السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 19 سنة، ومشكلتي بدأت منذ خمس سنوات، وازدادت سوءا في السنتين الأخيرتين، وأحاور نفسي كثيرا مما سب لي كبتا داخليا، وهذا راجع لخجلي الشديد وبالأخص من الفتيات.
ولقد سبب لي هذا الكبت الداخلي ما يعرف بالقنطة، وهو تشنج في مستوى الحلق، وأحاول التخلص منها باستمرار ولكني أعجز، وأجرب حاليا دواء (سولبيران وكالسيبرونات)، ولم أتحسن، فهل من طريقة تخلصني من ذلك؟!
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سفيان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهذه الحالة تعتبر من حالات عصاب القلق، وعصاب القلق قد يظهر في شكل أعراض نفسية مثل القلق والتوتر وخفقان القلب والتعرق...وهكذا، وربما يظهر لدى البعض في صورة من صور الانقباضات العضلية ومنها هذا التشنج الذي يظهر لديك على مستوى الحلق، وقد مرت علي بعض الحالات التي يصعب لدى بعض الناس حتى البلع، ولكن في نهاية الأمر الأمر ليس مرضا عضويا، وإنما هو حالة نفسية بسيطة جدا.
ولا شك أن هذه الحالة قد بدأت لديك في سن حرجة، وهي بالطبع سن المراهقة والتكوين النفسي والوجداني والبيولوجي والجنسي والعاطفي، وهذه تعتبر بالطبع حلقة ضعيفة من حلقات الحياة وتكثر فيها كثير من الأفكار وأحلام اليقظة والآمال والتدخلات الفكرية الداخلية فأرجو أن لا تنزعج من الذي حدث لك من ناحية ما سميته بالكبت الداخلي، وهو ظاهرة طبيعية أن يتقاذف الإنسان الكثير من الأفكار والكثير من الآمال والكثير من الأحلام فهذا أمر طبيعي جدا.
ولكن بالطبع أنت الآن بلغت مرحلة من الرشد تستطيع أن تفرق فيها بين هذه الأفكار، وتستطيع أن تقوم بعملية تصفية - إذا جاز التعبير - لهذه الأفكار الداخلية، وفي نفس الوقت تستطيع أن تفرغ عن ذاتك ما تراه فكرا جيدا يمكن أن تتواصل به مع الآخرين، فهذا نوع من التفريغ النفسي، وما ترى أنك من الضروري أن تستشير فيه الآخرين يجب أن تقوم باستشارة الآخرين، فهذا أيضا نوع من التفريغ النفسي، وما تراه فكرا غريبا وليس جيدا فلا داعي أن تفصح عنه وحاول أن تتجاهله وحاول أن تستعيذ بالله منه، فهذا كله إن شاء الله يساعدك.
والأمور التي لا ترضيك بصفة عامة حاول أن تعبر عنها، ونقول أن التعبير الذاتي أو ما نسميه بالتفريغ النفسي يعتبر أمرا ضروريا، ولكن الإنسان لابد أن يعبر وأن يفرغ وأن يقوم بهذا التفريغ النفسي في حدود الذوق والأدب؛ لأن التعبير الجارح أو الشديد أو الذي يكون قائم على اللحظة أو كردود أفعال هذا يؤدي أيضا إلى الشعور بالذنب مما يزيد من القلق.
وهناك طرق كثيرة جدا للتعبير عن النفس التعبير وسط الأصدقاء ممارسة الرياضة بجماعية ربما تستغرب لذلك ولكن كرة القدم بالذات وجد أنها تتيح للإنسان التواصل والتعبير الذاتي الإرادي مما يساعده كثيرا في امتصاص الشوارد النفسية السلبية الداخلية التي تؤدي إلى القلق.
وأنت وصفت نفسك بأنك تخجل خاصة من الفتيات، وأرى أنك حين تتواصل رياضيا مع زملائك سوف تستطيع أن تتخلص من هذا الخجل، وحين تكون مواظبا على حلقات التلاوة سوف تجد أن هذا الخجل قد انتهى بإذن الله تعالى، والتواصل مع الفتيات يجب أن يكون وفق الضوابط الشرعية، فهذا أمر ضروري جدا، فأنت ابدأ بالتواصل مع محارمك في حدود ما هو مشروع وما هو معقول، وإذا اضطررتك الحاجة إلى التواصل مع فتاة ليست من محارمك فلابد أن يكون ذلك وفق الضوابط الشرعية المعروفة.
وأرجو أن لا تنزعج لهذا الأمر أبدا - الخجل - فإن شاء الله تلقائيا سوف تتحسن، فأرجو أن تنظر في وجوه الناس بكل ثقة، وهذا في حد ذاته يعطيك انطباعا للراحة الداخلية النفسية التي سوف تزيل هذه الحواجز التي تشعر بها.
وأرى أنك أيضا سوف تستفيد كثيرا من ممارسة تمارين الاسترخاء، فتمارين الاسترخاء مفيدة جدا بكل أنواعها، فهناك كتب وأشرطة توضح كيفية إجراء هذه التمارين وهذه التمارين في أبسطها تتمثل في الاستلقاء في مكان هادئ جدا والتأمل في شيء طيب وغمض العينين ثم بعد ذلك أخذ نفس عميق جدا وبطيء وملء البطن والصدر بالهواء ومحاولة البلع لأن هذا الأمر فيما أعتقد في حالتك سوف يكون مفيد جدا، وبعد ذلك أخرج الهواء أيضا بعمق وبطئ، كرر هذا التمرين عدة مرات، وسوف تجد أن هذه التشنجات وهذه الانقباضات الداخلية قد انتهت وهذا سوف يساعدك كثيرا.
وأما بالنسبة للأدوية التي تتناولها فهي أدوية جيدة ولكن أعتقد أن الأدوية التي هي أفضل الأدوية المضادة للقلق مثل العقار الذي يعرف باسم فلونكسول بجرعة نصف مليجرام صباحا ومساء سوف يكون جيد بالنسبة لك، فأرجو أن تتناوله لمدة ثلاثة أشهر ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحدة لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.
وأما إذا كان هذا الدواء غير متوفر فيوجد عقار أيضا يعرف باسم تفرانيل، وهو من الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب البسيط، ويساعد في هذه الحالات كثيرا، فيمكن أن تتناوله بجرعة 25 مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تتوقف عن تناوله.
أرى أن اتباع الإرشادات السابقة وتناول الأدوية التي ذكرتها لك سوف يساعدك كثيرا، وحقيقة استثمار الوقت والتركيز على الدراسة والشعور بالفعالية أيضا من المقومات النفسية الأساسية التي تشعر الإنسان بفائدته وإيجابيته، وهذا بالطبع سوف يزيل إن شاء الله كل اكتئاب وكل قلق وكل توتر، وأنا لا أعتقد حقيقة أنك مصاب باكتئاب حقيقي، بل هو نوع من القلق المصحوب بشيء من عسر المزاج، وكما ذكرت لك اتباع الإرشادات السابقة سوف تفيدك كثيرا بإذن الله تعالى.
أسأل الله لك الشفاء والتوفيق.