السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لن أطيل عليكم في رسالتي، إنني أشعر بالاكتئاب والأسى الشديد علي نفسي؛ حيث يتقدم إلي الكثيرون، ولكني والله ما قصرت في أي شيء أنا وأهلي، بينما تكون الإرادة الربانية هي التي تحكم علي الارتباط بالفشل في أقصر وقت، وتتبين الحقائق التي كانت مستورة بفعل فاعل، وتصدق النوايا الشيطانية للعريس وأهله، وأخرج كل مرة من هذه المشاريع الفاشلة بأزمة نفسية حادة، ولكني والحمد لله ألجأ إلى الله؛ لأنه هو المعين والمستعان على ما أنا فيه.
ولكن مشكلتي تكمن في أنني أشعر بالحقد والغيرة على من هن أصغر مني وهن متزوجات ولديهن أطفال، بالرغم من أنهن أقل مني جمالا ومستوي اجتماعيا، وأعاني من معايرتهن لي بعدم الزواج، وكأنني مجرمة حرب، ونسوا الله تعالى وحكمته في تقسيم الأرزاق بين خلقه؛ حتى لا ينسوه ويضلوا عن طريقه.
لا أعرف ما هي أوجه القصور في وفي عائلتي، وكما يقول المثل الشعبي عندنا في مصر: ( من كثر عرسانها بارت) ولكني دون أدني تحكم في عواطفي أشعر بالغيرة والحرمان، وأتساءل: لماذا من الله عليهن براحة البال والسكينة في بيت وزوج وأسرة راضين ببعضهم البعض، وأنا لا؟ مع أني مواظبة علي الصلاة والصيام وبر الوالدين، وأمي دائما تدعو لي بالزوج الصالح ابن الأصول، ولكن لا أعرف لماذا كلما يتقدم لي شخص لا أكون متقبلة له نفسيا، بالرغم من مستواه الوظيفي المرتفع؟ هل هي إرادة الله في قسمة الزواج؟ أم أنه غضب من الله علي وابتلاء؟ حيث أنني فكرت في ترك مدينتنا والذهاب إلى أخرى للابتعاد عن الناس وأسئلتهم المحرجة لي، وخطورة وضعي، فأنا علي أعتاب الثلاثينيات، وكلما أعجبت بأحد ممن يتقدمون إلى يتضح بعد ذلك أن أخلاقه سيئة، وأنه لا يصلي، بينما في البداية يكذب ويدعي المحافظة علي الصلاة.
ماذا أفعل بالله عليكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Shsh حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه لن تضيع فتاة تستعين بالله، وسوف يأتيك ما قدره لك الله، فإن الذي يكشف البلوى هو الله، وأرجو أن لا تعترضي على قسمة الله، فإن السعادة في الرضا بما قدره الله، والشقاء في السخط وعدم القبول بحكم الله، فاستغفري الله، وعودي لسانك الكلام الذي يرضي الله.
وأرجو أن تبحثوا عن أسباب فشل مشاريع الخطوبة المتكررة، فربما كان السبب هو عدم الاهتمام بالخطاب، وربما كان السبب هو الطلبات، وربما كان السبب هو وجود بعض المنفرين من أفراد العائلة، وربما كان الخلل في الخطاب المتقدمين، وربما كان السبب هو رفضكم للخطاب في البداية، وعلى كل حال إذا عرف السبب بطل العجب.
ولا داعي للانزعاج، فسوف يأتيك ما قدره لك الله في الوقت الذي أراده الله.
واعلمي أن المتزوجات ما نلن ذلك بذكائهن ولا بحسنهن، ولكن كل ذلك بتقدير الله، وليتهن علمن أنهن في اختبار، فلا ينبغي أن يفتخرن على غيرهن من البنات، وليتك علمت أن كثيرا من المتزوجات لسن سعيدات، فإن السعادة لا تنال إلا بالإيمان وبطاعة الرحمن، فلا تحقدي عليهن، وتوجهي إلى من رزقهن، واعلمي أن المؤمنة تؤجر على نيتها الحسنة.
وأرجو أن تقبلي بصاحب الدين، وحبذا لو جمع مع ذلك الوظيفة العالية والأسرة الطاهرة، وليس من مصلحتك رد الخطاب؛ لأن ذلك يخيف الشباب، ويدفعهم للهروب من الباب.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله وطاعته، فإن الله وعد المتقين بأن ييسر أمورهم، فقال سبحانه: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ))[الطلاق:2]. وقال سبحانه: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ))[الطلاق:2-3].
وأرجو أن تحافظي على الصلاة والتلاوة والدعاء، وفوضي أمرك إلى الله، وأكثري من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأرجو أن لا يحمل تأخر الخطاب على القبول بتارك الصلاة المفارق للصواب، وأرجو أن نشكرك على حرصك على الدين، ولن تخيب من ترجو رحمة الرحيم، فاستعيني بالله، واحملي نفسك على الصبر الجميل والرضا بالقليل.
ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر لك ذنبك.