السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تعرفت علي فتاة في الجامعة منذ سنة، وهي متدينة جدا مثلي -ولله الحمد-، وأريد أن أخطبها في هذا الوقت ولكن والدها لا يوافق على ذلك، فماذا أفعل؟
علما أنني أخاف أن يتقدم أحد لكي يخطبها ويوافقون عليه ويضيع حلمي بإتمام هذه العلاقة في الحلال، وأحاول أن أوفر كل شيء لكي أستطيع أن أتزوج بها، وأبحث عن عمل بجانب الدراسة، فما رأيكم في ذلك؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك وأن يشرح صدرك وأن يجعل لك من لدنه وليا ونصيرا، وأن يرزقك زوجة صالحة تكون عونا لك على طاعته، وأن يوسع رزقك وأن يوفقك إلى كل خير.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الله -تبارك وتعالى- قدر المقادير قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ومن هذه المقادير أمر الزواج، فقد قدر الله لك امرأة معينة قبل خلق السموات والأرض وجعلها من نصيبك، وبعض الناس قد قدر الله لهم أكثر من امرأة، ولذلك نجد أن بعض الناس يتزوج بزوجتين أو بثلاث أو بأربع، وكل ذلك بقدر الله القديم قبل خلق السماوات والأرض، وكذلك المرأة جعل الله لها نصيبا في رجل معين أو في أكثر من رجل، كأن تتزوج المرأة ثم تطلق من زوجها الأول أو يموت عنها فتتزوج من غيره، وهذا بين واضح في دنيا الناس.
فهذا الذي تراه وتسمعه وتشاهده معي إنما هو كله بقدر الله تعالى، فالله -تبارك وتعالى- صاحب العظمة والجلال قد قدر هذا وانتهى منه، وأيضا قد يكون هذا الزواج موفقا وقد يكون غير موفق كأي شيء من أقدار الله تعالى، فمن الممكن أن تقيم علاقة مع إنسان وتظل فترة طويلة ثم على خلاف بسيط تنتهي تلك العلاقة، وكذلك أيضا قد يظل الرجل مع المرأة فترة طويلة وهي من قدره، ولكن هي مقدرة له مثلا لعشر سنوات ثم يقدر الله تعالى أن تطلق منه ثم تتزوج برجل آخر لتأتي منه بأولاد، وهكذا سنة الله تعالى، فكل الذي تراه في واقع الناس إنما هو كله بقدر الله تعالى.
ومهما حاولت أن تتقدم إليها أو خططت لأن تكون زوجة لك فإن ذلك يخضع لقدر الله عز وجل، ونحن نؤمن بقضاء الله وقدره، والإيمان بالقضاء والقدر أحد أركان الإيمان الستة التي لا يتم الإيمان إلا بها.
والمطلوب مني ومنك إنما هو السعي والبحث والعمل وليس التكاسل والتقاعس، فالأرزاق التي هي الأموال والأولاد قال الله تبارك وتعالى عنها: (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه)، [الملك:15]، فلو أني جلست في بيتي ولم أعمل فلن آكل رغم أن لي رزقا، ولكن الله طالبني بالعمل حتى أصل إليه، وكذلك الزواج، فهذه المرأة إذا كانت من نصيبك وتقدمت إليها فثق وتأكد أنه لن يتقدم إليها أحد غيرك، حتى وإن تقدم إليها ألف رجل وهي من نصيبك فستكون لك، ولذلك كل الذي عليك أن تطرق الباب مرة أخرى، وإذا كانوا لا يوافقون الآن نظرا لظروفك، خاصة وأنك الآن لست منتهيا من المرحلة الجامعية، والناس عندنا في مصر -كما تعلم- يرون أن التعليم الجامعي سلاح أو مفتاح الأرزاق، وهذا قد يكون وقد لا يكون.
وما دمت قد تقدمت إليها هذه المرة فاصبر قليلا وتقدم إليها بعد أن تنتهي من دراستك الجامعية -بإذن الله تعالى-، حتى وإن كنت الآن قادرا على العمل؛ لأن غالب الناس يرون أنه مهما كانت قدرة الإنسان على العمل فإنه ليس كاملا، على اعتبار أنه لم يحصل على شهادة جامعية، وأهل الفتاة يفتخرون بزوج ابنتهم إذا كان مهندسا أو طبيبا أو مدرسا أو محاسبا أو غير ذلك، وكذلك ليقف الرجل أمام أهل الفتاة ويفتخر بذلك.
فعليك أن تتوقف عن الكلام مع هذه الأخت؛ لأنه لا يجوز لك شرعا أن تتكلم معها، خاصة وأنك رجل متدين وهي فتاة متدينة، فقل: سنتوقف ابتغاء مرضات الله -عز وجل- حتى يأتينا قدر الله -تبارك وتعالى-، فنصبر ونتوجه إلى الله بالدعاء، وما دمت ترى أنها صالحة وفيها المواصفات الطيبة التي تكون عونا لك على طاعته فعليك أن لا تتكلم معها، واجتهد في الأخذ بالأسباب في مسألة تهيئة نفسك وتوفير الأموال اللازمة والاجتهاد في الدراسة حتى تنتهي منها بإذن الله تعالى على خير.
وإذا انتهيت من دراستك وتقدمت إليهم فثق وتأكد بأن الله تبارك وتعالى إذا كان قد قدرها لك فسيكون ذلك لا محالة، حتى لو تقدم لها أستاذ جامعة، فادع الله بأن يجعلها من نصيبك ما دمت ترى فيها خيرا، لأنك أحيانا ترى فيها خيرا ولكن في علم الله أنها لا تصلح لك، وأنك إذا تزوجتها قد لا توفق معها وقد لا ترزق منها بأولاد، فهذه كلها أقدار الله تعالى.
فلا تعلق نفسك إلا بالله الواحد الأحد وتوجه إلى الله -عز وجل- بالدعاء، وإذا حدث خلاف ذلك فارض بقسمة الله تعالى لأنك لا تدري أين يكون الخير، وسلم الأمر لله تسلم، (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا)، واعلم بأن الله لا يضيع أهله، والله يتولى الصالحين، نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرزقك الرضا به، إنه جواد كريم.
والله الموفق.