السؤال
لدي طفل من مواليد 1998يفضل مشاهدة التلفاز على اللعب مع الأطفال أو بالأحرى لا يفضل الألعاب البدنية وإنما يفضل التركيب أو البلاي ستيشن.
طفلي ذكي متفوق في دراسته ولكني أحس بأنه طيب أكثر من اللازم بمعنى أصح أحس أنه عفوي بريء ليس فيه دهاء الأطفال الذين هم في سنه، لا يحب الخروج معنا للبحر؛ لأنه لا يحب السباحة أو يخشى من سمك القرش أو أي خطر قد يحدث له من البحر، وعندما نجبره على الخروج لا يستمتع بذلك وإنما يسأل عن وقت عودتنا للبيت.
يفضل فقط الخروج لمدن الألعاب، أما زيارة الأقارب والأصدقاء فلا يفضلها، يغضب بسرعة ولا يسمح بالسخرية منه ولو لمجرد المزاح، لا يحب الاستحمام، وإنما أجبره على ذلك، ترتيبه السادس بين إخوته، ظل آخر العنقود إلى أن جاءت منذ سنتين أخته الصغرى، ولا يوجد مشاكل بينهما ولم يتغير بسبب ذلك، ظل مثلما هو.
ماذا أفعل مع طفلي ليندمج ويصبح طفلا عاديا؟
مع جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم صقر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما دام الطفل الحمد لله يتمتع بذكاء وقوة معرفية، وهو متفوق في دراسته، فهذا أمر طيب وممتاز.
الشيء الآخر هو أن الأطفال بالطبع ليسوا بشريحة واحدة، نحن كثيرا ما نقارن بين أطفالنا، وربما يكون الطفل يختلف عن إخوته في شيء ما، وهذا يجعلنا نركز عليه وننظر إليه بسلبية أكثر.
أنا أعتقد أن هذا الابن حفظه الله قد حدث له نوع من الانجذاب الشديد لدرجة الالتصاق مع الألعاب والبلايستيشن، للدرجة التي أصبح فيه مزاجه ووجدانه لا يقبل أي نشاطات أخرى، أي لا توجد لديه السعة المعرفية والوجداني الداخلية لتقبل الأشياء، حين يسأل عن متى سوف نرجع للبيت، هو يريد أن يرجع للألعاب، ويريد أن يرجع للبلايستيشن، وهذه مشكلة حقيقة في بعض الأطفال هو أن يكون اهتمامهم لأمر واحد، وبالطبع ما دام هذا الشيء متوفرا فسوف يلجأ الطفل إليه، أنا لا أقول أن نحرم الطفل من هذه الألعاب، ولكن لابد أن نقلل منها، والذي أود أن أقترحه هو أن تأخذي البلايستيشن تماما وتضعيه في مكان بعيد من متناول الطفل لمدة ثلاثة أيام.
سوف يحتج، ويصرخ ويبكي، ولكنه في نهاية الأمر سوف يبدأ في استكشاف النشاطات الأخرى، سوف تبدأ الرغبة تتولد إليه، وينظر إلى خيارات أخرى، سوف يبدأ في اللعب مع الأطفال، أنا لا أقول أن الثلاثة أيام كافية، ولكنها سوف تعطيه جرعة تنشيطية قوية للخروج من هذا الروتين.
والشيء الآخر هو أن تلجئي إلى طريقة النجوم، هذا الطفل يبلغ من العمر الآن تسع سنوات، ويجب أن نحفزه، ويجب أن نشجعه على كل عمل إيجابي، اتفقي معه على أنه سوف تكون له مكافأة حيال كل عمل إيجابي يقوم به، وطريقة النجوم كما تعلمين أيتها الأخت الفاضلة تتمثل في أن يعطى الطفل نجمتين أو ثلاثا لكل عمل إيجابي يقوم به، وتسحب منه نجمة أو نجمتين لكل تصرف سلبي، ويكون هنالك اتفاق معه أنه حسب عدد النجوم التي سوف يكتسبها، سوف يستبدل رصيده بشيء يفضله.
هذه الطريقة طيبة وفعالة، ولكنها تتطلب الصبر.
الشيء الآخر هو أن تتاح لهذا الطفل فرصة لأن يندمج مع بقية الأطفال، الطفل يتعلم من الأطفال، لا يتعلم منا نحن الكبار كثيرا، نحن الكبار ينظر لنا كمصدر لتحقيق مطالبه ومنافعه، هذا شيء يعرف تماما في علم النفس، ولكنه يتفاعل مع بقية الأطفال، إذن نرجو أن ندفعه نحو ذلك.
الشيء الثالث، حاولي أن تبني شخصية الطفل بأن تجعليه أكثر اعتمادا على نفسه، اجعليه يرتب ملابسه، يقوم في الصباح بترتيب سريره، هذا ضروري جدا، طريقة الاستحمام، تنظيف أسنانه، تمشيط شعره، الأشياء الأساسية جدا والتي يعرف أنها ذات فائدة قوية جدا في بناء شخصية الطفل، أما الاعتماد على المربيات وما يحدث في هذا الزمن، حقيقة هو مخل جدا بالتربية، فأرجو أن تركزي على هذا الطفل في هذا السياق، هذا أمر سوف يساعده.
أيضا بناء شخصية الطفل بأن نشعره بأنه يشارك في قرارات الأسرة على سبيل المثال إذا كنتم ذاهبين إلى التسوق، دعيه في البيت أولا يكتب قائمة المشتريات في البيت، يكتب هذه القائمة ثم يحملها ويذهب معك أو مع والده مثلا، ويقوم هو باختيار الأشياء وبعد ذلك يعطى الفلوس ويقوم بدفع قيمة البضائع وهكذا.
هذه أمور بسيطة جدا في الحياة، ولكنها ذات قيمة علاجية كبيرة.
إذن هذا هو الأساس للتنمية التربوية للأطفال، ويجب أن نستثمر حقيقة في الطفل بأن نرغبه، بأن نحفزه، وبأن نتغاضى عن سلبياته، وأن يوبخ في وقت السلبيات الكبيرة.
هذه هي المبادئ الأساسية، ولكن أؤكد لك أختي ما دام الطفل يتمتع بذكاء ومقدرات عالية، فهذا إن شاء الله لا خوف عليه، وحاولي أن تطبقي هذه الإرشادات السلوكية، ولابد أن يتعاون الوالد أيضا في هذا السياق، وأن تتخذوا منهجا واحدا حيال هذا الطفل.
أسأل الله له التوفيق والسداد.