السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متخرجة من الثانوية منذ أربع سنوات تقريبا، وهذه سنتي الثالثة في الجامعة.
مشكلتي هي أن درجاتي كانت عالية، وكنت من المتفوقين -ولله الحمد-، لكن منذ أن دخلت الجامعة لا أدري ماذا حصل!
مشكلتي هي أنني لا أذاكر أصلا، كلما حاولت المذاكرة أفعل أي شيء آخر، وكل فصل دراسي جديد أعاهد نفسي بأنني لن أفعل هذا الشيء، وأن أذاكر لأعوض النقص الذي حصل في الفصول الدراسية الماضية، لكن لا فائدة! يحدث نفس الحدث تماما.
جربت في الفصل الماضي أن أحافظ على السنن، وأبدأ بالرقية على نفسي، ووقتها شهدت تحسنا لأول مرة خلال مسيرتي الجامعية، فقد ارتفعت درجاتي بشكل ملحوظ جدا، ولكن ما إن تركت الرقية إلا وانتكست مرة أخرى!
عدت الآن للرقية، لكني لا أدري ما الحل! هل من إرشاد لمشكلتي هذه؟
قابلت أخصائية نفسية، وقالت: إني سليمة تماما، لكنها سألتني سؤالا غريبا فجأة، قالت: هل تشعرين أنك محسودة؟ ومن وقتها وأنا أوسوس بهذا الأمر!
أفيدوني جزاكم الله خيرا، تعبت جدا، وتحطمت من درجاتي وحالتي الدراسية، علما أني أدرس الهندسة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Anon حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة-، ونسأل الله أن يفرج همك وييسر أمرك.
نقدر جدا مشاعرك وإحباطك، ونحيي فيك حرصك على تطوير نفسك، والبحث عن حل لهذه المشكلة، دعينا نفصل هذه المشكلة ونتناولها من عدة جوانب نفسية، تنظيمية، وإيمانية.
أولا: الجانب النفسي:
1. المماطلة والتهرب (Procrastination): قد يكون لديك شعور داخلي بالخوف من الفشل، أو الإحباط بسبب التحديات الدراسية في الهندسة؛ مما يدفعك إلى التهرب من المذاكرة، هذا ليس دليلا على ضعفك، بل هو رد فعل بشري طبيعي.
2. جربي تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء صغيرة، وابدئي بخطوات بسيطة جدا (مثلا، قراءة صفحة واحدة، أو حل مسألة صغيرة)، مما يسهل كسر حاجز التهرب.
3. استخدمي تقنية "بومودورو"، حيث تذاكرين لمدة 25 دقيقة ثم تأخذين استراحة قصيرة، هذا يساعد على تحسين التركيز، وتقليل الشعور بالإرهاق.
4. الانتقال من التفوق في المدرسة إلى تحديات الجامعة قد يصاحبه شعور بفقدان التميز، لكن تذكري أن الجامعة مرحلة تعلم ونمو، وليست فقط مرحلة للحصول على درجات عالية، النجاح الحقيقي هو اكتساب المهارات والمعرفة.
5. حديث الأخصائية قد أثار داخلك وساوس لا داعي لها، بينما لا يمكننا إنكار تأثير الحسد، فإنه ليس العائق الوحيد، الوسوسة قد تؤدي إلى تركيز زائد على أمور غير ملموسة بدلا من معالجة المشكلة الأساسية.
ثانيا: الجانب الإيماني:
1. استمرارك في الرقية أمر جيد، لكن اجعليها جزءا من حياتك اليومية دون أن تشغلك عن أداء واجباتك، بإمكانك قراءة سورة البقرة، وأذكار الصباح والمساء، والدعاء بانتظام، قال النبي ﷺ: "من قرأ سورة البقرة في بيته لم يدخله شيطان"، فحافظي عليها.
2. أكثري من دعاء الله أن يوفقك ويسدد خطاك، فهو خير معين، قال الله تعالى: "ادعوني أستجب لكم".
3. جددي نيتك بأن يكون طلبك للعلم عبادة وقربة لله، وفي الحديث: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة).
ثالثا: الجانب العملي:
1. حددي جدولا يوميا يتضمن وقتا مخصصا للمذاكرة.
2. استخدمي تطبيقات تنظيم الوقت، مثل Notion، أو Google Calendar لتقسيم المهام.
3. تأكدي من أن مكان المذاكرة مناسب، بعيد عن الملهيات.
4. عندما تنجزين جزءا من المذاكرة، كافئي نفسك بشيء تحبينه، (مثل تناول وجبة خفيفة، أو مشاهدة برنامج مفضل).
5. استعيني بزميلاتك أو مدرسيك في المواد التي تجدين صعوبة فيها.
6. إذا أخفقت في الماضي، سامحي نفسك، ابدئي من جديد دون حمل عبء الفصول السابقة.
7. لا تضغطي على نفسك، حددي هدفا بسيطا لكل يوم.
مما يروى عن السلف "إن هذه النفس إذا أرغمت على طاعة الله ساقت صاحبها إلى الخير".
تلخيص ما سبق:
• استمري في الرقية الشرعية، لكن لا تدعي الوساوس تسيطر عليك.
• رتبي وقتك، واستخدمي أساليب عملية للتغلب على التهرب من الدراسة.
• ركزي على تحسين علاقتك بالله لتجدي راحة القلب والقوة النفسية.
نسأل الله أن يوفقك في دراستك ويرفع عنك كل هم.