السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من اضطرابات نفسية، ودائما أميل للحزن وأبحث عنه حتى لو لم يكن هناك سبب حقيقي، وأنظر للأشياء بنظرة سلبية حتى أشعر بالحزن نتيجة رابط ذهني مثلا، وأشعر بأني أعيش في أدوار وشخصيات مختلفة مع أسرتي غير التي مع أصدقائي أو مع الآخرين، حتى أتهم نفسي بالنفاق يقينا، وأحقر نفسي وألومها جدا.
وفي وقت فراغي أسبح في الخيال وأتخيل المواقف الكثيرة من النقاشات الحادة وأكون أنا المتصدر للحديث في خيالي، لكن في الحقيقة أكلم نفسي بصوت عال، ولا أفيق إلا بعد انتهاء كلامي، وقد يظن الرائي أني مجنون، ربما لأن داخلي من الطاقات الكامنة التي لا أجد لها تفريغا، فهل هذه أمراض نفسية أم أنني أتوهم؟ وما العلاج؟!
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن تشخيص الأمراض النفسية هو أمر نسبي، فهناك أمراض عقلية وهناك أمراض نفسية وهناك اضطرابات في الشخصية، وتوجد أقسام أخرى كثيرة جدا،وبالنسبة للمرض العقلي لا شك أن صاحبه لا يكون مستبصرا لأنه مريض بالرغم من وجود ظواهر غير طبيعية في فكره وفي تصرفاته.
وأما بالنسبة للمرض النفسي فيكون الإنسان يعاني من أعراض معينة ولكنه على إدراك واستبصار كامل بهذه الأعراض، وغالبا ما يبحث الإنسان من هذا النوع عن المساعدة الطبية، وأما الظواهر النفسية فهي غالبا تكون أعراضا وقتية أو أمورا متعلقة بنمط الشخصية لدى الإنسان دون أن تظهر عليه الأعراض بشدة وحدة واستمرارية.
وأما ما تعاني منه فلا أريد أن أقول: إنك مريض نفسي، ولكن هناك علة لابد أن نقدرها بحجمها، وهي أنك تعاني من هذا الإسراف في الخيال، وواضح أن نوع التفكير الذي لديك يحمل الجانب الفلسفي الوسواسي، وما ذكرته من الكلام بصوت عال ولا تفيق إلا بعد انتهاء الكلام هذا الأمر إذا كان متكررا فهذه ظاهرة نفسية هامة قد تأتي من قبيل حديث النفس الوسواسي، وأما إن كانت هي استجابة لأصوات معينة أو أفكار معينة ففي هذه الحالة تكون هي حالة مرضية نفسية، ولكن لا أعتقد أن ما تتلفظ به بصوت عال هو استجابة لأي نوع من الاستشعار الخارجي، إنما هو من قبيل حديث النفس الوسواسي، وهذه بالطبع ظاهرة.
والذي أنصحك به هو أن تحاول أن تتحكم فيما تراه من أفكار وتصرفات قد لا تكون سليمة، فعلى سبيل المثال: التحدث بصوت عال، هذا بالطبع أمر يسبب الحرج الاجتماعي وأنت تستطيع أن تتحكم في تفكيرك وفي عقلك وفي جسدك، وحتى في مركز الكلام لديك، فالذي أنصحك به هو أن تحاول التحكم في هذا الأمر.
وبالنسبة للأفكار الأخرى -كما ذكرت لك- هي في معظمها أفكار وسواسية، والميل للأحزان هو بالطبع مرتبط أيضا بالقلق، والنظرة السلبية قد تكون مرتبطة بدرجة بسيطة من الاكتئاب النفسي، وأريدك أن تحرر نفسك من كل هذه الأعراض ولا أخفي عليك أي حقائق، والوضع الأمثل هو أن تتابع حالك، وأنت محتاج للمتابعة، وأنت محتاج إلى إجراء بعض اختبارات الشخصية وبعض اختبارات النضوج الوجداني، وهناك أيضا اختبارات متعلقة بالوسواس القهري، فربما يكون الأمثل هو أن تقابل أحد الأخصائيين النفسيين للقيام بهذه الاختبارات لأنها تعتبر أيضا ركيزة داعمة ومؤشرا جيدا للشخصية أو أي علة نفسية أخرى.
وأتمنى أن يكون ما قلته لك مفيدا، وبالطبع إن لم تكن إجابتي قاطعة فهذا ليس بالطبع ابتعادا عن الحقائق أو تهربا عن الموضوع، ولكن يهمني جدا ألا تنظر إلى نفسك نظرة الإنسان المريض نفسيا، نعم هناك ظاهرة وهذه الظاهرة يمكن الحد منها بالتحكم فيها مع المتابعة لدى الأخصائي النفسي.
وإذا كانت الأعراض بالحدة التي تفقدك الانبساط والاستمتاع بالحياة بصورة متوازنة فهنا أرى أنه من الأفضل أن تتناول أحد الأدوية المضادة للوساوس والتوتر النفسي والكآبة، ومن أفضل هذه الأدوية عقار يعرف باسم بروزاك، وذلك بمعدل كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، فهو يعتبر في رأيي علاجا جيدا ومفيدا، وربما تسألني: لماذا الدواء وأنا لم أقل لك أنك مريض؟ فأقول لك: إن هناك ظاهرة، وهذه الظاهرة من الأفضل أن يتم نوع من الوقاية منها، والوقاية تكون بالطبع في التحكم في الذات بقدر المستطاع، وإذا لم يكن ذلك متاحا أو لم تستطع الوصول إليه فهنا من الأفضل أن تتناول الدواء الذي ذكرته لك، ولمدة محدودة وهي ثلاثة أشهر، وإن شاء الله تتواصل معنا من وقت لآخر، وسوف نقوم بالنصح والإرشاد بقدر المستطاع.
وبالله التوفيق.