السؤال
السلام عليكم
أنا عندي سؤال، وأرجو أن تجيبوني عليه، والله يجزيكم خيرا.
كنت أدعو رب العالمين بأمر معين، ظللت أدعو ثلاث سنين، وأنا عندي يقين تام أنه سيستجاب لي، وأدعو في قيام الليل، وفي أيام شهر رمضان، ويوم عرفة، وغير ذلك، أدعو بكل خشوع، والتزمت بسورة البقرة أقرؤها يوميا، وأدعو رب العالمين ليستجيب لي، والتزمت بسورة يس.
كان عندي يقين تام أن الله استجاب، ولكن تعسرت أموري، وأستمر بالدعاء، وأقول: (إن مع العسر يسرا)، وتتعسر أموري أكثر، وأقول لنفسي: إن الله له حكمة، وسييسر لي أمري لينظر كيف أصبر، وأدعو أكثر.
في النهاية خاطبي الذي أدعو الله أن ييسره لي صار ليس لي، وذهب وخطب فتاة أخرى، فهل الله يضعف إيمان عبده به؟ وهل دعائي وصبري ويقيني تام بأن الله استجاب لي، هل الله بالفعل لم يستجب لي؟ رغم أن الشاب خطب فقط، وما زلت أشعر أنه سيكون من نصيبي.
أشعر أن الله سيجعله من نصيبي، فهل الله يهيئ لي الأسباب؟ وهل تفكيري هذا صحيح؟ وهل من العدل أن يكون في نهاية القصة: الشاب في هناء وأنا أتجرع صبري، وأكون مكسورة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويجبر خاطرك، ويقدر لك ما فيه سعادتك.
نحن ندعوك -ابنتنا العزيزة- إلى أن تحسني ظنك بالله تعالى، وأنه رحيم بك، وأنه أرحم بك من نفسك، ومع هذه الرحمة هو أعلم بمصالحك، وأن أي حرمان أو مصيبة فإنما ذلك مقدر من الله تعالى عليك، بسبب عملك أنت، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك).
إذا تعاملت مع نفسك بهذه النظرة، فإن هذا سيدعوك إلى محاسبة نفسك ومعرفة أسباب التقصير، وتحسنين العلاقة بالله تعالى، وحينها سيفتح الله تعالى على قلبك أنواعا كثيرة من الخيرات والمسرات، فليس بالضرورة أن تكون سعادتك في أن ترتبطي بهذا الشاب وتتزوجي به، فهذا وهم، فما يدريك أن الزواج به هو السعادة وهو الخير؟! هذا ظنك أنت، لكن الله تعالى أعلم بمصلحتك منك، وقد قال الله في كتابه الكريم: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم أنتم لا تعلمون).
نحن ندعوك -ابنتنا الكريمة- إلى اتخاذ التدابير والخطوات النافعة التي تعود على قلبك بالسعادة والطمأنينة، وتعود على حياتك بالإصلاح والإنجاز.
أول هذه الخطوات: أن تتوبي إلى الله تعالى توبة من جميع ذنوبك وخطاياك، فكلنا يخطئ ويذنب، وربما يخطئ بعضنا وهو لا يدري أنه أخطأ، فحاسبي نفسك على فرائض الله تعالى عليك، فرائض الأوامر التي أمر بها مثل الصلاة، والحجاب، وصدق الحديث، وبر الوالدين، وصلة الرحم، ونحو ذلك من الفرائض التي كلفنا الله بها، والفرائض التي كلفنا فيها بالامتناع، فهذه أول الخطوات التي ينبغي أن تتخذيها لإصلاح أحوالك، وإعادة ترتيب أوراقك.
ثم اعلمي يقينا أن الله تعالى سيقدر لك ما فيه الخير، فلا تشترطي على الله تعالى، بل فوضي أمورك إلى الله، واسأليه وأكثري من دعائه وأنت تحسنين الظن به، فلا تشترطي عليه، فإذا لم يجبك بنفس الشيء الذي طلبته فربما أخره عنك إلى زمن، وربما علم شيئا أنت لا تعلمينه، وتعاملك مع الدعاء بهذه النظرة سيورثك السعادة، وسيطرد عنك كثيرا من الهموم والأحزان، حينما تكونين مدركة أن الله تعالى رحيم بك، وهو قادر على أن يعطيك ما فيه سعادتك، لا يعجزه شيء، وهو مع ذلك غني، جواد كريم، فأنت لا تسألينه شيئا يعجز عنه أو يبخل به، ولكنه سبحانه وتعالى يعلم مصلحتك بشكل أفضل وأتم وأكمل، ففوضي أمورك إلى الله تعالى، وأحسني ظنك به، واعلمي أنه سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين وخير الحاكمين.
واعلمي أن استجابة الدعاء لا تقتصر على تعجيل المطلوب، بل قد يدفع بها بلاء، أو تدخر لصاحبها في الآخرة؛ فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذن نكثر. قال: الله أكثر حسنه الألباني.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الأمور، ويقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.