توجيه لمن يريد السفر إلى زوجته الثانية وأهله يمنعونه

0 447

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على ما تقومونه من مساعدة الناس والرد على أسئلتهم، جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم.

سؤالي: أنا شخص متزوج منذ 10 سنوات، وعندي أربعة أطفال والحمد لله، وأعيش حياة طبيعية ولله الحمد، ولكن مرت علي ظروف قاسية جدا، وكنت أعاني من اكتئاب ووسواس قهري أتعبني كثيرا، وكنت أحاول الهروب منه بأي طريقة؛ حيث أني قد عانيت من هذا المرض أكثر من 7 سنوات تقريبا ولكني لزمت الصمت ولم أخبر أحدا، وكنت خلالها أراجع دكتورا نفسيا وأحاول علاج نفسي بنفسي، ولكن كانت الظروف أقوى مني.

لقد عانيت كثيرا من الاكتئاب وفي هذا الوقت قررت السفر، وفي سفري تعرفت على فتاة ذات خلق ودين وأحببتها وتزوجت بها، وذلك بعد موافقة أمي وأبي وإخوتي وكلهم راضون عن هذا الموضوع وحاولوا مساعدتي، والحمد لله تم كل شيء على ما يرام.

وعند عودتي للبلاد حاولت أن أخبر زوجتي الأولى بكل الطرق، ولكني لم أستطع ذلك؛ لأن النظام لا يسمح لي بذلك، حيث أني متزوج وعندي أطفال، والنظام لا يسمح لي بالزواج من الخارج.

رضيت بالمكتوب وقررت أن أسافر لزوجتي الثانية من حين إلى آخر، يعني بعد شهرين أو ثلاثة أشهر حتى أجد حلا وأحضرها للسعودية، وحتى هي رضيت بهذا الشيء، وهنا بدأت المشكلة! فعند رابع سفرة لي بدأت المضايقات من كل جهة، فأمي تمنعني من جهة، وأبي من جهة، وزوجتي الأولى علمت بالموضوع وأصبحت تضغط علي من كل جهة، من الأولاد، من العمل، من كل مكان.

إنني أحاول أن أجد حلا وأزور زوجتي الثانية بأي طريقة، ولكني لا أستطيع السفر وهم غير راضين عني؛ خاصة أمي وأبي، ولا أدري لماذا تغيروا هكذا، مع أنهم كانوا موافقين، حتى أن حالتي النفسية بعد زواجي تحسنت، ولكن الآن أصبحت أعاني من الاكتئاب بشكل كبير ولا أستطيع عمل أي شيء، غير أني أفكر كيف أستطيع أخذ الموافقة منهم، والسماح لي بالسفر.

إن هذا الأمر ليس صعبا علي؛ فأنا أستطيع السفر ولكن لا أريد أن أسافر وهم غاضبون علي؛ فأنا شخص حساس جدا، وحتى لو سافرت يكون بالي مشغولا بهم وأحس بالذنب، لا أدري ماذا أفعل! والله إن حالتي النفسية أصبحت سيئة جدا جدا.

أفكر في زوجتي الثانية طوال الوقت، حتى أنني حينما أتصل بها تقول لي: غريبة هذه المرة؛ فقد تأخرت كثيرا أكثر من 6 أشهر، فأقول لها أن ظروف العمل والحالة المادية صعبة، وأتحجج بأي شيء.

والله العظيم إنها فتاة تستاهل كل خير، وأهلها أيضا ناس طيبون، وأحس بأني مقصر في حقها كثيرا، فأرشدوني ماذا أفعل؟ أرجوكم أعطوني الرأي السديد، بارك الله فيكم، ونفع بعلمكم الإسلام والمسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أسعدني حرصك على إرضاء والديك قبل سفرك، ونسأل الله أن يسهل أمرنا وأمرك، ومرحبا بك في موقعك وبين آبائك وإخوانك، وكما نسأله تبارك وتعالى أن يرزقك الصبر، وأن يبارك لك في أهلك ويبارك لهم فيك.

وأرجو أن نبحث عن سبب تغير الوالدين، فربما شعروا بالتقصير في حقهم بعد زواجك من الثانية، وربما أرادوا أن يجاملوا زوجتك الأولى، وربما وربما .. وإذا عرف السبب بطل العجب وسهل إصلاح العطب.

أما بالنسبة لزوجتك الأولى والتي هي أم عيالك، فأعطها حقها من الإكرام والتقدير، ولا بأس من إكرامها بشيء ثم ذكرها بحق أختها الثانية في زوجها، وبين لها أسباب لجوئك للزواج من ثانية، وأن هذا الذي فعلته مما أباحته شريعة الله.

أما زوجتك التي في الخارج، فتلطف معها وأحسن لها الاعتذار، ولا تخبرها بمعارضة أحد لسفرك، وإذا كان بالإمكان المجيء بها للعمرة مع محرم لها حتى تقصر مدة بعدك عنها، وإذا لم يتيسر هذا فيمكن أن يأتي بها محرمها إلى أي بلد مجاور، وعند ذلك يمكن أن تسافر بسهولة وتقابل زوجتك، حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا، وطالما أن زوجتك راضية بالمجيء لها بين الفينة والأخرى، فالحرج الشرعي مرفوع.

وأرجو أن تهتم بصحتك، وتكثر من ذكر الله والاستغفار، ومن قول لا حول ولا قوة إلا بالله، وهي كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أكثر من الاستعانة بالله العلي الأعلى القادر القاهر سبحانه، وكلما شعرت بالضيق فعليك بذكر الله وتلاوة كتابه المجيد، وأرجو أن تتفهم زوجتك الأنظمة الموضوعة، والتي نحسب أن أولياء الأمر لم يضعوها إلا لمصلحة، فإذا ترك الباب للشباب أن يتزوج من أي مكان فمن لبناتنا العفيفات الطاهرات، وكم تمنينا أن يكون لولاة الأمور مواقف ترضي ربنا الغفور في شأن العوانس في البيوت، وذلك بإعانة الشباب على الحلال، خاصة ونحن نتقلب في نعم الكريم المتعال.

وأرجو أن تجتهد في إرضاء والديك وتزيد في برك لهما، فإن عجزت فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإن عدم رضاهم لا يبيح لك التقصير في حق زوجتك التي أخذتها على كتاب الله وسنة نبيه، والشريعة تأمرك بالإحسان لوالديك، وتأمرك بإعطاء كل من زوجتيك حقها حسب استطاعتك، فإن الله سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها، وليس لك ظلم إحداهما لترضى الأخرى، وقدم طاعة الله وواظب على ذكره وتلاوة كتابه، فإن الطمأنينة لا تنال إلا بذكره والإيمان به قال تعالى: ((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب))[الرعد:28] كما أن السعادة الحقة لا تنال إلا بتقواه وعبادته.

وهذه وصيتنا لك، فكن مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، واعلم بأن الله بشر المتقين بتيسير أمورهم وبإزالة همومهم فقال سبحانه: ((ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا))[الطلاق:4]،
((ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب))[الطلاق:2-3].

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات