السؤال
السلام عليكم.
نعم - يا سيدي - لقد قسوت علي كثيرا، ولكني وجدت بين طيات هذه القسوة شفقة الأب الحنون، وهذا ما دفعني للكتابة لك مرة أخرى، ولكن المشكلة تزيد، وقد تعبت من كثرة التفكير، وأشعر بتعب قلبي فعلا من الحيرة، فسبب علاقتي بهذا الشخص كانت أني مدرسة تربية عملية في مدرسة، وهو كان المشرف علي، - لسوء الحظ أو حسنه، الله وحده أعلم - جاء تنسيقي للعام الثاني في هذه المدرسة، وأصدقك القول - يا سيدي - أنا ما زلت أتحدث معه، وفي آخر مرة قال لي إنه سيحاول محاولة أخرى فيها مفاجأة لي، لكن ما يشغلني الآن هو: معصيتي لله تؤرقني، أعاني من اكتئاب شديد لهذا السبب، وفي الوقت ذاته أخشى أن أبعد عن هذا الشخص (اللهم بلغنا آمالنا في رضاك)، فماذا أفعل بالله؟ أريد حلا أستطيع أن أنفذه؛ فأنا والله أحبك في الله.
أما عن سؤالك لي: كيف سمحت لنفسي بهذه العلاقة؟ فهو خطأ غير مقصود، فكنت أشعر أن هذا الرجل ظلمته الدنيا كما ظلمتني، وكنت أرى بداخله ما لم يره الناس، وأما عن سبب رفض أبي فهو فرق السن، وأن لدي طفلة، وبذلك أنا أظلمها.
وجزاك الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريتاج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا تستطيع الكلمات أن تعبر عن سعادتي بتفهم أبنائي لمشاعرنا ونصائحنا، وأرجو أن أنتهز هذه الفرصة لأشكر لك هذه الشجاعة التي دفعتك لقبول ما قلناه.
ومرحبا بك مجددا وسوف أكون سعيدا باستمرارك في التواصل وإفادتي بالتطورات، ونصيحتي لك بأن تتوجهي لخالق الأرض والسموات، وأن تدخلي محارمك وأصحاب الوجاهات والعلماء والدعاة، مع ضرورة أن تزيدي في برك للآباء والأمهات.
وتحن في الحقيقة نتمنى أن يكرر الرجل المحاولات وأن تحسنوا عرض الأمر على والدتك مجددا، ولكننا نطالب الجميع بسلوك الطريق الذي لا توجد به أشواك ومخالفات، وأرجو أن يدفعك شعورك بالخطأ من خلال تعاملك مع الرجل إلى ترك مكالماته ليعوضك الله جل وعلا وإياه خيرا، وأرجو أن تدركي أن الله سبحانه سوف يجعل بعد عسر يسرا.
ولا شك أننا نرفض الطريقة التي يتعامل بها الأهل في مثل هذه الحالات، لكننا نتمنى أن تتفهم الفتاة مشاعر أهلها، فأنهم يريدون لها الخير لكنهم قد يكونون على الخطأ، وعلينا أن نلتمس لهم الأعذار، ونكرر مطالبتنا في أدب وإصرار.
وإذا كنت قد شعرت أن الرجل ظلمته الدنيا، مع تحفظي على هذه العبارة، فهل كان الحل في الذي حصل؟ وهل ظلم نفسه بدخوله في علاقة دون أن يدرك نتائجها رغم أنه أكثر وأعمق تجربة، فمن هو الظالم يا ترى؟
وهذه وصيتي لك بتقوى الله جل وعلا وأرجو أن تشغلي نفسك بذكر الله جل وعلا في هذه الأيام المباركة؛ فإن في الذكر علاج للاكتئاب والقلق والاضطراب فالله يقول: (( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ))[الرعد:28] واستسلمي لأقدار الله، واعلمي أن الله جل وعلا قد يحرم الإنسان من الشيء وهو يريد له الخير؛ لأن خطوط الغيب عنا مخفية، واحرصي على الدعاء، فإنه سبحانه يجيب المضطر إذا دعاه.
ونسأل الله جل وعلا أن يسهل أمرك وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأرجو أن أعرف ما يحصل من التطورات حتى نستطيع أن نشاركك في الحلول.
وبالله التوفيق والسداد.