حالة (عصاب القلب) وعلاجها

0 679

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعاني منذ ثلاث سنوات من الأعراض التالية:

1- آلام عضلية في الظهر الأيسر والصدر الأيسر واليد اليسرى والأصابع.
2- غازات في البطن عند التوتر أو الخوف.
3- يوجد معي مناقير رقبية، وقرحة اثنى عشرية خامدة، وفتق حجابي بحجم قبضة الطفل الصغير.
4- أعاني من تجشؤ دائم، ولقد أخذت جميع المهدئات والمسكنات وجميع أدوية المعدة ولكن لا فائدة.
5- كنت أتناول الطعام بشكل طبيعي، وعندما يقول لي الطبيب لا تأكل هذا النوع من الطعام فلا أستطيع أن أتناوله.
6- أعيش دمارا شاملا فهناك من يقول لي بأن لدي مرض القولون أو الوسواس القهري أو تشنج عضلي عصبي، وأنا أخاف جدا من مرض القلب.

ولقد أجريت رسم القلب مرات كثيرة وكانت النتيجة طبيعية ولله الحمد، كما قمت بعمل اختبار جهد للقلب وكانت النتيجة طبيعية، كما أن التحاليل المخبرية للدم أظهرت أن كل شيء طبيعي، ومعاناتي أصبح لها ثلاث سنوات وأشعر بآلام في عضلات الصدر والظهر والأكتاف عند الانزعاج أو الخوف من الموت، وقد راجعت جميع الاختصاصات بدون نتيجة.

وقد صورت البطن وتبين أن عندي قرحة اثنا عشرية خامدة بحجم حبة البندق وفتق حجابي بحجم قبضة طفل صغير، لكن بعض الأطباء قال إن الأعراض ليست من القرحة.

ويقولون لي لا تأكل - مثلا الخبز - وفعلا عندما أتناوله تأتيني الأعراض، ولقد فقدت الثقة بالطب وأصبح عندي مستنودع أدوية (أدوية معدة، مهدئات، مسكنات)، فانصحوني.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد درعوزي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإني أرى أن الفحوصات التي تم إجراؤها كافية، ولا حاجة لإعادة تخطيط القلب أو فحص الإجهاد، كما يبدو أن القلب لديك سليم، ولا أرى ما يستدعي الخوف من مرض القلب.

وقد تكون هذه الأعراض ناتجة عن الفتق الحجابي أو القولون العصبي، ولا أدري إن كنت قد أجريت فحص منظار للمعدة أم لا؛ للتأكد من أن القرحة خامدة، وللتأكد كذلك من وجود التهاب جرثومي في المعدة أم لا؛ لكي تتم معالجة الأمر، كما لم تذكر إذا كنت من المدخنين أم لا.

وأخيرا فيمكنك الاستعانة برأي الطبيب النفسي في حالة استمرار الأعراض.

وبالله التوفيق.
_____________________________________________

انتهت إجابة مستشار القلب د.مفتاح السلطني، ولإتمام الفائدة واكتمال الجواب تم عرض استشارتك على الطبيب النفسي د.محمد عبد العليم فأجاب قائلا:

فجملة هذه الأعراض التي ذكرتها هي حقيقة تأتي تحت ما يسمى بالأعراض النفسوجسدية، أي أن الأعراض في طبيعتها تشابه الأعراض العضوية، ولكن منشأها منشأ نفسي، وأكثر الأجهزة التي تتأثر حقيقة أو تكون مصدر للشكوى هي الجهاز الهضمي وكذلك الصدر، خاصة القلب، والخوف من أمراض القلب الذي أصبح منتشرا في زماننا هذا.

وكانت البدايات الأولى لما يعرف بعصاب القلب بعد الحرب العالمية الأولى، وهناك أحد العلماء ويسمى باسم داكوستا (Dacosta) هذا الطبيب لاحظ أن الجنود الذين عادوا من الحرب كانوا يشتكون من آلام في الصدر وضربات في القلب، وتعرق وقلق وتوتر، وبعض الضيق في النفس، وقد اعتقد أنهم مصابون بأمراض القلب، ولكن اتضح أن هذا مجرد نوع من القلق والتوتر نتج بالطبع مما شاهدوه في المعارك وغيرها، وسمي هذا المرض بمرض داكوستا، وهو أول من اقترح أن منشأ هذه الحالة هو نوع من القلق النفسي، واستمر الأمر على هذا المنوال، واتضح أن هنالك حالة يمكن تسميتها بعصاب القلب،حيث أن القلب يكون سليما، ولكن تحدث نوع من التقلصات العضلية في الصدر وكذلك في اليدين، وهذه التقلصات تظهر في شكل ألم، مما يجعل الإنسان يعتقد أنه مصاب بمرض القلب، وحقيقة الناس تعذر في ذلك؛ لأنه أصبح الآن الكثير من الحديث عن أمراض القلب في المنتديات المختلفة، وفي وسائل الإعلام.

