هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الأكل

0 330

السؤال

بم توجه من يأكل باليد اليسري، ولو نبهته، فمنهم من ينتبه ويشكرك، ومنهم من يقول: اليدان الاثنتان من خلق الله، ومنهم من يقول: أنا آكل وأشرب في نفس الوقت، وقد ابتليت الأمة بهذا البلاء؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ ع.ع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله الهدى والتقى والعفاف والغنى، ونسأله أن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

فإن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، ولابد لمن يدعو للخير والسنة أن يكون لطيفا رفيقا، حريصا على هداية واستجابة من يدعوه إلى الله، وزادك الله حرصا ورغبة في الخير، ونوصيك بأن تختار الأوقات المناسبة والكلمات الجميلة في نصح إخوانك، واعلم أن النصيحة إذا كانت أمام الناس فهي إذلال وإحراج للأخ، وقد يدفعه الشيطان إلى رفضها، وقد أحسن الشافعي رحمه الله حين قال: من نصح أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن نصح أخاه جهرا فقد أذله وشانه. وينسب له أيضا:

تعمدني بنصحك بانفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح في الناس نوع من التوبيخ لا أرض استماعه
فإن خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تعط طاعة

والصواب أن نبدأ بنشر السنن، وتعليم الجاهلين، وتنبيه الغافلين، والتذكير بأن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هو طريق النجاة والفلاح، قال تعالى: (( وإن تطيعوه تهتدوا ))[النور:54].

وقد كان عليه الصلاة والسلام يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله، وقد جعلت هذه الشريعة المباركة اليد اليمنى للأشياء الشريفة واليسرى لما سوى ذلك، ولا يكون الإنسان عبدا لله حقيقة إلا إذا سار على درب الرسول صلى الله عليه وسلم واستن بسنته، ولم يكن عليه الصلاة والسلام يتكلم من عند نفسه، ولكن كما قال سبحانه: (( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ))[النجم:3-4].

وقد كان عمر بن أبى سلمه رضي الله عنه ربيبا في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يأكل معه وتطيش يده في الصحفة، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم يبده، وقال: (يا غلام! سم الله، وكل بيمنك، وكل مما يليك)، وأمر الرجل الذي كان يأكل بشماله أن يستعمل يمناه، فقال الرجل تكبرا: لا أستطيع، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا استطعت)، فما رفعها إلى فيه، وهكذا شلت يده حين خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ))[النور:63]، والمؤمن ينفذ أحكام الشريعة بالرضى والتسليم والانقياد التام، قال تعالى: (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ))[النساء:65].

والعاقل لا يجادل ويدلي برأي يصادم ما جاء به الرسول عندما تصح نسبة الأقوال والأفعال إليه عليه الصلاة والسلام: (( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ))[الحجرات:1].

وأرجو أن تواصل النصح بلطف وحكمة، والناس فيهم خير ولله الحمد، لكن الاستجابة قد تتأخر، فلا تتعجل النتائج، والهداية من الله، وعلينا البلاغ والإخلاص في النصح، ومن واجبنا إحياء هذه السنن والآداب، والاجتهاد في تعليم الناس وإرشادهم، والصبر على أذاهم، وقدوتنا وإمامنا في ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات