السؤال
السلام عليكم
تعرفت على شاب عن طريق الإنترنت منذ عدة أشهر، وانتقلت علاقتنا للتحدث عبر الهاتف، وحتى الآن لم يصدر منه أي تصرف يوحي بأنه إنسان سيء، ويريد الآن مني أن يقابلني ليراني، وقد رفضت وقلت: إنه ما زال الوقت لم يحن بعد، وأنا مترددة في علاقتي معه، وأخاف أن يكون إنسانا سيئا ويريد التلاعب بي.
وعندما كنت أتصفح الإنترنت في اليوم الذي طلب فيه مقابلتي وجدت قصة لبنت تعرفت أيضا على شاب بنفس الطريقة، وكانت النهاية مأساوية، وبعدها قرأت بعض الاستشارات الواردة في موقعكم في هذا الموضوع، فشعرت أنها إشارات من الله عز وجل يريد لي بها أن أتوب.
علما أن نيتي في التعرف على هذا الشاب ليست للهو وإنما الزواج، وحتى الآن لم نتحدث في ذلك الموضوع، وقد قررت أن أتركه دون أن أعلمه بالأمر؛ لأني لا أستطيع مواجهته، وأشعر أني ضعيفة أمامه، ولكني لا أريد أن أشعر بالذنب؛ لأنه لم يفعل أي شيء يسيء لي حتى الآن، فما رأيكم؟!
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تائهة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الله قد أراد بك الخير حين أوقفك على قصة تلك المكلومة، وسعيدة والله من وعظت بغيرها، ومرحبا بك بين آبائك وإخوانك، وكم نحن سعداء بتواصل بناتنا وأخواتنا، ونحن نتشرف بخدمة المسلمين والمسلمات.
وأرجو أن تعلمي أن موافقتك على مقابلته دون أن يطرق الباب، ودون علم أهلك الأحباب تعتبر خطيئة العمر، حتى ولو كان الشاب صالحا، وسوف تنزل مكانتك في نفسه إذا وافقت على ذلك الطلب، وسوف يكون ذلك اللقاء إذا تم – لا قدر الله – مصدر إزعاج لك في حياتك، حتى لو تم الزواج بالشاب؛ لأن الشيطان سوف يأتيه ويقول: كيف تثق فيها بعد أن قابلتك على انفراد ودون علم أهلها؟! وما المانع أن تكون هذه هي عادتها معك ومع غيرك من الشباب؟
وأرجو أن تعلمي أننا لن نظلم الشاب، لكننا نتكلم بما يرضي العظيم التواب، وبما يوافق السنة والكتاب، ولا يخفى عليك أن الإسلام أكرم المرأة وأرادها مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة، ولذلك جعل أمرها إلى أوليائها، وهم أحرص الناس عليها، والرجال أعرف بالرجال.
ومن هنا فنحن ندعوك لقطع الصلة بالشاب وقولي له: إذا كانت عندك رغبة فتقدم إلى أهلي، وبعدها يمكن أن أراك في حضور محرم من محارمي، بل إن ديننا العظيم يجعل ذلك حقا للخاطب والمخطوبة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لمن قال له أنه خطب امرأة: (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)، وقال للآخر: (انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا)، وهذا يعتبر من جوانب الإعجاز في هذا الدين؛ لأن المحبة الحقيقية لا تحصل إلا بعد الرؤية الشرعية، حيث تتلاقى الأرواح، وهي جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، وحتى لا تتعرض الفتاة للمخاطر؛ فإن الإسلام يجعل الرؤية بعلم الأهل وبحضور بعضهم.
وإذا طلبت من الشاب أن يطرق بابكم - إن كانت له رغبة - فإن في ذلك فوائد عظيمة لك وله، أولها: أنك تستطيعين أن تعلمي صدقه من كذبه، وثانيها: أن أهلك سوف يشاركونك في التعرف عليه، كما أن الشاب يستطيع أن يتعرف على أحوال الأسرة التي ينوي الارتباط بها، ويمكن أن يرسل والدته أو أخواته إلى أهلك، ويفضل أن يأتي بأهله، فإن حصل الوفاق والقبول فبها ونعمت، وإن لم يحصل هذا فيبقى الاحترام بين الجميع، والشاب يستطيع أن يتعرف على رأي الفتاة وشكلها عن طريق أخواته وعماته.
وأرجو أن تحكمي عقلك لا عاطفتك حتى لا تقدمي تنازلات، واعلمي أن مصلحة الشاب أن يجد منك الوضوح، وأن يدرك أنك ترفضين كل طريق لا يرضي الله، وكسر خاطره أهون من غضب الله عليك وعليه، وأنت ولله الحمد عاقلة كما ظهر من خلال استشارتك، فاتق الله واعلمي أن ما عنده لا ينال إلا بطاعته سبحانه.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وبالله التوفيق والسداد.