السؤال
كتبت كتابي على امرأة منذ فترة، ولكن زوجتي لا تستطيع فهمي، رغم أنها تستطيع فهم الآخرين بسهولة، وهذا لطبيعتي الهادئة.
علما بأني قليل الكلام، وعند محاولتي الكلام لا أجد مجالا، وهي لا تحاول مساعدتي، ودائما تدعوني إلى التأمل، وتمل من سكوتي أثناء النقاش.
أريد حلا، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هيثم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن الصمت عدو المرأة، والصامت غامض، والمرأة لا تحب من يكثر الصمت، وتكره من يتحدث عن نفسه، وتحب من يكثر ويحسن الاستماع إليها، ويتفاعل معها، ويثني عليها ثناء مفصلا، بتجاوز الأساسيات إلى الدقائق والتفصيليات.
لا عجب، فإن المرأة تجدد مشاعرها وتعرف قدرها بحسن تفاعل زوجها معها واهتمامه بكلامها، وذلك من حسن العشرة معها، وقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم رغم حمله لهموم الرسالة يسمر مع أهله، حتى بوب بالبخاري (باب السمر عند النساء) وهل حديث أم زرع إلا لون من الاستماع الإيجابي والتفاعل الذي عبر عنه بقوله لأمنا عائشة رضي الله عنها بعد فراغها من ذكر أخبار إحدى عشرة امرأة (كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك).
من هنا فنحن ندعوك للإقبال عليها إذا تكلمت، وإظهار ما يدل على حسن المتابعة لكلامها، والتعبير عن السعادة بها، وليت الرجال ينتبهون لهذا الأمر حتى لا تبحث الضعيفات عن أشقياء يسمعوهن الكلمات العذبة، وهذا أمر من الخطورة بمكان (والغواني يغرهن الثناء).
لست أدري ماذا تقصد بقولك (لا أجد مجالا) ولكني أدعوك إلى التفاعل مع حديثها والثناء على طريقتها، وطلب بعض القصص التي سبق أن سمعتها منها، ولا مانع من أن تذكر لها المواقف التي قابلتك في يومك، وما هي آمالك وآلامك، وماذا تريد من زوجتك الحبيبة، واجعل من حديثك فرصة للتربية غير المباشرة، وذلك بأن تظهر الغضب عند المواقف التي تغضب الله، وبتعظيمك للفضائل لتعظم في عين أهلك.
قد قيل إن المرء مخبوء تحت لسانه، وقيل تكلم حتى نعرفك، والمرأة لها أهداف من سماع كلام زوجها، لأنها تريد أن تكتشف شخصيته، وتريد أن تعرف مكانتها عنده، ومن هنا فإن الصمت عند الزوجة نوع من العقوبة لا يمكن للمرأة أن تقبل به، وإن كان السكوت مطلوبا شرعا وفيه خير، لكن الكلام بالخير عبادة، وإدخال السرور على الأهل والأنس معهم -بل واللهو معهم- لله طاعة، فقد لا يتحقق العفاف إلا بمراعاة كافة الأشياء التي تدخل السرور، وتعمق الثقة وتشعر بالأمن وتزيل الغموض.
تكلم مع زوجتك وأحسن الاستماع إليها، واعلم أنها حبست نفسها عليك، فلا تدخلها في سجن، وعجل بلم الشمل حتى تتعرف زوجتك على طبيعتك، وحاولا أن تعذرا بعضكما، ليكون الملتقى في منتصف الطريق، والحياة الزوجية لا تستمر إلا بتقديم بعض التنازلات في الأمور التي لا تغضب رب الأرض والسماوات، فالزوجة غريبة على زوجها، وهو كذلك، وغدا ستزول – بعون الله – الوحشة ويعتاد كل منكما على الآخر.
هذه وصيتي لكما بتقوى الله والصبر والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
نسأل الله أن يسهل أمركم وأن يغفر ذنبنا وذنبكم، وبالله التوفيق والسداد.