السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة منذ عامين، وقد اكتشفت أن زوجي عنده مشكلة كبيرة في الإنجاب من حيث ندرة الحيوانات المنوية والضعف الشديد للحركة، وقد قمنا بإجراء عملية الحقن المجهري منذ عام ولم تنجح، وعندما حاولنا تكرراها منذ شهر قام زوجي بإعادة التحليل للسائل المنوي ولكنه وجد أنه خال تماما من الحيوانات المنوية، ولا أعرف كيف! وعند مراجعة الدكتور طلب مني إعادة التحليل ونحن في انتظار النتيجة، ولكنه قال لنا أن هناك حلا آخر وهو محاولة أخذ السائل من الخصية.
أنا طبعا قلقة جدا والمشكلة أنني متعلقة جدا بالأطفال ولا أتصور العيش بدونهم، وأفكر فعليا إذا لم أستطع الإنجاب أن أنفصل؛ لأنني تعيسة جدا وأشعر باكتئاب شديد!
إنني أود أن أعرف هل أنا خاطئة إذا تركت زوجي لهذا السبب؟ وأنا أعرف أنه ليس له ذنب في ذلك وكان من الممكن أن يكون السبب من عندي، فهل سيحاسبني الله على ذلك وربما أفشل في باقي حياتي أم ماذا؟
مع العلم أنني عندما تزوجته كان يعاني من مرض السكر، ورغم ذلك لم أتردد في هذا السبب، وكذلك أنا أعاني من مشاكل كثيرة أخرى معه، مثل ضعف إمكانياته واعتماده على أهله وسلبيته، رغم أنه إنسان طيب جدا ولكني أحس أنه ضعيف ولا يستطيع أن يتحمل مسئوليتي وحده، وخاصة أن عمله مع والده وهو المتحكم في مادياتنا واعتماده عليه في إجراء العملية؛ لذا فأنا أشعر أنني تحت رحمتهم في كل شيء وهذا الأمر يضايقني جدا! ومع ذلك فأهل زوجي يأخذون الموضوع ببساطة لعدم رغبتهم في دفع الأموال، رغم أنه الولد الوحيد لديهم! ويشعرون أننا متسرعان رغم علمهم بأبعاد مشكلة ابنهم وأن حالته تسوء!
فهل أصبر وأكرر المحاولة؟ أم أنفصل حتى لا أندم بعد فوات الأوان؟ فلو كان عندي طفل ربما صبرت على كل مشاكلي الأخرى؛ لأن رغبة الأمومة عندي شديدة جدا!
آسفة للإطالة وأرجو السرعة في الرد، ولكم جزيل الشكر!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نونا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنحن لا ننصحك بفراق هذا الزوج إذا كان صاحب دين ويقوم بواجباته على أكمل وجه، ونتمنى أن تواصلوا العلاج، وأبشروا فإن الطب في تطور مستمر، والأمر لله من قبل ومن بعد، فسبحان من: ((يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما))[الشورى:49-50].
ونحن نتمنى أن تحافظي على مشاعر الزوج، ونعتقد أن هذا مما يساعد في العلاج، فإن الجوانب النفسية لها ارتباطها الوثيق بالأمراض العضوية وبخلايا الجسد، كما أن مدة السنتين غير كافية ولم تصلوا بمحاولات العلاج إلى نهايتها.
واعلمي أن سعادة المؤمنة في رضاها بالأقدار، ومن خوفها من الواحد القهار، وفي محافظتها على عقيدتها وصلاتها والأذكار، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
وليست العبرة في مجيء الأولاد، ولكن السعادة في صلاحهم وصلاتهم وإخلاصهم لربهم، وقد ذكر العلماء قصة رجل ظل يبحث عن الولد فلما رزقه الله به وخرج الولد عاقا، لم تكن للوالد أمنية إلا أن يموت ولده العاق الذي جلب له العار، حتى تعلق بأستار الكعبة وسأل الله أن يأخذ الولد ليستريح.
وإذا كنت قد صبرت على مرضه، فأرجو أن تواصلي مشوار الصبر، فإن العاقبة للصابرين، وأشغلي نفسه بما يرضي الله رب العالمين، وتوجهي لمن يجيب دعوة المضطرين، وأشغلي نفسك وزوجك بكثرة الاستغفار؛ فإن الله يقول في كتابه: ((فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا))[نوح:10-12].
وكان السلف إذا أرادوا الولد استغفروا الله، وأرجو أن تكثروا وتخلصوا في الدعاء، فإن نبي الله زكريا توجه إلى ربه ونقل القرآن ابتهاله؛ قال تعالى عنه: ((هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء))[آل عمران:38]، وقال تعالى: ((فهب لي من لدنك وليا * يرثني...))[مريم:5-6]، وقال على لسان خليله إبراهيم: ((رب هب لي من الصالحين))[الصافات:100].
ونحن نوصيك بتقوى الله والصبر، وننصحكم بتكرار المحاولات، ونتمنى أن تقابلي هذا الابتلاء بالصبر والرضى والذكر والدعاء، وأحسني للمحتاجين والفقراء ليكون في حاجتك رب الأرض والسماء.
والله الموفق.