السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أم لخمسة أطفال، أكبرهم عمره 11 عاما، وهو بالصف السادس، لكن مشكلتي معه أنه مشغول بالجوالات، وهمه الوحيد أنواع الجوالات، ويريد أن يعرف عنها كل شيء، وأنا أريده أن يهتم بدروسه حتى يتفوق، والحمد لله فهو يحافظ على الصلوات الخمس، وحفظ القرآن، لكن مشكلته الوحيدة الجوالات.
أما ابني الثاني، فهو بالصف الرابع، وعمره 9 سنوات، ومشكلته أكبر من مشكلة أخيه، فهو أناني لا يحب إلا نفسه، ولا يحب أن يصلي، ولا يحب أن يحفظ القرآن، ويحب كل شيء لنفسه بالطعام والألعاب، حتى أن وزنه ازداد كثيرا، أحاول أن أكلمه لكن لا فائدة، لا أعرف ماذا أفعل معه! أريده أن يحب إخوته ويعطف عليهم ويؤثرهم على نفسه، وأن يحب الصلاة وحفظ القرآن، لا أن يجبر عليهم.
أرجو منكم إفادتي في حل هذه المشكلة.
نسيت أن أقول: إن علاماته أفضل من علامات أخيه بالمدرسة، مع أنه لا يحب أن يدرس.
أعتذر على الإطالة، وجزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن الأخلاق منها ما هو جبلي ومنها ما هو مكتسب، وهي قابلة للتغيير، ولذلك جاء الرسل والرسالات، وكانت المواعظ والدراسات والعبادة والرياضات، وهذا التغيير يحدث حتى في الحيوان، فيتحول المستوحش إلى أليف، فلا تنزعجي من بعض سلوكيات الأطفال، واجتهدي في الإصلاح، وتوجهي إلى الكبير المتعال، فإنه يقدر الخير ويصلح الأحوال، والمولود يولد على الفطرة، وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، ولم يقل: أو يدخلاه الإسلام؛ لأن الإسلام هو الفطرة.
وقد أسعدني حرصك على توجيه أبنائك، وافرحني كبيرهم بحرصه على الصلاة وبحفظه لكتاب الله، وأبشري فإن الصغار سوف يسيرون على درب الكبير الذي هو عنوان المنزل وقائده بالنسبة لإخوانه، ولا تنزعجي من اهتمامه بالجوالات؛ فلعل ذلك يشير إلى بعض المواهب الكامنة في نفسه، ونتمنى أن يكون مهندسا مؤمنا ينفع الله به الإسلام والمسلمين، وقولي له في لطف: نحن نتمنى أن تهتم بدراستك لتصنع للمسلمين الأجهزة المفيدة النافعة حتى تستغني أمتنا عن الكافرين، فالبلاد تبنى بسواعد أبنائها وتنهض بعلمهم ووعيهم بعد إيمانهم بربهم.
وأرجو أن تتلطفي في التعامل مع الأناني -مع تحفظي على هذا اللفظ– فإن حب التملك من طبيعة هذه المرحلة، وسوف يترك هذا مستقبلا بحول الله وقوته ثم يحسن التوجيه والتشجيع والتقدير، مع الحرص على إشباع حاجاته وإشباعه بالعاطفة وتحقيق الأمان.
ونتمنى أن تتجنبوا التوبيخ والمقارنات السالبة؛ كأن تقولي فلان كريم وأنت أناني، وفلان ممتاز وأنت بليد؛ فإن في هذا ظلم للجميع، وهو أسلوب خاطئ لأنه يغرس في نفسه شجرة الحقد والحسد على إخوانه وزملائه، والصواب أن تقولي: نعم الرجل فلان لو أعطى إخوانه من الحلوى، ونعم الرجل فلان لو اهتم بدروسه أكثر من الجوالات.
وأرجو أن تنتبهوا لما يلي:
1- الإكثار من الدعاء لهم وتجنب الدعاء عليهم.
2- الاتفاق على منهج موحد في التوجيه والتربية؛ بحيث يدفع الجميع في اتجاه واحد.
3- مراعاة الفروق الفردية وتنمية المواهب الذاتية.
4- العدل بينهم في العطايا والثناء والقبلات والاهتمام.
5- عدم استعجال النتائج.
6- الدعوة إلى الصلاة برفق ولطف، مع ضرورة الثناء على كل خطوة إلى الأمام.
7-تجنب العقوبة المادية والمعنوية؛ مثل التوبيخ والإهانة.
8-الحرص على اللقمة الحلال فإنها بذرة الفعال وسبب لصلاح الحال والعيال.
وأرجو أن تعلموا أن الإنسان يرى أثر طاعته لله في أولاده وحياته، وما صلحت البيوت بمثل طاعتنا لذي العظمة والجبروت.
وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله، والحرص على رضوانه، والمواظبة على ذكره وتلاوة كتابه، والإكثار من الصلاة والسلام على رسوله وصحبه وآله.
وبالله التوفيق.