وسائل لعلاج العصبية والتوتر الانفعالي

0 752

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن جهودكم لا يمكن أن تقدر، ولا يمكن رد الجميل لكم إلا بالدعاء، فأسأل الله أن يرعاكم ويجزيكم خيرا ويبارك لكم في أعمالكم وأقوالكم، وكل رمضان ونحن وإياكم وأمة المصطفى صلى الله عليه وسلم بأفضل حال.

لقد تحسنت أموري والحمد لله وتعالجت من الاكتئاب والقلق والوساوس وشفيت بإذن الله وحمده وفضله، وقد أنجزت الكثير خلال الفترة الماضية، وتزوجت ولي بيت وأسرة وعملي ووضعي جيد والحمد لله، ولكن منذ أيام قليلة لا أدري ربما عدت لتفكير سيء من الوساوس المرضية أو غيره، والمشكلة الأكبر أنني أنفعل بسرعة وأتعصب لأمر قد يكون تافه، وبالأمس غضبت على زوجتي وغلطت كثيرا لأمر تافه - أقولها بكل صدق -، فانزعجت لماذا صرت أنفعل كثيرا.

علما أن أعصابي كانت باردة ولا أعرف لماذا الغضب، ولم أعد أتحمل أي شيء، وإذا لم يعجبني موضوع مثلا وكأن كارثة حصلت، فأشعر بضيق ونكد وتعرق باليدين وتسارع بالنبض، وهذا الشيء يسبب لي وسوسة من أنني عندها أتخيل نفسي أنني سأصاب بجلطة أو بخلل في القلب، ومن هنا بدأت أنزعج ولم يخطر ببالي غيرك كي أشكو لك لتنصحني وتذكرني وتقوم تفكيري وسلوكي، وأنا لم أكتب إليكم منذ سبعة أشهر وهذا دليل على أن أن كل الأمور جيدة ولله الحمد.

وربما تغير تفكيري في هذه الأيام وصارت عندي مسئولية ضخمة وإيجار بيت وأكل وشرب وفواتير وضرائب وغيره، وأنتم تعرفون أن الحياة صارت عبئا ضخما صعبا، ولم يعد الراتب يكفي إلا لأبسط الأساسيات، ولكني متفائل وأذكر نفسي دوما ((الشيطان يعدكم الفقر))[البقرة:268]، والحمد لله أنا ملتزم جدا، وزاد التزامي دينيا أيضا بعد الزواج، وفي السابق لم أكن أكترث للسفاسف ولا أبالي بكثير من تفاصيل الحياة الصعبة، فلماذا اليوم أنا هكذا؟!

أريد أن أبقى هادئا متزنا وأعيش الحياة بطولها وعرضها، والحمد لله لا ينقصني علم ولا دين ولا خلق ولا بيت ولا عشيرة ولا أي أمر.

ومشكلتي تكمن في أنني أحلل من عندي، فمثلا ما يثير مخاوفي مرضيا هو أنني إذا انزعجت أشعر بضيق وشد عصبي، أي أشعر بأن رأسي يريد أن لا يتحرك فأقول أنني ربما سأشل أو تتوقف شفتاي، وأنني مثلا إذا شعرت بألم في صدري أقول هذه جلطة، وإذا آلمتني يدي اليسرى أيضا أقول جلطة، وكثرة المصائب والجلطات والأمراض ربما تؤثر، وأيضا ربما ضعف في نفسي وطريقة للهروب أتمارض.

وعليه فإني لا أحتاج إلى أي دواء، ولكن ما يزعجني فقط سرعة الانفعال والغضب وتضخيم الأمور، فكيف أصنع من نفسي هادىء الأعصاب وأنا سيد من التزم بالتعليمات إن شاء الله، وأيضا كيف ألغي الخوف من الجلطة وألغي التحليل والاستنتاج الخاطىء، وأنا أعرف أنني لا أفكر بطريقة صحيحة حين أحلل أن الألم الذي يلازمني أحيانا في صدري وظهري ليس له علاقة بالجلطة، وخصوصا أن من راجعت من الأطباء قال أنه ليس بي أي خلل والحمد لله.

وأحيانا أحاول إقناع نفسي بأن ليس كل من يغضب سيصاب بالجلطة، فمثلا لي خال غضبان 24 ساعة ومنذ سنين، وما شاء الله لم يصب بأي سوء، وهذا نوع من المزاح ولكن أحيانا أفكر هكذا بشكل جدي، وأيضا أقول أنني والحمد لله لا أدخن وصحتي ممتازة ولا أشرب الخمر فلن أصاب بالجلطة وهكذا.

