أهمية الموازنة بين محاسن ومساوئ الزوجة قبل الإقدام على فراقها

0 401

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يعلم الله كم أنا سعيد بالاتصال بكم، ولقد تعرفت عليكم من خلال قناة النجاح، وإليكم فحوى الاستشارة، فأقول وبالله التوفيق: أنا شاب متزوج عمري (41) سنة ويومين، ولي (3) أطفال، وأعمل في مجال محترم، وأحب مهنتي، لكن مشكلتي تكمن في سوء اختياري لزوجتي حيث كان الاختيار لم يتم عن قناعة وعن دراسة بل تزوجتها لأنها قربية لي - ابنة عمي - وكان عمرها 25 سنة، وكنت أراها قبل الزواج وأكلمها وتكلمني، ولأنها تحبني حبا جنونيا اخترتها، أما أنا فكنت أقول بأن الحب سيأتي بعد العشرة.

لقد مر على زواجنا 11 سنة، لكن كل يوم - بل كل ساعة، بل كل ثانية - ألعن اليوم الذي تزوجت فيه .. أنا الآن محبط ومكتئب ومهمل في عملي بسبب ما أعتقد أنه سوء اختياري لزوجتي .. أنا أتألم الآن من جهتين، من جهة نفسي لأنني أريد زوجة أحبها، ومن جهة زوجتي لأنها لا تجد كل الرعاية والحنان الذي من المفروض أن أوفره لها.

كما أن أسباب تعاستي تكمن في ما يلي:

1- لا وجود لتوافق فكري ولا عاطفي ولا إنساني بيننا.

2- هي لها مستوى تفكير محدود، وأنا لا أحب المرأة التابعة بل أحب المرأة التي لها رأي.

3- هي تبذل أقصى ما عندها كي تسعدني لكنني لا أحبها، وقد صارحتها بالأمر وقلت لها بأن القلوب بيد الله وأنت لست سوى أم لأولادي لا غير.

4- هناك فارق كبير في المستوى التعليمي بيننا، فهي تحصل على الثانوية أما أنا فأحمل دكتوراة (رغم علمي بأن الحب قد يذيب هذا الفارق).

5- تعرفت على فتاة تكبر زوجتي بـ3 سنوات، أي: أن عمرها 34 سنة، وهي غير جميلة مقارنة بزوجتي لكن هناك توافق بيننا غريب وكبير إلى حد قراءة أفكار بعضنا البعض، ومتعلمة، ومثقفة، وتعرف قصتي بكل حذافيرها، وأنا الآن محتار بين أن أبقى تعيسا وأتناول الأدوية المهدئة مع زوجتي أم أنفصل عنها وأبني بيتا جديدا مع التي أحبها.

أنا لست أنانيا ولا طالب شهوة أو متعة بل أريد تحقيق الغاية من الزواج .. ألا وهي السكينة لأنني أعرف بأن الغرض من الزواج ليس الإنجاب ولا المعاشرة. انصحوني بارك الله فيكم، ولا أراكم الله مكروها، وأجركم على الله.

ملحوظة: حاولت أن أحتسب أمري عند ربي .. لكن لا أقول: فشلت بل الأمر صعب فأنا مصاب بالاكتئاب الرهابي وعدم القدرة على التركيز.

والآن أسأل: هل الزواج مقدر من عند الله؟ وإن كان كذلك فلماذا شرع الله الطلاق؟ وما معنى أن عرش الرحمن يهتز للطلاق؟ وما معنى لا يكره مؤمن مؤمنة؟ وهل إذا كره الرجل زوجته فمن الأفضل لهما الانفصال؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الأصل في المرأة الناجحة أن تكون تابعة لزوجها تسير في هواه، وتجتهد في نيل رضاه بعد رضا مولاها ومولاه، وكم تمنينا أن لا تظهر مشاعرك الشاكية علانية، وأرجو أن تتعوذ بالله من الشيطان الذي همه أن يحزن أهل الإيمان، وأن يحاول أن يزهدهم في الحلال، وهو الوحيد الذي يفرح بحصول الطلاق، وهو حريص على أن يشغل الإنسان بالأخريات.

وقد أسعدني ما ذكرته من إيجابيات وجدها في زوجتك، وأتمنى أن تأخذ ورقة وتجلس في لحظات صفاء وتكتب عليها ما وجدته فيها من إيجابيات، وفي ورقة أخرى ما فيها من سلبيات، ثم ردد قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر).

واعلم بأنك لن تجد امرأة بلا عيوب، كما أنك لست بلا عيوب، وحتى الفتاة التي ذكرتها قلت أنها ليست جميلة كابنة عمك، ولم يظهر لك منها إلا الجوانب الإيجابية فقط، ومن هنا تتجلى حكمة هذا التوجيه النبوي: إن كره منها خلقا رضي منها آخر، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، وكفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه.

وأرجو أن تتخذ قرارك بهدوء، وبعد دراسة متأنية، ونظر في العواقب، وتفكير في مصير الأبناء ومستقبل علاقاتك الأسرية، وأرجو أن تتذكر أنها ترتبط بك برابطة الإيمان والقرابة والزوجية والأولاد.

ونحن لا نوافقك على الطلاق، ولكن ليس في الشرع ما يمنع من جعل علاقتك بالثانية علاقة شرعية، فإن شريعة الله أباحت للرجل أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع، وعليك أن تعدل في القسمة والأمور المادية، ولن تلام على ميل القلب لأنه ليس بيدك لكن لا ينبغي أن تظهر ما في نفسك أمام زوجتك الأولى، وأرجو أن تتخذ هذا القرار بعد محاولة الاقتراب من زوجتك الأولى وتطييب خاطرها، وتقديم هدايا لها، وإشعارها بأهميتها في حياتك، وسوف تعرف قيمتها عندما تتاح لك فرصة المقارنة الفعلية فإن الكلام الجميل يجيده كل أحد ولكن الحياة الزوجية مشوارها طويل ولا تخلو من الإشكالات.

وإذا كانت ابنة عمك تبذل قصارى جهدها في إرضائك فابذل قصارى جهدك في التقرب إليها، وبين لها بلطف ما تريده منها، واشفق عليها، وقدر خدمتها لأطفالك وميلها إليك.

ولست أدري كيف كانت حياتك قبل التعرف على تلك الفتاة؟ وكيف ذكرت قصتك لفتاة ليس بينكما رابطة شرعية؟ وماذا كنت ترجو منها غير المجاملة التي لا تتجلى لك صدقها الآن، فهذه علاقة تقوم على المجاملات، ولا يمكن أن تقول لك أنت مخطئ، كما أنك تحاول أن تجاريها وتجاملها.

وأرجو أن تعلم أن السعادة تنبع من النفوس المؤمنة، ولا تتحقق في البيوت إلا إذا حصل التجاوز ثم التعاون على البر والتقوى وتنمية الجوانب الإيجابية.

ومن هنا فنحن ننصحك بتقوى الله ثم بتكرار المحاولات لقبول زوجتك والانتباه لأطفالك، وأرجو أن توقف علاقتك بتلك الفتاة أو تسعى لتصحيحها مع ضرورة الاحتفاظ بزوجتك وابنة عمك وأم عيالك.

ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبنا وذنبك.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات