السؤال
أحيي جميع القائمين على هذا الموقع، وأسأل الله أن يثيبكم على جهودكم.
لقد تربيت في أسرة محافظة، اكتسبت منها الدين والتقوى، فأنا أصلي وأقوم بكل الفروض، وأكون أحيانا في قمة الإيمان، إلا أنني سريع الهبوط، هذا الهبوط ليس فتورا، ولكنه أسوء بكثير. فأحيانا تجدني عابدا نشطا متحمسا، وأحيانا تجدني في أدنى درجات الإيمان، فأرتكب المحرمات وأشاهد الصور الإباحية وأسمع الموسيقى، ولكني في داخل قلبي أكون مؤمنا، وأعد نفسي بالرجوع والاستقامة، وفعلا أرجع إلى ما كنت عليه، ولكن سرعان ما أبدأ تدريجيا بالهبوط. أنا الآن في أسوء حال، لكن هذه المرة لم أنجح في إصلاح نفسي، وبدأت أشعر بالملل من التوبة؛ لأني أعرف أنني سوف أهبط مجددا. أريد أن أتوب، ولكن أشعر بأني منهك ولا أستطيع.
كيف الخلاص؟ وكيف أتوب وأحافظ على الاستقامة؟
إن أصدقائي يحبونني، ويتوقعون أنني تقي كما عهدوني، مما أدى بي إلى كراهة نفسي. وهذا الأمر لا يعرفه إلا الله وأنتم؛ لأني لم أصارح به أحدا من قبل.
أرجوكم ادعوا لي بالصلاح والاستقامة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مؤمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فلا تشعر بالخجل فأنت منا ونحن منك، فاكتب إلينا بما في نفسك في كل وقت، ونحن نتشرف بخدمة شبابنا، ونتمنى أن يصلح الله أحوالهم وحالنا، كما أرجو أن تطمئن، فالأسرار عندنا محفوظة.
ولا يخفى على أمثالك أن الإنسان إذا شعر أن الناس يحسنون به الظن فإنه يرتفع إلى مستوى ظنهم، ويتوجه إلى الله قائلا: اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون. وأرجو أن لا تغتر بكلام الناس، فأنت أعرف بنفسك، والله أعرف منك بنفسك. فسبحان من لا تخفى عليه خافية.
وإذا أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزقه، وإذا أردت أن تعصي الله فلا تسكن في أرضه، وإذا أردت أن تعصي الله فابحث عن مكان لا يراك فيه، وإذا أردت أن تعصي الله فادفع عن نفسك ملك الموت إذ جاءك، وإذا علمت أن كل ذلك لا يكون فيكف تأمن مكر الله؟ ألا تخاف أن يختم لك وأنت على معصية؟
واحذر من ذنوب الخلوات؛ فإن شرار الناس الذين إذا خلو بمحارم الله انتهكوها. وأرجو أن تكرر التوبة حتى يكون الشيطان هو المخذول، واجتهد في أن تكون صادقا في عودتك، وابتعد عن مواطن الزلل، وتجنب رؤية الشاشات والصور، واحرص على الإكثار من الذكر وتلاوة القرآن الكريم، وعليك بكثرة الاستغفار، والتوجه للواحد القهار الحليم الغفار، الذي يعلم خائنة الأعين وما يخفى عن الأبصار.
وأرجو أن تحذر من توبة الكذابين، وهي أن يتوب الإنسان بلسانه، وقلبه لا يزال متعلقا بالمعاصي، يعشق ذكرياتها، ويحتفظ بصورها وآثارها وأرقامها. واعلم أن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه. وعليك بالإكثار من الحسنات الماحية، واعلم أن (( الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ))[هود:114].
ومما يعينك على الاستقامة وصدق التوبة ما يلي:
1- اللجوء إلى من يجيب من دعاه.
2- تعميق معاني الإيمان والمراقبة لله.
3- الإكثار من ذكر الله، وخاصة الاستغفار.
4- تذكر شؤم وعقوبة الذنوب.
5- مجالسة الصالحين وحضور مجالس العلم.
6- تجنب الوحدة؛ لأن الشيطان مع الواحد، علما بأن الوحدة خير من جليس السوء.
7- الإكثار من صيام التطوع وقيام الليل.
8- لا تكلف نفسك ما لا تطيق من الطاعات.
9- احرص على إرضاء والديك وصلة رحمك.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، والحرص على طاعته. ونسأل الله أن يثبتنا وإياك حتى نلقاه، وأن يصرف قلوبنا إلى طاعته.
وبالله التوفيق والسداد.