قمت بواجباتي تجاه أهلي ولكنهم تنكروا لي، فماذا أفعل؟

0 12

السؤال

السلام عليكم

أنا سيدة متزوجة، قضيت حياتي في خدمة أهلي، كنت أستجيب لدعواتهم وأقوم بحراسة البيت، وأستقبل الضيوف، كنت راضية ومعتقدة أن حب الأهل هو الصحيح، حتى إنني أهملت زوجي وأولادي.

الآن، الكل تنكر لي، ولديهم خصوصياتهم، وأنا كل شيء أحكيه، كنت أحبهم حبا أعمى، ولكن صارت المصالح هي كل شيء، وتغير البيت كله إلى نميمة ونفاق، أشعر أن صلة الرحم قد انتهت، وضميري يؤنبني، وأشعر أنني ضيعت زوجي وأولادي، مع العلم أنني أستحيي حتى الآن ولا أستطيع مواجهتهم، ولا أحب أن أجرح أحدا منهم، في نفس الوقت، قلبي هرب منهم جميعا.

أشعر أن شخصيتي ضعيفة ولا أملك قرارات؛ لأن الكل كان يتدخل في حياتي، أرجوكم انصحوني ماذا أفعل؟ هل أقاطعهم أم أصير مثلهم وأمارس النميمة والنفاق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Foudili حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك لك في حياتك، وأن يعينك على تحقيق التوازن في علاقاتك الاجتماعية.

أختي الفاضلة: الإنسان في مسيرة حياته الاجتماعية يلتقي بأصناف مختلفة من البشر، تتباين طباعهم وعقولهم، وبالتالي تختلف ردود أفعالهم تجاهنا، وهذا أمر طبيعي جدا، فليس من الواقعي أن ننتظر من الجميع الإحسان إلينا، أو تمني الخير لنا دائما؛ فوجود بعض المنغصات والمشاكل وسوء الفهم، جزء من العلاقات الإنسانية، فتوقعي ذلك؛ حتى لا تؤثري على نفسيتك وسعادتك في الحياة.

لكن -أختي الفاضلة- ما تحتاجينه في الحقيقة هو حسن إدارة هذه العلاقات، وهو فن يكتسب بالتعلم والممارسة، وفيما يلي أهم القواعد التي تساعدك على النجاح في تحسين هذه العلاقات:

أولا: تحقيق التوازن، فالتوازن والعدل هما أساس النجاح في أي علاقة، ولتحقيق ذلك، يجب أن تفرقي بين الحقوق الواجبة والمستحبة، وأن تعطي لكل طرف حقه دون إفراط أو تفريط، فلا ينبغي أن تبذلي كل وقتك وجهدك للآخرين وتهملي نفسك، فالتضحية المستمرة دون مقابل؛ قد تؤدي إلى الشعور بالإحباط وعدم الرضا.

ثانيا: تحديد الأولويات، رتبي أولوياتك بوضوح؛ حتى تكون علاقاتك الاجتماعية مركزة ومثمرة، على سبيل المثال: صلة الأرحام القريبة واجبة، بينما العلاقة مع الأرحام البعيدين قد تكون أقل أهمية، معرفة الأولويات تتيح لك توزيع وقتك وجهدك بشكل يحقق التوازن المطلوب دون تشتت.

ثالثا: الاعتدال والتوسط، فالعلاقات الاجتماعية يجب أن تبقى في حدود الاعتدال، فلا تجعليها تستهلك كل طاقتك على حساب نفسك أو أسرتك، تذكري أنك تتعاملين مع الله أولا وأخيرا، فلا تنتظري دائما المقابل من الناس، في الوقت نفسه، لا تترددي في الاهتمام بنفسك وأسرتك ووالديك، فهم أولى بالعناية والاهتمام من غيرهم.

رابعا: بناء الذات، اجعلي جزءا من يومك مخصصا للأنشطة التي تطور شخصيتك وترتقي بروحك وعقلك، حين تعيشين شعور الإنجاز والنجاح، ستصبحين أكثر قدرة على العطاء للآخرين، دون أن تشعري بالتعب أو الفقدان.

خامسا: الحوار والنقاش، الحوار هو مفتاح لحل العديد من المشاكل، اختاري الوقت المناسب لمناقشة ما يزعجك مع أرحامك بهدوء وحكمة، دون إثارة حساسيات، أو مشكلات إضافية، أحيانا قد يكون التفاهم معهم وسيلة لإعادة العلاقة إلى مسارها الصحيح، وإزالة سوء الفهم.

سادسا: الصبر والإحسان، تذكري أن الصبر على أذى الأرحام أحيانا ضرورة، كما علمنا النبي ﷺ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- (أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال النبي ﷺ :(لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)، رواه مسلم.

وهذا يعني أن صلتك للرحم ليست مكافأة لهم، بل هي عبادة تبتغين بها مرضاة الله، قال النبي ﷺ :(ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) رواه البخاري.

أختي الفاضلة: لا ننصحك أبدا بمقاطعة أرحامك، فقد حذر الإسلام من ذلك بشدة، وجعلها من الكبائر، قال الله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)، وقال النبي ﷺ "الرحم معلقة بالعرش تقول: (من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله) رواه البخاري ومسلم، لذلك لا تقابلي الإساءة بالإساءة، بل رديها بالإحسان، وثقي أن الله سيعوضك خيرا.

أختي الكريمة: اجعلي رضا الله هدفك الأول واجتهدي في الدعاء لله أن يصلح أمورك وعلاقاتك بأرحامك، اسأليه التوفيق في بناء علاقة متزنة ومثمرة، واجعلي رضا الله نصب عينيك دائما، ولا تهتمي برضى الناس؛ لأن ذلك سيتعب نفسك ، وتذكري دائما قول الله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا).

نسأل الله أن يعينك، ويوفقك، وييسر أمرك.

مواد ذات صلة

الاستشارات