الخوف من الإصابة بالأمراض

0 557

السؤال

أنا من مواليد سنة 1973، وفي سنة 1986 (عندما كان عمري 13 عاما) شاهدت على التلفاز برنامجا وثائقيا عن مرض السرطان، بعد البرنامج مباشرة اجتاحني خوف شديد، وبدأت أشعر وكأني أعاني من مرض السرطان ثم تطور الأمر معي إلى أن أصبحت أخاف من كل شحص مريض، وأصبحت لدي مشكلة أنني كلما سمعت عن مرض معين بدأت أتخيل أعراضه وكأني مصاب به، حاولت الشكوى للأسرة في البيت لكنهم كانوا يضحكون علي ويلقبونني "بالخويف"، ذهبت للجامعة وحصلت على البكالوريوس، تبددت مخاوفي بعض الشيء لكنني كنت انطوائيا بعض الشيء، أكثر من مرة تم فيها الاستهزاء من شكلي" مع أني لست قبيحا، ولكن شفتي عريضة بعض الشيء".

هذا الأمر ترك بداخلي انطباعا بأني لست جميلا، وأصبحت أخاف المواجهة مع النساء، سواء كان ذلك بالعمل أو خلال إتمام معاملة ما في بنك ما يكون الموظف من النساء، استمريت على هذا الحال حتى عام 2007، حيث تعرضت في شهر مايو 2007 لمشاكل عائلية صعبة وقوية، ضغط في العمل وعدم وجود راحة نفسية، إضافة إلى تراكم بعض الديون المادية بعد زواجي في سنة 2006 أثناء فترة المشاكل العائلية حصل معي ما يلي:

1. كنت أشعر بالتعرق تحت الإبط.

2. كانت رجلاي ترتعشان ولا أستطيع الوقوف بالصلاة إلا بكد كبير (من تاريخ 20-5-2007 ولغاية 01-07-2007) ثم توقف.

3. خمول وكسل أثناء الصباح.

4. في الفترة ما بين 20-05-2007 ولغاية 01-07-2007، كنت لا أستطيع المشي أو ركوب السيارة؛ لأني كنت أشعر بحالة قوية من الدوار والغثيان، وكنت أنزل من السيارة مباشرة بعد قطعها أقل من 2 كيلو متر.

5. أصبحت سريع الانفعال حتى على الأشياء التي لا تستحق.

6. كنت أشعر بعدم الاتزان خصوصا في الفترة الأولى المشار إليها في الأعلى والشعور بأني سوف أقع على الأرض.

7. حتى اليوم، عندما أركب السيارة لمسافات طويلة أشعر بتعب وطنين عند النزول من السيارة.

بناء على ما ذكر فقد قمت بزيارة ثلاثة أخصائيين في طب وجراحة الأعصاب والدماغ:
(1) قمت بعمل صورة طبقية للدماغ والأذن الوسطى، وكانت نتائج الصور كلها سلبية.

(2) توجهت لـ ثلاثة أخصائيين بالقلب والشرايين، وقمت بعمل فحص جهد للقلب، وصورة Echo للقلب والشرايين، وكانت النتائج كلها ممتازة.

(3) قمت بعمل فحص سكر الدم أكثر من مرة، وكانت نسبة السكر في كل مرة تتراوح ما بين 83-102.
(4) توجهت لطبيب أخصائي في الغدد، وقمت بعمل فحص فياتمين ب12الكالسيوم والصوديوم، وفحص هرمونات الغدة الدرقية T3,T4.tsh وعمل صورة تلفزيونية للغدة الدرقية وكانت النتيجة ممتازة، ولا مشاكل.

(5) قمت بزيارة أخصائي أنف وأذن وحنجرة وفحص الأذن الداخلية والجيوب الأنفية، ولم يجد الطبيب ما يقلق.

(6) زرت مركزا متخصصا بطب وجراحة العيون، وقمت بعمل فحص شامل للعيون والعصب البصري، وضغط العين، وكانت النتائج ممتازة باستثناء بعض الانحراف في النظر.