وهناك أمر أيضا أريد رأيكم فيه وهو أنني كنت أحمل معي أيام العلاج في جيبي حبتين (زناكس) أقل عيار، وكانت معي للاحتياط، وكنت أشعر بالأمان وهي معي ولم أكن أستخدمها إلا نادرا، وبحمد الله وبفضله لم أستخدمها منذ سبعة أشهر، ولكنها تبقى معي، فهل ألغي هذه العادة أم أبقى عليها لأنني فعلا أشعر بالأمان وهي معي رغم عدم استخدامها؟!

وأختم بأنني والحمد لله ملتزم بديني كبير بالله يقيني إن شاء الله، ولم أصل للانفصام ولن أصله إن شاء الله، قال تعالى: ((فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها))[البقرة:256]، وأكرر أني أريد استراتيجية حياة أو فلسفة حياة أو خطة للعيش.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله تعالى أن يتقبل طاعاتكم، ولا شك أن رسالتك معبرة وقد شدت انتباهي لما حوته من أفكار رائعة وتحليل ذاتي دقيق.

ومن الواضح أن شخصيتك تحمل صفات وسمات القلق، وهذا القلق فيما أرى كان بعد توفيق الله تعالى لك هو السبب في النجاحات والإنجازات العظيمة التي توصلت إليها.

ومن أفضل وسائل علاج العصبية والتوتر الانفعالي هو اتباع الآتي:

1- التعبير عن الذات خاصة في الأمور التي لا ترضيك، ويجب أن يشمل هذا التعبير الأمور البسيطة، فالتفريغ النفسي هو صمام الأمان لتخفيف احتقانات النفس.

2- حين تأتي لحظات الغضب والتوتر يجب أن تعقبها بلحظات استرخاء وتواصل هادئ مع من حولك خاصة الزوجة، ولا مانع مطلقا إن وصل هذا التواصل إلى درجة الاعتزار للطرف الآخر، ومثل هذ الممارسة السلوكية ستقلل من الانفعالات والعصبية المستقبلية.

3- عليك أن تكثر من ممارسة تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرج.

4- الرياضة لها فعاليتها في علاج الغضب والتوتر والعصبية، ولكن لابد أن تكون متواصلة، ومن أفضلها رياضة المشي.

5- حاول أن تتذكر دائما في لحظات الغضب والعصبية أن ما لا تقبله لنفسك لن يقبله الآخرون.

6- لابد أن تخصص وقتا للراحة والترويح عن الذات.

7- يمكن أن تتفق مع زوجتك على تمارين سلوكية تتمثل في أن تلعب زوجتك دور الغضبان والمتوتر وتكون أنت في دور المتلقي، فهذا أيضا نوع من التفريغ النفسي الممتاز، وعليك أن تواصل التمرين بعكس الأدوار، بمعنى أن تكون أنت الغضبان والمتوتر والزوجة هي المتلقية، فهذه التمارين إذا مورست وطبقت بصورة صحيحة ترفع من مهارات التحمل لدى الإنسان، ولكن تطبيقها يتطلب الجدية والاستمرار بها، وأحسبك -إن شاء الله- حريصا على ذلك.

8- التفكير الإيجابي يجب أن تعيشه دائما، وأنت والحمد لله رجل متفهم لذلك، وقد حباك الله بالدين والعلم والأسرة الكريمة وحب الآخرين، وهذه نعم عظيمة يجب أن لا تقلل من قيمتها، وهي بالطبع ستكون حافزا لمزيد من قبول الذات والاسترخاء.

9- حاول أن تضع خارطة مستقبلية لحياتك في حدود المعقول وما هو متوفر لك من إمكانيات، على أن تستفيد من الماضي لتطوير الحاضر والمستقبل، وتعيش الحاضر بقوة والمستقبل بأمل.

10- كل الأفكار السلبية الاستباقية خاصة في ما يتعلق بالإصابة بالأمراض أو العجز الجنسي يجب أن تحقر ويجب أن تستبدل بالأفكار المضادة لها، والذي أرجوه هو أن تصمم على عدم التردد على الأطباء، وياحبذا لو قلت أني لن أذهب لمقابلة أي طبيب إلا بعد ستة أشهر من الآن، فوضع حدود وكوابح واضحة هي الطريقة الوحيدة التي تبعد الإنسان عن التوهم المرضي، وأنت ونحن -إن شاء الله- في كنف الله وحرزه.

وبالله التوفيق وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات