السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب مقبل على الزواج، ولي أخت مقبلة أيضا على الزواج، وهذه الأخت عاقة لأمها، فكانت تعيش مع أختها التي هي من أبيها تاركة أمها العجوز لخدمتي وخدمة نفسها، وكانت تمر شهور ولا تسأل عن أمها أبدا، وكنت أقوم أحيانا بخدمة والدتي، ولكن ظروف العمل لا تسمح لي أن أساعدها كثيرا.
وقد ورثت والدتي مبلغا من المال فأمرتني أن أتزوج بهذا المبلغ، ولكنني رفضت وفوجئت بأن خطيب أختي يريد تعجيل الزواج، وحدثت مشكلة بين أختي الشقيقة وأختي التي من أبي فقط، فجاءت الأولى إلى أمها ففرحت جدا وبدأت بتجهيزها من مالها، وفوجئت بزيادة الأسعار، علما بأن لي أختا من أمي فقط وفوجئت بأن تجهيز أختي استهلك حوالي (75%) من ميراث أمي، علما بأني لم آخذ أنا وأختي التي من أمي شيئا.
علما بأني راض جدا بذلك، ولكن أختي التي من أمي لا تعلم شيئا عن هذا الميراث، فهل ذلك يعتبر ذنبا على أمي لأنها لم تعدل أم من حقها توزيع أموالها طبقا للحاجة؟!
مع العلم أن أختي التي من أمي متزوجة ومن حقي أن آخذ باقي المبلغ المتبقي للزواج، فماذا أفعل؟!
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يوسع رزقك وأن يستركم في الدارين.
وبخصوص ما ورد برسالتك، والذي ورثته والدتك وأعطتك إياه وطلبت منك أن تتزوج به، ولكن ظروف أختك الشقيقة ورغبة زوجها في تعجيل الزواج،... فأقول لك -أخي الفاضل- إن هذا ليس ميراثا؛ لأن الميراث هو ما يتركه الميت لورثته بعد موته وقد يكون منقولات أو عقارات أو غير ذلك، وأما الذي أخذته من أمك فهو مالها، لها أن تتصرف فيه في حياتها كيفما شاءت ما دامت لا تخالف الشرع، وعليه فلا تطبق على هذا المال أحكام الميراث، والأصل أن الوالد أو الوالدة إذا أراد أن يعطي أحدا من أولاده شيئا أن يسوي بينه وبين إخوته كما حدث في قصة النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
وأما ما ذكرته أنت الآن في سؤالك فأنت الذي قمت بتجهيز أختك - كما فهمت من كلامك - وبذلك لا إثم على والدتك، وكذلك الظرف الذي ذكرته من ارتفاع الأسعار ورغبتك في تجهيز أختك للزواج، فهذا ظرف طارئ قد يغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره، حيث أن العرف المصري يرى أن تجهيز البنت للزواج من أهم الأمور وأوجب الواجبات، وأن الأسرة تستدين لسنوات حتى تدخل ابنتهم إلى بيت زوجها وهي مرفوعة الرأس وليست أقل من غيرها، ويغفر الله لأمك بنيتها في تخصيص هذا المال لك دون أخواتك؛ لأن هذا لو حدث لكان معصية فعلا، وأما الباقي من المال فعلى أمك أن تسترضي أختك بما تراه مناسبا؛ لأنه (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فحاول إرضاء أختك بما تتفقا عليه خاصة وأنها متزوجة وحاجتها إلى المال أقل من حاجتك أو حاجة أختك، ولك أن تقسم هذا المال قسم الميراث بأن تجعل لها نصف حقك أو أن تقسمه بينها بالسوية أو أن تتنازل أنت لها أو تتنازل هي لك، والمهم التراضي والحرص على صلة الرحم.
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وأن ما عند الله هو خير وأبقى.
والله الموفق.