السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: أنا أخوكم عبد الله، هذه هي المرة الأولى التي أرسل فيها إلى موقعكم الرائع، وجزاكم الله كل خير ..فلقد وجدت في موقعكم كل ما كنت أحتاجه، وبإذن الله سأجد مطلبي عندكم، وقصتي هي ما يلي:
أنا أعاني من الخجل في بعض الأحيان، فمثلا عندما أجلس عند مديرتي في العمل أشعر بارتجاف شديد في يداي حتى أنني لا أستطيع أن أرفع فنجان القهوة إلى فمي، وأنا أتجنب الدخول عندها قدر المستطاع، حتى أنهم يقولون لي بأنهم نسوني تقريبا فأنا لا أظهر إلا في الحالات النادرة، وأيضا أتجنب الكلام في الاجتماعات، وأتجنب حضور معظم الاجتماعات العائلية، مع أنني مع أصدقائي المقربين لا أعاني من مظاهر الخجل هذه، وأحيانا أجد نفسي في بعض الأحيان عاجزا عن التعبير عن رأيي، وعندما كنت في الجامعة كنت أجد رهبة في الدخول إلى القاعة، وأشعر بأن كل الناس يراقبونني..
أنا والحمد لله ملتزم دينيا، وأحضر كل صلوات الجماعة في المسجد، ومتزوج منذ فترة قليلة والحمد لله رب العالمين، وعندما قرأت الاستشارات على موقعكم استنتجت (حسب قراءتي ) أنني أعاني من الرهاب الاجتماعي، لذلك هل تنصحونني بتناول دواء الزيروكسات؟ وما هي أوقات تناوله إذا ترافق مع نظام رياضي؟ أي أنني بإذن الله قررت أن أذهب إلى الصالة الرياضية وأمارس تمارين اللياقة الجسدية، وأن أركض كل يوم مساء أنا وصديق لي.
لقد قرأت عن الزيروكسات وأنه يؤدي إلى زيادة الوزن، فهل هذا صحيح؟ فأنا وزني حوالي 64 كغ وجسمي طبيعي، فهل سيتغير شكلي وسيزداد وزني كثيرا؟
أرجوكم، قدموا لي كل التفاصيل عن تناول هذا الدواء، هذا طبعا إذا قررتم أنتم الأطباء -جزاكم الله خيرا- أن أتناول هذا الدواء، وهل له آثار انسحابية؟
وعذرا على الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا، وحياك الله في موقع الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى أن تتحصل على الفائدة المرجوة .
نعم، الذي ذكرته هو من أعراض الرهاب الاجتماعي، هو حقيقة ليس خجلا هو نوع من الخوف المكتسب لمواقف اجتماعية معينة، وأنت صادق تماما فيما ذكرته أنك لا تشعر بأعراض الرهاب والخوف حين تكون في صحبة من تعرف، ولكن ربما تحس بهذا الخوف مع الغرباء، أو الأشخاص الذين هم في مواقع مسئولية.
عموما أخي: أؤكد لك أن الرهاب الاجتماعي ليس ضعفا في الشخصية وليس ضعفا في الإيمان، وأنت والحمد لله تعالى من الملتزمين وهذا أمر طيب، وأسأل الله لك التوفيق، وأن يثبتنا جميعا على المحجة البيضاء.
أخي الكريم، أولا : أرجو أن تتأكد تماما أنه لا أحد يراقبك، هذه واحدة من المشاكل الأساسية التي تعيق تقدم الإنسان فيما يخص علاج الرهاب الاجتماعي، صدقني أيها الأخ الكريم أنه لا أحد يراقبك أبدا، وأن هذه الأعراض التي تعاني منها هي مبالغ فيها لدرجة كبيرة.
أنت صادق في كل ما قلته، ولكن هنالك نوع من التجسيم أو التضخيم الداخلي في مشاعر الإنسان الذي يعاني من الرهاب، وهذا الذي يمنع الناس من المواجهة والإقدام.
إذن معرفتك لحقيقة أنك غير مراقب، وأن الأعراض فيها مبالغة أرجو أن يكون دافعا لك من أجل المواجهة، والمواجهة يمكن أن تكون في الخيال، تصور أنك أمام جمع كبير من الناس تخطب فيهم أو تلقي فيهم محاضرة ...وهكذا، تصور أن مديرتك قد طلبت منك أن تقدم مشروعا أمام جمع من مجلس الإدارة، تصور أنك قد طلب منك أن تصلي بالناس في المسجد الكبير... وهكذا.
هذه التصورات والتخيلات يجب أن تتمعن فيها، ويجب أن لا تقل مدة التصور والتفكير الداخلي عن 15 دقيقة، هذا هو الحد الأدنى، بعد ذلك أخي اشرع في المواجهات الفعلية، دائما حين تقابل شخصا صاحب منصب أو مسئولية يجب أن تتفكر وتتذكر أنه بشر مثلك تماما يأكل وينام ويشرب ويذهب إلى الحمام، تجمعه معك كل خصائص الإنسانية المعروفة، إذن هو لا يعلو عليك في شيء أبدا فيما يخص أصله وتكوينه وتركيبه، هذا أمر ضروري جدا .
أخي، حاول أيضا أن تطور من مهاراتك الاجتماعية في أوقات التواصل، دائما حاول أن تنظر للناس في وجوههم، لا تستعمل اللغة الحركية، حضر موضوعا قبل أن تبدأ، وإن شاء الله سوف تزول الرهبة حين تبدأ البداية الصحيحة.
أنت ذكرت أنك تود ممارسة الرياضة مع أحد الأصدقاء، هذا جيد جدا، وحقيقة أنا أوصي لك بالرياضة الجماعية، فهي تجعل الإنسان يتفاعل اجتماعيا، مما يقلل الرهاب، ومثل ذلك أيضا المشاركة في حلقات التلاوة، فمن الأمور العظيمة في هذه الحلقات أنك تتفاعل مع إخوة خيرين شعوريا ولا شعوريا، وهذا أيضا يقلل الرهبة ويقلل من الخوف....إذن أخي كل هذه آليات طيبة.
بالنسبة للدواء، نعم هنالك عدة أدوية تفيد كثيرا في الخوف والرهاب الاجتماعي، خاصة القلق المصاحب، والزيروكسات هو من أكثر الأدوية التي بحثت في هذا السياق، وهو فعال جدا، وأتفق معك أنه ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة لبعض الناس، وهذه الزيادة تكون في الشهور الأولى للعلاج -في الشهرين أو الثلاثة الأوائل- وبعد ذلك قد يستقر الوزن، وإذا بذل الإنسان جهدا في تخفيف الوزن منذ الوهلة الأولى فلن تحدث معه هذه الزيادة، وجرعة الزيروكسات التي نراها جيدة في الرهاب الاجتماعي هي أن يبدأ الإنسان بـ10 مليجرام نصف حبة يوميا يفضل أن يتناولها بعد الأكل، ثم يرفع هذه الجرعة بمعدل نصف حبة أيضا كل أسبوعين، حتى يصل إلى حبة ونصف أو حبتين في اليوم، بعد ذلك يستمر على الجرعة لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك يبدأ في التخفيض التدريجي؛ لأن الزيروكسات إذا أوقف فجأة يسبب بعض الآثار الانسحابية، وأعتقد أن ذلك قد أجاب على الجزئية التي سألت عنها في هذا السياق، وهي ليست آثار انسحابية كما يحدث من الأدوية الإدمانية، ولكن هي تعرف بالآثار الانسحابية المرتبطة بالتوقف المفاجئ .
إذن: دائما ننصح بالتدريج في التوقف، والتوقف يكون بسحب الدواء نصف حبة كل أسبوع أو أسبوعين، وحين يأتي الإنسان لنصف الحبة الأخير يمكن أيضا أن يتناوله يوم بعد يوم لمدة أسبوع أو أسبوعين، فهذا يساعد كثيرا يا أخي.
إذن أرجو أن تطبق الإرشاد السابق، وتتناول الدواء، وهو من الأدوية الجيدة جدا .
هنالك عقار أيضا يعرف باسم سبراليكس، يساعد كثيرا في علاج هذه المخاوف والتوترات، وكذلك زولفت يعتبر علاجا جيدا، ونصيحتي لك أخي هي أن تجمع بين كل هذه الفعاليات العلاجية من مواجهة، ومن تفكير إيجابي، ومن تصحيح للمفاهيم، وتناول الدواء، والتمازج الاجتماعي المفيد كما ذكرت لك عن طريق الرياضة الجماعية وحضور حلقات التلاوة.
أخي، أنت أقوى مما تتصور، وتستطيع بإذن الله المواجهة.
وأسأل الله لك التوفيق والسداد .