كل الأطباء الذين زرتهم كانوا يشخصون مرضي على أنه قلق مفرط وتوتر، وكانوا يصفون لي أدوية مثل اكزانكس وكلا مارفين وهي مهدئات.

المشكلة أني اليوم ما زلت قلقا على نفسي، وبت أتنقل من طبيب لآخر دون جدوى، مع أن بعض الأعراض المرضية التي ذكرتها قد زالت، خصوصا ارتعاش القدمين، إلا أنني ما زلت أشعر بين الفينة والأخري بالغثيان، الدوار، وعدم الاتزان، خصوصا عندما تثور المشاكل العائلية الآنفة من جديد.

فكري دائما مشغول، قلق، اضطراب، أفكر بما يصلح وما لا يصلح، ومع أني قمت بعمل الكثير من الفحوصات إلا أنه لا يزال هناك شيء بداخلي يقنعني بأنني مريض.

هل تنصحوني بزيارة طبيب نفساني؟ وبناء على ما ذكر ما هو تشخيصكم لحالتي؟ وما هو العلاج والدواء الأكثر فاعلية؟

مع شكري الجزيل لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جميل الزينات حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرا أخي الكريم على هذه الرسالة، وقد وصلتنا رسائل مماثلة في الماضي، وهذا يدل أن هذه الحالة لا تنطبق عليك وحدك.

أخي الكريم! حالتك بصفة عامة هي أن شخصيتك تحمل جانب القلق وجانب الحساسية، والذي حدث لك من خوف من مرض السرطان والأمراض بصفة عامة وكذلك عدم ارتياحك لشكلك العام هذا أخي الكريم ناتج عما يعرف بالارتباط الشرطي، بمعنى أن الإنسان يتعرض لحادث ما، ونسبة لحساسيته يلتصق هذا الحادث بفكره وعقله الباطني بصورة مطبقة، وهذا يتطور ويصل إلى هذه الحالة المرضية، والتي نسميها بالمراء المرضي.

أخي الكريم، بالطبع هي ليست حالة خطيرة مطلقا ولكنها ربما تكون مزعجة بعض الشيء، والأعراض التي سردتها كلها هي أعراض القلق النفسي، والقلق النفسي يظهر في مثل هذه الحالة في شكل أعراض نفسوجسدية، أي أن هنالك أعراض جسدية ولكن منشأها نفسي في الأصل.

أخي الكريم! العلاج الأساسي والمهم جدا هو أن لا تتردد على الأطباء، أن تصمم وأن تعزم، وأن تجري حوارا داخليا مع نفسك أنك سوف تتوقف تماما عن مراجعة الأطباء فيما يخص هذه الأعراض.

أعرف أن ذلك ربما يسبب لك نوعا من القلق، أو أنك سوف تجد أن نفسك تلزمك ويحدث نوع من الإصرار الداخلي على الذهاب للطبيب، ولكن قاوم وقاوم وفي نهاية الأمر سوف تجد أن هذا القلق قد قل وقد انتهى .

أخي الكريم، كما ذكرت لك هذه الحالات موجودة بكثرة، وأذكر جيدا أننا حين كنا طلابا في كلية الطب حين يشرح الأساتذة عن أي من الأمراض المعروفة يتخيل الكثير من الطلاب أنه مصاب بنفس هذه الحالة، وبالطبع يذهب ذلك بعد أن يحدث التدرج في التدريب الطبي، ومشاهدة حالات أكثر وأكثر تختفي هذه الظاهرة .

إذن أخي عليك أن تعزم، وعليك أن لا تتردد على الأطباء .

قل لنفسك دائما أنك أنت الحمد لله بخير، وأن هذه حالة نفسية بسيطة، فلماذا أكون أنا حساس لهذه الدرجة؟

نصيحتي لك أيضا أخي لا تتأثر مطلقا بما يتم تداوله في الإعلام من مواد طبية في بعض الأحيان، بالطبع أن يثقف الإنسان نفسه وأن يرفع مستوى إدراكه جيد، ولكن ليس كل ما يتم تداوله من معلومات في أجهزة الإعلام بالدقة المطلوبة.

