توجيه لمترددة في قبول الخاطب المدخن العصبي

0 467

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم جميعا على استشارتكم الأكثر من رائعة ومفيدة، جزاكم الله خيرا.

أود أن أستشيركم بموضوع يخص أختي.
فقد تقدم لها رجل من أقاربنا، وهذا الرجل مطلق، أي: سبق أن تزوج وترك زوجته وهو لم يستمر معها أكثر من شهر، فكان سبب انفصاله أنه لم يحبها.
الآن خطب أختي وأختي في تردد.
كما أنه مدخن، ونحن في عائلتنا -ولله الحمد- لا يوجد مدخنون، لا أبي ولا إخوتي، كما أن أزواج أخواتي جميعهم لا يدخنون، ترددها في كونه مدخنا، فالكل متخوف منه، وعند السؤال عنه بينوا أنه أيضا عصبي ومزاجي برغم مرحه وكرمه.

عندما استشرت صديقتي قالت: إن المدخن لا يطاق ومن الصعب تحمله، وهذا مما زاد خوفي على أختي.
فهل حقا المدخن لا يتحمل وصعب التعامل معه؟
هل تتوكل على الله وتوافق؟ مع العلم أنه سبق أن خطبها ورفضته وهذه المرة الثانية بخطبته لها.
هل العصبية ستؤثر عليهما؟
أتمنى منكم المشورة، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مشكلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح حال أختك وأن يكرمها بزوج صالح طيب مبارك، وأن يصرف عنها كل سوء، وأن يباعد بينها وبين كل منكر ومكروه.

وبخصوص ما ورد برسالتك فإنه مما لا شك فيه أن التدخين معصية، والعلماء الآن يعتبرونه كبيرة من الكبائر، ولقد ثبت طبيا أنه يضر ضررا بليغا بصحة الإنسان، بل إنه سبب في أمراض كثيرة كالسرطان وغيره، هذه مسألة.

والأمر الثاني: أن العلماء لما حكوا تحريمه لما يترتب عليه من مضار ولنتن ريحته التي تتأذى منها الملائكة كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)، ومشكلة الدخان أنه قد يجر إلى ما هو أسوأ منه من المخدرات، فإن غالب مدمني المخدرات يكونون قد بدءوا حياتهم بالتدخين، ثم تطور الأمر معهم إلى غير ذلك، إلا أن قضية التدخين شأنها شأن أي معصية من المعاصي التي من الممكن أن يتم النقاش حولها.

الأمر الأعظم من ذلك: أين دين الرجل؟ أنت لم تبيني دينه وخلقه، هل هذا الرجل من المحافظين على الصلاة في الجماعة؟ هل هذا الرجل من أهل الطاعة والعبادة والاستقامة؟ هل هذا الرجل معروف عنه حسن خلقه؟ هذه مسائل مهمة، التدخين -بلا شك- معصية، والأفضل ألا يكون مدخنا؛ وأنا شخصيا لو خيرت بين رجل مدخن وغير مدخن لاخترت غير المدخن؛ لأن المدخن -بلا شك- عاص ومعصيته مستمرة، إلا أنه من الممكن أن يغفر الله له وأن يتوب عليه، ولكن أهم شيء أن تكون هناك بوادر لهذه التوبة.

الرجل الذي تزوج امرأة ومكث معها شهرا واحدا وتركها لأنه لا يحبها من أدراك أنه يحب أختك؟ وهل كل رجل لا يحب امرأة يطلقها؟ قد يكون هناك أمر آخر غير واضح، وقد يكون هناك سبب لم يبين، وقد يكون هذا السبب له علاقة بحياته الزوجية الجديدة، ولذلك أتمنى أن تتأكدوا من هذه النقطة بداية؛ لأنه أمر يخيف حقا، فهناك أمور – معذرة - حتى في عالم السيارات، عندما تكون سيارة جديدة وتباع بثمن بخس فإن الناس يشكون فيها، كذلك عندما يكون رجل يتزوج ويطلق بعد شهر يكون السؤال: لماذا طلق؟ لو كانت امرأته فيها من عيب لطلقها من أول ليلة إذا كانت مثلا غير عذراء أو غيره، ولكن بعد شهر يطلقها ويدعي أنه لا يحبها! هذا ليس حقيقة وليس مبررا، ولذلك أنا أتمنى أن تبحثوا في سبب الطلاق، فإن كان سببا وجيها فعلا فلا مانع على أن تشترطوا على الرجل أن يترك التدخين أو تتفقوا معه على ذلك أو يعطيكم عهدا بذلك، فهذا كله ممكن، خاصة أن رائحة التدخين لا تفارقه ليلا ولا نهارا، والمرأة قد تتأذى فعلا من هذه الرائحة، خاصة حين ينام بجوارها في فراش واحد، فإن رائحته تكون منتنة جدا، بعض النساء قد تطيق وبعضهن لا تطيق، ولذلك هذا أمر يرجع إلى أختك أيضا، إلا أن أمر الصلاة والمحافظة عليها والتزام الحلال والبعد عن الحرام ومسألة معرفة سبب الطلاق العاجل الذي حدث بعد شهر واحد من الزواج أهم.

أتمنى ألا تتعجلوا وأن تعلموا أن كل شيء بيد الله تعالى، وأن الله تبارك وتعالى قد قسم أرزاق الناس في الزواج كما قسمها في الأموال والأولاد، وإذا كان لها فيه من نصيب فسيكون لها، وإن لم يكن لها فيه من نصيب فقطعا لن يكون لها، إلا أننا أمرنا بحسن الاختيار، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، فأنت تقولين الآن بأن الرجل عصبي وهذا أمر أيضا يدعو إلى التوقف: إلى أي مدى درجة العصبية؟ ولكن الثائر – الغضبان - دائما شيطان؛ لأنه يكثر الخطأ والوقوع في الخطأ، وقد يكثر السب واللعن والضرب، وقد يطلق على أتفه الأمور، فإذا كان الرجل فعلا عنده عصبية منكرة زائدة عن الحد فأرى أن هذا عيب، وكذلك أيضا معرفة سبب الطلاق.

أما موضوع التدخين فأنا وإن كنت أقول بحرمة التدخين كما يقول العلماء إلا أني أقول إنه من الممكن أن يتم علاجه، خاصة إذا كانت الأخت عندها شيء من الفطنة والحكمة والعلم تستطيع – إن شاء الله – أن تزهده في هذا الأمر إذا كان رجلا طبيعيا، أما إذا كان حاد المزاج ولا يقبل كلام المرأة ويظن أنها دمية في البيت لا قيمة لها ولا وزن ولا ينبغي أن يسمع كلامها، فأرى من الآن ألا تزوجوه، عسى الله أن يرزقها الله خيرا منه، واعلمي – أختي – أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.

والله ولي التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات