السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابنتي بعمر 9 سنوات، تكذب بشكل لا يتصوره عقل!
أصبحت لا أصدقها في شيء، في كل مرة نتعاهد على الصدق ولكن تعود حليمة إلى عادتها القديمة، ماذا أفعل معها؟ أخاف عليها من هذا الداء المر، مع أني جربت معها الهجر في الكلام، والخوف من الله، والحرمان من المدرسة ليوم أو يومين، عندها توعدني ولكن تعود.
أرجوكم أرشدوني للحل من هذه الآفة الكبيرة عند ابنتي، حلمي أن تكون صادقة.. جزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Dana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن إشباع هذه الطفلة بالعطف والحنان، والتغافل عن كذبها، ومنحها الثقة في نفسها، وتجنب أساليب التحقيق والتخويف، وإقامة العدل بينها وبين أخواتها وعزلها عن صديقات السوء بعد التوجه إلى الله الهادي بإلحاح بأن يردها إلى صوابها، مع ضرورة أن تتفقوا مع والدها على منهج موحد للتوجيه، ولست أدري هل يوجد في الأسرة كذابون؟ وهل تمارسون الصدق أمامها عند التعامل؟
هل وجد من الأهل من كان يضحك إذا كذبت؟ وهل تقولون لها يا كذابة؟ ومنذ متى بدأت المشكلة؟ وهل تتعاملون معها بعصبية وعنف؟ وهل تنتبهون لكلامكم أثناء وجودها؟ وهل لها إخوان؟ وهل تعرفون شيئا عن صديقاتها؟ وهل تظهرون الاهتمام والانزعاج عند كذبها؟ وهل توفرون لها الأمن؟ أو بمعنى آخر: هل عاقبتموها على الصدق؟ لأن الطفل إذاعوقب على الصدق لجأ إلى الكذب
لا شك أن الإجابة على الأسئلة المذكورة أعلاه تعيننا- بعد توفيق الله - على معرفة السبب وإذا عرف السبب بطل العجب وسهل علينا وعليكم إصلاح الخلل والعطب.
رغم أنه لم يظهر لي تاريخ الظاهرة وطريقة استخدام العقوبة فإننا لا ننصح أولا بتكذيب الأطفال إذا كانوا صغارا؛ لأننا إذا قلنا يا كذاب خرج الطفل كذابا، وإذا قلنا يا سارق خرج الطفل سارقا وإذا قلنا يا بطل سوف يصبح بطلا، وأرجو أن يعلم الجميع أن الطفلة إذا قالت في سنواتها الأولى فعلت كذا فلا يعني أنها كذبت ولكن يعني أن تتخيل ذلك وتشتاق إلى فعله - ولكن الطفلة في عمر التاسعة يؤخذ بكلامها حرفيا والمعالجة الخاطئة في الصغر تؤصل في نفسها ظاهرة الكذب أو غيرها من الأخطاء السلوكية.
يؤسفنا أن نقول إن بعض الناس يكذبون على أطفالهم ويخدعونهم وقد جاء عن عبد الله بن زيد أنه خرج ليلعب فقالت له أمه: (يا عبد الله تعال أعطك.. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: وما أردت أن تعطيه؟ قالت: أردت أن أعطية تمرا، فقال: والله لو لم تعطه لكتب عليك كذبة).
إذا خدع الإنسان طفله فإنه يشاهد الطفل يمارس الخديعة والكذب مع من هو أصغر منه.
هذه وصيتي لكم بتقوى الله، وأرجو أن تعلموا أن أول ما نبدأ به من تأديب أبنائنا يكون بتأديبنا لأنفسنا فإن أعينهم معقودة بأعيننا فالحسن عندهم ما استحسناه والقبيح عندهم ما استقبحنا، فاستحسنوا الصدق وبينوا لها عواقب الكذب الذي يهدي إلى الفجور (والفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).
أرجو أن تفتحي معها صفحات من الحوار الهادئ فإنها على أبواب مرحلة مهمة ونحن بدورنا نسأل الله أن يصلحها وأن يلهمها رشدها وسدادها.
وبالله التوفيق والسداد.