محتارة بين الذهاب لخالتي أو الذهاب للمسجد لحفظ القرآن!

0 7

السؤال

السلام عليكم.

أنا في حيرة من أمري بخصوص طريقة حفظ القرآن المثلى.

فقد ابتدأت بحفظ القرآن وأنا صغيرة عن طريق خالتي، وبعدها انقطعت لعدة أسباب، كان أحدها أنها تتدخل نوعا ما في التوجيه التربوي لي، الأمر الذي لم يفضله والدي، وبعدها -منذ عامين- ذهبت لحفظ القرآن في المسجد، ومن ثم انتقلت لحفظه عند خالتي مرة أخرى، وقد انقطعت منذ حوالي عدة أشهر بسبب انشغالي الكبير في أمور لها علاقة بالدراسة، إلى جانب العمل.

والآن وبعد تفرغي خف الضغط قليلا، وأود العودة لحفظ القرآن، ولكنني محتارة في المكان، فمن ناحية أجد أن والدتي لا تحبذ كثيرا ذهابي إلى خالتي لنوع من الحساسية بينهما.

ومن ناحية أخرى، أجد أن ذهابي إلى المسجد قد يحفزني للحفظ أكثر؛ لوجود أقران أستطيع التنافس معهم، وفي نفس الوقت أفكر في الذهاب لخالتي كنوع من صلة الرحم، وقد يخفف الحساسية بين أمي وخالتي، وانعزالها عن باقي أفراد العائلة، ولكنني أجد والدتي لا تحبذ ذهابي إلى خالتي، ولا أرغب في معارضتها، وبنفس الوقت في حال علمت خالتي بذهابي إلى المسجد بدلا من استكمالي لحفظ القرآن عندها قد يسبب ذلك مشكلة أخرى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صبا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مشكلتك تتطلب النظر في عدة جوانب: روحية، عائلية، وعملية. وحفظ القرآن هو مشروع عظيم، يحتاج إلى بيئة مناسبة تضمن التركيز والاستمرارية، ولكن أيضا إلى حسن إدارة العلاقات المحيطة.

دعينا نحلل الخيارات:

أولا: ذهابك إلى المسجد، فيه ميزة وجود صديقات يحفزنك على الحفظ والمنافسة بطريقة إيجابية، وتقليل التوتر الناتج عن العلاقات العائلية الحساسة، وفي المقابل هناك تحد قد يؤدي إلى شعور خالتك بالإهمال أو عدم التقدير؛ مما يزيد من الحساسيات العائلية.

ثانيا: ذهابك إلى خالتك فيه تعزيز صلة الرحم، ومحاولة تخفيف الحساسية بينها وبين الأسرة، وبالمقابل هناك تحد يتمثل في احتمال معارضة والدتك لهذا الخيار وشعورها بعدم الراحة.

ثالثا: كيف نوازن بين الخيارين؟

يمكن التفكير في جدولة مرنة تجمع بين الذهاب إلى المسجد وخالتك بطريقة متوازنة، كما يمكن إيجاد بديل آخر مثل:
حفظ القرآن بشكل مستقل، مع الاستعانة بمحفظة أو تطبيقات تعليمية؛ مما قد يحل المشكلة جذريا دون التسبب في أي حساسية.

لنقسم الحل إلى خطوات عملية:
- ابدئي بتقييم ذاتك: هل تعتمدين بشكل كبير على التوجيه الجماعي (مثل المسجد) لتحفيزك، أم يمكنك الحفظ بشكل فردي بكفاءة؟

- تحدثي مع والدتك بشكل مباشر، وأخبريها برغبتك الصادقة في استئناف الحفظ، واستمعي لرأيها باحترام، ووضحي لها أن اختيارك يهدف فقط إلى تحسين قدرتك على الحفظ دون تفضيل طرف على آخر.

- إذا شعرت أن والدتك غير مرتاحة للذهاب إلى خالتك، فجربي طرح خيار الدمج؛ الذهاب إلى خالتك يوما واحدا أسبوعيا كصلة رحم، وحفظ بقية الأيام في المسجد.

- قابلي خالتك بهدية صغيرة، واعتذري بطريقة لطيفة عن انقطاعك السابق، واشرحي لها أهمية التنافس الجماعي بالنسبة لك، مع تأكيد أنك ستظلين تتواصلين معها بشكل دوري.

- اختبري الذهاب إلى المسجد لمدة شهر، وقارني بين كفاءتك في الحفظ هناك، وموقف العائلة تجاه هذا الخيار.

- احرصي على صلة الرحم بوسائل أخرى، مثل: زيارات قصيرة، أو مكالمات هاتفية مع خالتك لتخفيف التوتر العائلي.

- إذا شعرت أن التوتر يتصاعد بين والدتك وخالتك، ففكري في خيار حفظ القرآن بمفردك، مع متابعة أسبوعية عبر تطبيقات تعليمية، أو مع محفظة مستقلة.

بناء على ما سبق، يبدو أن المسجد يوفر بيئة تعليمية، محايدة، ومشجعة، ولكن التوازن بين العلاقات العائلية هو مفتاح الحل، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" (رواه البخاري)، وهذا الحديث يوضح الخيرية التي ينبغي أن يتنافس عليها الناس، وهي تعلم كتاب الله تعالى.

الجمع بين حفظ القرآن وصلة الرحم هو طريق لتحقيق البركة والتوفيق، ويمكن استثمار الوقت بعناية لتحقيق الأمرين معا؛ لأن كليهما يجلب رضا الله، ويوصل العبد إلى درجات عالية في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿إن ٱلذین یتۡلون كتـٰب ٱلله وأقاموا۟ ٱلصلوٰة وأنفقوا۟ مما رزقۡنـٰهمۡ سرࣰا وعلانیةࣰ یرۡجون تجـٰرةࣰ لن تبور﴾ [فاطر ٢٩].

نسأل الله تعالى أن يجمع لك بين الأجرين، وأن يوفقك في الدارين.

مواد ذات صلة

الاستشارات