السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من الخوف من التجمعات أو المناسبات، وأشعر بعدم الثقة في النفس، وعندما أكون في حالة قلق أذهب للنوم أو ممارسة العادة السرية كنوع من التخفيف من القلق، وأميل إلى سماع الموسيقى أو الأغاني الحزينة، وأتأثر جدا عندما أرى موقفا في فيلم أو مسلسلا محزنا، ويمكن أن تدمع عيني، وكثيرا ما أشعر باضطرابات في الجهاز الهضمي، ولا أعرف هل سبب الخوف هو اضطرابات الهضم وما ينتج عنه من غازات أم أن القلق هو المرض الذي سبب لي هذه الاضطرابات؟
علما أني أعتقد أني في الصغر كنت طبيعيا حتى مرحلة البلوغ، وقد سبب لي القلق والاضطرابات انطواء حتى عن أصدقائي، وأصبحت لا أسهر معهم، ودائما أشعر بالحزن والوحدة، وخاصة في الليل، علما أني أعيش في شقة وحدي في منزل العائلة، وأبي وأمي وإخوتي انتقلوا إلى العيش في منزل جديد، وعندي خوف من الأماكن المغلقة، مثل الأسانسير، وعندما أخرج من البيت أحس باضطراب في المزاج، وأريد العودة للمنزل، وعندما أعود أشعر بالراحة.
دائما أشعر بعدم الثقة بالنفس، خاصة مع الجنس الآخر، وأشعر عند التكلم وسط مجموعة من الناس بالتوتر، وخاصة عندما يكونون غير قريبين مني، وأحيانا أحس باحمرار الوجه، والتعرق البسيط، وأحيانا تأتي لي رعشة في اليدين، وعندما أفكر في أحوالي أشعر بالحزن، وأبكي على حالي.
أرجو من منكم إفادتي بحالتي ومداها.
وشكرا لسعة صدركم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فملخص الأمر أنك تعاني من نوع من مخاوف القلق أو قلق المخاوف - كما يسميه البعض - لديك قلق وخوف من الأماكن المغلقة، وما وصفته بالشعور بالراحة عندما تعود إلى المنزل هذا يعرف برهاب الساحة، لا شك أن الرهاب الاجتماعي هو جزء من هذا النوع من القلق أو المخاوف والانطواء على الذات، وعدم التفاعل مع الآخرين، هي جزئية بسيطة من هذه الحالة، والأعراض البيولوجية من احمرار في الوجه والتعرق أيضا هي بالطبع الأعراض الجسدية المصاحبة وخاصة الرعشة في اليدين.
ما ذكرته من قلق تحس به عند الذهاب إلى النوم هذا معروف، والإنسان يأتيه في بعض الأحيان ما يعرف بالخوف التوقعي أو القلق التوقعي، مثلا يحس أنه لم ينم بصورة جيدة، وبالطبع هذا مزعج ولكن بعد أن يبدأ الإنسان في النوم ويستيقظ وهو نشط ربما يختفي هذا الشعور.
لا شك أن ممارسة العادة السرية لا تخفف القلق، وأنت ذكرت أنها تخفف القلق، هي ليست مخففة للقلق، هي تؤدي إلى شعور وهمي أن القلق قد انتهى، ولكنها تبني عللا نفسية كثيرة، ونواقص في الذات؛ لأنها هي إهانة للنفس وإضعاف لها، وتجعل الإنسان يدخل في خيالات وارتباطات نفسية ليست صحيحة، وهذا بالطبع بجانب الموقف الشرعي الواضح منها، وما تسببه من مضار جسدية ونفسية واجتماعية.
أيها الابن الكريم أرجو أن تتوقف عن هذه الممارسة فهي لن تجلب لك الخير، ولن تجلب لك الراحة، ولن تخفف عنك القلق مطلقا.
وميولك للموسيقى والأغاني الحزينة، وإنه ربما تدمع عيناك حينما تشاهد فلما أو مسلسلا محزنا، هذا بالطبع يدل أن عواطفك من النوع السطحي، مع احترامي الشديد لك، يعرف أن هذه الأغاني وهذه الأفلام ليست بشيء مؤصل، وهي لا تقوم على حقائق، بمعظمها نوع من الهوى واستدرار عواطف الناس بصورة خاطئة.
أرجو أن تنظر لها من هذا المنطلق، وأرجو أن تتجنبها وتبتعد عنها وإذا كانت عيناك تدمع لهذه المشاهد والمواقف الواهية، اجعلها تدمع في طاعة الله، هذا هو الأفضل، وهذا هو الذي سوف يساعدك وسوف يقوي من نفسك، وسوف يرفع من معدل صحتك النفسية للدرجة التي تعيد لك الثقة في نفسك، أنت الآن في مقتبل العمر وأمامك الكثير، والحياة الطلابية هي حياة ممتعة إذا حاول الإنسان أن يستثمرها، وكثير منا الآن يتذكر أيام الحياة الطلابية، ويتمنى لو أنها عادت مرة أخرى، عليك باستثمار هذا الوقت، وعليك بالعمل من أجل أن تكون متفوقا، وبارزا، وذا شخصية قوية، وتكون مفيدا لنفسك وللآخرين، ارفع من همتك - إن شاء الله - سوف تصل إلى ما تريد.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، حيث أنه سوف يساعدك كثيرا - بإذن الله تعالى - ومن أفضل هذه الأدوية العقار الذي يعرف باسم فافرين، وهو يعتبر جيدا جدا في مثل هذه الحالة، وتوجد أيضا أدوية أخرى مثل السبراليكس، والإيفكسر، واللسترال، بالنسبة لفافرين أرجو أن تبدأ بتناوله بجرعة 50 ملم ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى 100 ملم، وبعد شهر من رفع الجرعة إلى 100ملم ارفع الجرعة إلى 200ملم تناول 100ملم ظهرا، و100ملم ليلا، وهذه هي الجرعة العلاجية في اليوم، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك ابدأ في تخفيفها بمعدل 50 ملم كل شهر حتى تتوقف عن الدواء تماما - وإن شاء الله - سوف تجد أن هذا الدواء قد أفادك كثيرا، ولابد أن تطبق الإرشادات السلوكية السابقة حتى تكون الفائدة العلاجية أكبر وأعم.
أود أن أؤكد لك أن كل الأعراض الجسدية المتعلقة بالجهاز الهضمي هي ناتجة من أعراض القلق والتوتر الذي تعاني منه، وبتلقي هذا العلاج، واتباع الإرشادات المذكورة، وممارسة الرياضة، سوف تختفي هذه الأعراض تماما - بإذن الله تعالى - أرجو أن تكون أكثر تفاؤلا، وأن تكون أكثر ثقة بنفسك - وإن شاء الله - أمامك أيام طيبة وجميلة ومستقبل باهر.
وفقك الله لكل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.