراء والضراء، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله في الأولى والآخرة، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، اللهم عوضني خيرا مما فقدت)، وثقي أن الله سيعوضك الخير، المهم ألا تتعجلي ولا تقنطي من رحمة الله.
نسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح الذي يكون لك معبرا إلى الجنة، إنه جواد كريم، والله الموفق.