وأبشرك تماما أن حالتك هي حالة نفسية بسيطة جدا، كما أن اضطرابات الجهاز الهضمي يكون القلق عاملا أساسيا فيها، ونحن لا ننكر مطلقا وجود الأمراض العضوية فهي موجودة، وكثير من الناس الذين يعانون من اضطرابات المعدة ربما تكون لديهم جرثومة بسيطة يمكن علاجها عن طريق أدوية ثلاثية، وهي ثلاثة أنواع من الأدوية تعطى للناس، وكما ذكر لك الطبيب الأخ الآخر أن إجراء فحص منظار للمعدة ربما يطمئن، ولكني في نفس الوقت أرى - وأنا على درجة عالية من اليقين - أن أعراضك هي أعراض نفسوجسدية، وكلمة القولون العصبي هي ناتجة حقيقة من الجانب النفسي، العصبي يقصد به العصابي أي القلقي، وأكثر الأعضاء التي تتأثر في الجسم كما ذكرنا هي القولون وعضلات الصدر، وعضلات الظهر، وكذلك عضلات الرأس للأشخاص الذين يعانون درجة بسيطة من القلق أو درجة شديدة تظهر إليهم الأعراض في هذه الأعضاء، فأرجو أن تطمئن تماما أن هذه الأعراض ذات منشأ نفسي.

وبالطبع فإن الإنسان يريد أن تختفي هذه الأعراض نفسية كانت أو عضوية، وفي حالتك أولا أرجوك أن لا تتردد كثيرا على الأطباء؛ لأن ذلك يؤدي حقيقة إلى نوع من الانشغال والقلق وربما التوهم المرضي، ومن حقك بالطبع أن تقوم بفحص عام مرة كل ستة أشهر أو كل سنة وهذا يكفي.

ثانيا: سوف تستفيد كثيرا من ممارسة الرياضة، أي نوع من الرياضة، بالذات رياضة المشي أو الجري.

ثالثا: ممارسة تمارين الاسترخاء، أي نوع منها، فهناك تمارين للتنفس المتدرج (هناك أشرطة وكتيبات توضح كيفية إجراء هذه التمارين) وهي ببساطة تتمثل في أن تكون مستلقيا في مكان هادئ وتحاول أن تسترخي ذهنيا وجسديا وتتفكر في شيء طيب، ثم تأخذ نفسا عميقا عن طريق الأنف ويجب أن يكون ببطء، بعد ذلك اقبض على الهواء في صدرك ثم أتي بالزفير - وهو إخراج الهواء عن طريق الفم - ويجب أن يكون أيضا بقوة وببطء، ثم كرر هذا التمارين عدة مرات بمعدل مرتين إلى ثلاث في اليوم، وسوف تجده إن شاء الله مفيدا لك.

وهناك بالطبع جانب العلاج الدوائي، وحالتك تستفيد جدا من الأدوية المضادة للقلق والمضادة للاكتئاب في نفس الوقت، وأنت لا تعاني بالطبع من الوسواس القهري، ولكن لديك قلق ومخاوف مرضية، وهذه الأدوية إن شاء الله سوف تفيدك جدا.

والعقار الذي أرجو أن تبدأ في استعماله يعرف باسم (موتيفال)، وهو من الأدوية البسيطة والمفيدة جدا، أرجو أن تتناوله بمعدل حبة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة صباحا ومساء، واستمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك أضف علاجا آخر إما أن تضيف عقارا يعرف باسم (أنفرانيل) بمعدل 25 مليجرام ليلا، وهو دواء جيد وفعال وغير فعال، ولكنه ربما يسبب جفافا بسيطا في الفم، والدواء الآخر البديل يعرف باسم (زولفت) أو (لسترال)، فهذا حقيقة هو دواء ربما يكون أفضل قليلا من (الأنفرانيل)، فإذا تمكنت من الحصول على (الزولفت) أو (لسترال) فابدأه بجرعة حبة واحدة 50 مليجرام ليلا، وهذا الذي تحتاجه.

إذن الوصفة العلاجية سوف تكون (موتيفال) حبة صباحا ومساء، و(زولفت) أو (لسترال) أو (أنفرانيل) حبة واحدة ليلا، جرعة (الأنفرانيل) 25 مليجرام، وجرعة (الزولفت) هي 50 مليجرام.

فاستمر على هذه الوصفة العلاجية المركبة لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض (الموتيفال) واجعله فقط حبة صباحا، واستمر على (الأنفرانيل) أو (الزولفت)، وكما ذكرت لك أنا أفضل (الزولفت)، فاستمر عليه لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك توقف عن (الموتيفال) بالكلية وتناول (الزولفت) لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناوله، وإذا اخترت (الأنفرانيل) ينطبق عليه ما ينطبق على (الزولفت).

وبالتأكيد عليك أيضا بالتواصل الاجتماعي، فكن فعالا في حياتك، فهذا -إن شاء الله- يعطيك القدرة لأن تقلل من انتباهك لوظائفك الجسدية؛ لأن الفراغ يجعل الإنسان ينتبه لوظائفه الجسدية مما يشغله كثيرا، وبالتأكيد التوكل على الله والدعاء والحرص على الصلاة في جماعة وتلاوة القرآن والأذكار هي تبعث في الإنسان الكثير من الطمأنينة.

وأنا على ثقة تامة أنك -إن شاء الله- بخير، عليك فقط اتباع الإرشادات السابقة وتناول الدواء الذي وصفته لك.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات