السؤال
أنا مخطوبة جديدة وطبعا خطوبتي كانت خطوبة صالونات، وهو شاب جيد ومتدين وعلى خلق، وذو حسب، والذي ظهر لعائلتي، والمهم هو سافر بعد الخطبة بأسبوع، وتقريبا لا يوجد بيننا حوار، ولا أي مشاعر بداخلي، وكلما أكلم أمي في الموضوع هذا تغضب وتقول لي: إنها لن تفسخ الخطبة للسبب هذا، وهو حتى لا يحاول أن نتكلم على النت كثيرا كي نقرب من بعض.
وأنا هكذا أحس أني لن أقدر أن أسعد الشخص هذا، ولن أكون سعيدة معه، وهذا طبعا لأنه مهم عندي جدا أن أفهم طباع وشخصية خطيبي، لكن أمي غير مقتنعة بأني لا بد أرى التوافق في طباعنا وميولنا أم لا، ومصرة على أن أكمل الخطبة، وأنا بجد محتارة هل أكمل الخطبة وأرضي أمي أم أفسخ الخطبة؟
ولا أعرف عندئذ ماذا يكون رد فعل أمي، مع العلم أني مخطوبة من شهرين، وهي ليست مدة طويلة، وأنا لا أعرف أقنع أمي أنه لابد أن أعرفه جيدا قبل الزواج، وأن الخطبة عملت لهذا، وأنه لو لم يتحقق في فترة الخطبة توافق عاطفي يبقى هناك خلل.
ولا أعرف أن أقنع خطيبي أن يزيد اتصاله بي، ونقرب لبعض، وأنا محتارة بين أن أرضي أمي أم أعمل الذي أنا مقتنعة به؟
أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بشرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإذا كان أهلك قد مدحوا الشاب في دينه وخلقه ورأيته بنفسك ولم تجدي نفورا، وكان انطباعك الأول عنه جيدا، و(الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)، لكنك تريدين أن تتعرفي على جوانب شخصيته، فنحن ندعوك إلى مباركة هذه الخطوة أولا لإدخال السرور على أهلك، واعلمي أن التعارف المزعوم لا يعطي إلا جزءا لا يذكر من الحقيقة؛ لأن فترة الخطوبة قائمة على المجاملات وإظهار المحاسن وإخفاء السلبيات، ولا تغتري بما يفعله الغافلون والغافلات فأنهم يدفعون الثمن باهظا في مستقبل حياتهم، ويشعروا بالخطأ حين تتحول تلك العلاقات الوردية الحالمة إلى شكوك وحسرات.
وقد ثبت للدارسين والدارسات في بلاد الكفر وعند أهل الإسلام والقيم الطيبة أن نسبة النجاح في الزواج الذي تسبقه علاقات عاطفية لا تزيد عن (30%) أما بالنسبة للزواج التقليدي فإن نسبة النجاح فيه أكثر من (95%) وقد أقيمت الدراسة في البلاد الغربية وفي بلد عربي خليجي، والسر في ذلك هو أن الزواج الذي لا تسبقه علاقات عاطفية ليس فيه تمثيل ولا خديعة، وهو زواج يشعر فيه كل من الزوجين بأن الحب مسئولية وتضحية ويتقبل كل طرف شريكه، بما فيه من إيجابيات وسلبيات، ولا يخفى عليك أنه لا يوجد رجل بلا عيوب، ولا توجد امرأة ليس فيها نقائص، ولكن السعداء هم الذين تنغمر سيئاتهم في بحور حسناتهم، وكفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه.
فكوني لزوجك أمة يكن لك عبدا، وكوني له أرضا يكن لك سماء، واعلمي أن المرأة العاقلة تتأقلم مع زوجها، وتفهم نفسيته وتتبع رضاه، وأن المعاملة الطيبة تحول القسوة إلى لين وترضي الله رب العالمين، ويمكنك النظرة في أخلاق إخوانه وأخواله، فإن ذلك سوف يساعدك على فهم الصورة العامة لشخصيته، وإذا وجد الدين والخلق فكل عيب يمكن إصلاحه أو الصبر عليه، وقد أحسن من قال:
وكل كسر فإن الدين يجبره وما لكسر قناة الدين جبران
ومن هنا فنحن ندعوك لطاعة والدتك فهي أحرص الناس على مصلحتك، وهي قادرة على تقييم الشاب بخبرتها ونظرتها، وأرجو أن لا تستمعي لكلام المخدوعات، ولا تشاوري المراهقات، وتجنبي الوقوع في المخالفات، واجعلي هدفك إرضاء رب الأرض والسماوات، وتوجهي لمن يملك الخير ويدفع الآفات، واعلمي أن فلاحك في طاعته والمحافظة على الصلوات.
ونسأله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، وأن يرزقك عالي الدرجات.
وبالله التوفيق والسداد.