الشيء الذي ذكرته أنه بداخلك ويقنعك بأنك مريض حاول أن تستبدل هذه الفكرة وقل أن هذا الشيء الذي بداخلي يقول لي الآن أنك لست بمريض، وأن هذا مجرد قلق نفسي، وبناء عليه فإني لن أتردد على الأطباء .

أخي بالطبع لا بأس أن تجري فحصا إكلينيكيا، وبعض الفحوصات المختبرية مرة كل ستة أشهر، وهذا يتم عن طريق طبيب الأسرة، وهذا في حد ذاته وجد أنه يطمئن الإنسان لدرجة كبيرة.

إذن زيارة الطبيب مرة واحدة كل ستة أشهر من أجل الفحص العام، هذا أيضا إن شاء الله يجعلك تطمئن ولا تتردد على الأطباء .

أخي الكريم، أرجو أن تستثمر وقتك وتركز على عملك، وواجباتك الأخرى، الواجبات الأسرية والواجبات الاجتماعية، ولابد أيضا أن تروح عن نفسك فيما هو مشروع، وعليك أخي أن تمارس الرياضة، هذه أيضا تفيدك كثيرا، ولا شك أن الإنسان يطمئن قلبه بذكر الله، وأحسبك إن شاء الله أنت حريص على ذلك، وفي نهاية الأمر قل لنفسك دائما لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وهذه لا شك حقيقة أبدية تبعث على الطمأنينة إن شاء الله .

أخي، لا مانع بالطبع من أن تزور الطبيب النفسي ولو لمرة واحدة إذا تيسر ذلك، كما أن العلاج النفسي الدوائي يفيد كثيرا في مثل هذه الحالات؛ لأنه يعتقد أن المراء المرضي ربما يكون مؤشرا على وجود نوع من الاكتئاب البسيط، مع خلفية القلق والحساسية التي تتسم بها الشخصية.

هنالك أدوية جيدة وبسيطة جدا أرجو أن تبدأ في استعمالها، منها عقار يعرف باسم دوجماتيل أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة 50 مليجراما صباحا و50 مليجراما مساء، وتناول معه أحد الأدوية المضادة للاكتئاب والمضادة للمخاوف في نفس الوقت، ومنها عقار يعرف باسم زيروكسات، تناوله بجرعة عشرة مليجرامات نصف حبة ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى حبة كاملة ليلا وتناوله لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر ،وهذا إن شاء الله سوف يساعدك كثيرا، ونسأل الله أن يجعل لك الشفاء.

إذا لم يتيسر لك الحصول على الزيروكسات، يمكنك أن تستبدله بعقار آخر يعرف باسم أنفرانيل، والجرعة المطلوبة في حالتك هي 25 مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم ترفعها إلى 50 مليجراما ليلا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفضها إلى 25 مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، الأنفرانيل أيضا دواء جيد وبسيط، وهو قليل التكلفة من ناحية السعر، فقط ربما يسبب آثارا جانبية بسيطة وليست خطيرة مطلقا، وهذه الآثار الجانبية تتمثل في الشعور بجفاف في الفم، وربما ثقل في العينين، وكذلك إمساك بسيط، تكون هذه الأعراض فقط في الأيام الأولى لبداية العلاج، ثم تختفي بعد ذلك.

أخي الكريم، أسأل الله لك التوفيق والسداد، وعليك أن تطمئن تماما أن هذه الحالة سوف تزول، ولكن عليك بمقاومتها والتذكر دائما أن التردد على الأطباء سوف يزيد هذه الحالة، وبالطبع أنت لا تريد ذلك وكذلك نحن لا نريد لك ذلك .

وبالله التوفيق.
--------------
انتهت إجابة الدكتور ولمزيد من الفائدة يرجى التكرم بالاطلاع على الاستشارات التالية والتي تتناول علاج القلق بالوسائل السلوكية: ( 261371 - 263666 - 264992 - 265121 )، وكذلك علاج الخوف من الأمراض: ( 263760 - 265121 - 263420 - 268738 ).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات