العلاج النفسي وتأثيره في أعراض القولون العصبي وإمكانية زوال هذه الأعراض نهائياً

0 793

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه، ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين، ورزقكم الفردوس الأعلى من الجنة.

بداية معاناتي مع القولون كانت قبل ثمان سنوات تقريبا، عندما بدأت أعراض الغثيان، وأحيانا الاستفراغ، مع غازات في البطن، واضطرابات هضمية في الظهور فجأة وبدون مقدمات، وكان ذلك عند شروعي في الاستعداد لحفل زواجي، مع تغيرات نفسية، كاسوداد الدنيا في عيني، والعزلة، والخوف من شيء لا أعرفه، واستمرت أعراض القولون في الشدة فأصبحت لا أتناول طعاما إلا ويعقبه استفراغ، خاصة إذا كانت الوجبة مليئة بالدهون، مع شعوري كأن حياتي في حلم وليس حقيقة، وصاحبه في البداية ضيق شديد في التنفس حتى ظننت أنها النهايه، أجريت بعض الفحوصات في المستشفى، وأخبرت بأنه القولون العصبي، وأوصيت باتباع نظام غذائي خاص حتى تخف الأعراض.

ذهبت إلى بعض الرقاة، فمنهم من أخبرني بأنني مسحور، ومنهم من قال أن بي العين، حتى أصبحت في حيرة من أمري، واستمريت على هذا الوضع ثلاث سنوات إلى أن صادف أن أجريت عملية في قدمي، ومكثت بسببه ثمانية أشهر في المنزل بدون حراك تقريبا، عندها لاحظت اختفاء الأعراض، وأصبحت شهيتي مفتوحة لكل شيء وبدون مشاكل تذكر، مع شعور عارم بالراحة النفسية والسعاده النسبية نوعا ما، وبعد انتهاء فترة علاجي من العملية، وإزالة الجبس، وخروجي من المنزل، وخوضي معترك الحياة مرة أخرى، رجع إلي كل شيء، فقد عاودت أعراض القولون في الظهور، وأصبحت نفسيتي متقلبة بين الاكتئاب والاستقرار النفسي، وإن غلب الاكتئاب في أحايين كثيرة، وصرت أميل إلى العزلة، وأجد فيها الراحة النفسية، مع ظهور أعراض جديدة، كالخمول والكسل الشديدين، واللذان يظهران فجأة وبدون مقدمات؛ مما يضطرني إلى النوم القسري، ولو كنت في قمة نشاطي، مع انخفاض الطاقة والشهية، وعدم الراحة في النوم، وإذا حدث لي إمساك يكثر نومي حتى يصل إلى فترة 24 ساعة تقريبا.

وإذا حدث وخرجت الفضلات - أكرمكم الله - يدب في النشاط في جسمي ونفسيتي وكأني مركبة تزودت بالوقود، وقد أخبرت لاحقا أن ذلك من أسباب القولون العصبي، وقد جربت عدة علاجات عشبية للقولون لكن دون فائدة، وقبل حوالي 9 أشهر وتحت وطأة الاكتئاب ذهبت إلى طبيب نفسي، وصرف لي أدوية نفسية، لاحظت بعدها أن أعراض القولون اختفت وانتهت مشكلته إلى وقت كتابة رسالتي هذه. وسؤالي:

هل القولون العصبي علاجه بالأدوية النفسية؟ هل هناك علاج قاطع للقولون؟
هل إذا انتهيت من تناول العلاج النفسي يعاودني هذا العارض المزعج؟

أسئله آمل الإجابة عليها بشكل مفصل، وآسف على الإطالة لرغبتي في شرح معاناتي بالتفصيل حتى يتضح سؤالي، وتتضح الإجابة، وجزاكم الله خيرا.

علما أنني أنا صاحب الاستشارتين رقم (268703) و(268912) والتي لم أعثر على رد لها حتى الآن وفقكم الله فيما تقدمونه من خدمة لإخوانكم المسلمين الحيارى التائهين وإرشادهم، ورزقكم الفردوس الأعلى من الجنة.

والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية إجابة الدكتورحموده:

فكما تعلم أن القولون العصبي ليس مرضا عضويا، وإنما هو اضطراب في وظيفة القولون، فيصبح الإنسان أكثر إحساسا بتقلصات القولون، وفي حالة مرضى القولون العصبي يحدث اضطراب في الحركة التلقائية للأمعاء؛ مما يؤثر على سير محتوياتها من الطعام، والخلل في وظيفتها، ويحدث ذلك عقب التعرض للضغوط النفسية التي تؤثر بدورها على الجهاز العصبي في القولون.

وكما هو واضح عندك أن أعراض القولون العصبي مرتبطة عندك بالعامل النفسي، فعندما يتحسن الوضع النفسي تتحسن أعراض القولون، ومعروف أن هناك نسبة لا بأس منها من مرضى القولون العصبي من تكون الأعراض عندهم مرتبطة بالوضع النفسي؛ لذا عليك بالمتابعة مع الطبيب النفسي لصرف العلاج النفسي الذي يعالج الاكتئاب ويعالج القولون.

والعلاج بالأدوية النفسية يعطى لمرضى القولون العصبي، حتى ولم يكن عندهم مرض نفسي، وليس كل مريض قولون عصبي يحتاج للأدوية النفسية، فهناك مرضى يحتاجون لحمية معينة، ومع أدوية التقلص تتحسن الأوضاع، وبما أن القولون العصبي ليس مرضا عضويا فإن احتمال بقائه لسنوات طويلة احتمال قائم، ولا يوجد له علاج قطعي أو علاج شاف، وإنما علاج يخفف.
_____________________
انتهت إجابة الدكتور محمد حموده - وتليها إجابة الأخصائي النفسي الدكتور محمد عبد العليم :-

فمن الواضح تماما أن الأعراض التي تعاني منها هي أعراض القولون العصبي، وهذه التسمية (عصبي) أو (عصابي) من جانب المكون أو المكون النفسي لهذه الحالة، وهنالك نسبة كبيرة جدا من الذين يعانون من هذه الحالة قد ترتبط لديهم بحالتهم النفسية والوضع النفسي الصحي بالنسبة لهم، وهنالك ارتباط وثيق جدا ما بين القلق النفسي والقولون العصبي، وهذا الارتباط يمكن أن نضعه في إطار أن بعض الناس لديهم القابلية للقلق والتوتر الداخلي، وهذه القابلية والتوتر الداخلي تثير لديهم أعراض القولون العصبي، وحين تثار هذه الأعراض نسبة لما تسببه من إزعاج بالرغم من عدم خطورتها يؤدي ذلك إلى ظهور عسر في المزاج وربما نوع من الاكتئاب النفسي، وهذا بالطبع يدخل الإنسان في هذه الحلقات المفرغة.

إذن وجود قلق أو توتر في الشخصية قد يؤدي إلى الإصابة بالقولون العصبي التي تؤدي إلى أعراض تؤدي إلى مزيد من القلق والاكتئاب النفسي، فهذه العلاقة علاقة وطيدة بين الوضع النفسي للإنسان والإصابة بالقولون العصبي (العصابي)، وهذا يجعلنا نقول أن العلاج الدوائي النفسي، وكذلك التأهيل النفسي مع الأدوية تفيد الإنسان كثيرا في علاج القولون العصبي.

هذه هي الإجابة على الجزئية الأولى من سؤالك، وأنت لم توضح نوعية الدواء النفسي الذي وصفه لك الطبيب، ولكن معظم الأدوية المضادة للاكتئاب تعتبر مفيدة جدا، وكذلك الأدوية المضادة للقلق التي منها العقار الذي يعرف باسم (دوجماتيل) وكذلك (موتيفال) و(فلونكسول) و(بوسبار) تعتبر هذه الأدوية كلها مضادة للقلق، ومفيدة جدا في علاج القولون العصبي، وكذلك الأدوية المضادة للاكتئاب تعتبر جيدة وفعالة التي منها الأدوية القديمة ثلاثة الحلقات، مثل (التفرانيل، والتربتزول) والأدوية الحديثة مثل (الزيروكسات، والبروزاك، والسبراليكس)، وأعتقد البروزاك مع الدوجماتيل هي الأدوية المناسبة لك؛ لأن البروزاك يحسن من الطاقات الجسدية، وكذلك الطاقات النفسية، ولا يسبب أعراضا جانبية كثيرة، فقط ننصح بتناوله بعد تناول الطعام.

أما سؤالك الثاني بخصوص علاج قاطع للقولون؟ فالأمر أمر نسبي، أي لا نستطيع أن نقول أن هذه الأعراض قد تختفي بالقطعية من كل الناس، لا.. ولكن معظم الناس يستفيدون كثيرا من العلاج وتتلاشى أعراضهم تماما، وقد وجد أن المرحلة العمرية أيضا تلعب دورا في مرض القولون العصبي، فهنالك الكثير من الناس تنتابهم هذه الأعراض في مرحلة الشباب ومرحلة الطاقة الحركية، والطاقة النفسية والانشغال بالوظائف والعمل، ومكابدة الحياة، فهذا يثير هذه الأعراض، أما حين يصل الإنسان إلى مرحلة متقدمة في عمره فغالبا ما تختفي هذه الأعراض.

هنالك جانب مهم جدا وهو التأهيل النفسي الذي قد يصل بالإنسان إلى مرحلة الاختفاء الكامل للأعراض، وهذا التأهيل يتمثل في ممارسة الرياضة والاسترخاء النفسي، وتنظيم الوقت، والتفكير الإيجابي، ومحاولة تجنب التفكير السلبي، وهكذا، وأن يشعر الإنسان بفعاليته في الحياة، وأن يقوم بالفعل بدور في الحياة، هذه كلها تعتبر علاجات وقائية مفيدة جدا بجانب العلاج الدوائي، والنظرية النفسية الآن تقول أنه لا مانع مطلقا أن يتناول الإنسان علاجا نفسيا وقائيا لفترة حتى ولو طالت هذه الفترة، وحتى إن كانت طالت سنين عديدة ما دام إن شاء الله يساعد ذلك في اختفاء الأعراض وإزالة القلق وإزالة الاكتئاب، ولا بأس في ذلك مطلقا؛ لأن هذه الأدوية الآن هي أدوية فعالة وسليمة جدا.

أما عن سؤالك الأخير؛ فأعتقد أنك إذا استمريت على العلاج النفسي لفترة طويلة لا تقل عن عامين فهنالك احتمال وأمل كبير ألا تعاودك الأعراض مرة أخرى، خاصة إذا حافظت على وسائل العلاج والتأهيل الأخرى، والتي ذكرتها لك، بجانب المحافظة على الأكل، وتناول الأدوية المضادة لتقلصات القولون العصبي، فهذا إن شاء الله تعجل فرصة ألا تعاودك الأعراض واحتمال كبير جدا، أما إذا لم تلتزم بهذه الآليات وكانت هنالك ضغوط كثيرة ربما تنتابك هذه الأعراض مرة أخرى.

أسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات