السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي من الأطفال أربعة والحمد لله، أكبرهم عمره ست سنوات، وكانت أمنياتي منذ كنت صغيرة أن يوفقني الله بزوج صالح، والحمد لله وفقني الله بالزوج الصالح من جهة دين وخلق وأمانة وصدق وتطبيق لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وكان بداية الأمر أن أحببته في الله قبل أن أحبه زوجا والحمد لله، ولكن منذ فترة بدأ زوجي ببعض التصرفات التي لا ترضي الله ولا أرضاها مثل المعاشرة بغير ما شرع الله، وعدم الذهاب أحيانا إلى صلاة الفجر مع الجماعة، وأحيانا يصليها في البيت متأخرا بحجة أنه لا ينام في الليل إلى قريب الفجر! ويأتيه النوم ثم أقومه ويرد علي: أنا عارف أنه وقت الصلاة ولكن أنا تعبان، وهذا الأمر يحزنني كثيرا علما أنه يقر بأنه غلطان وتصرفه هذا لا يرضي الله، ولكنه يقول إذا أخطأت أستغفر الله وأتوب إليه، والله تواب رحيم.
ولكن أرجوكم هذا الأمر يغير من سلوكي معه في الحياة كما أخبرتكم أني أحببته في الله، فإذا رأيته مقبلا على طاعة الله يشرق وجهي وأظل مبتسمة في وجهه كلما نظر إلي وأطيعه بكل ما يأمرني بغير معصية الله، وإذا حصل منه تقصير في طاعة الله؛ مثل التأخر عن الصلاة بغير عذر، أو فعل شيء لا يرضي الله أعبس في وجهه وأبغضه، ولا أريد أن أطيعه في أي شيء، وأشعر أنه ليس هذا الإنسان زوجي الذي أعرفه، ويتضايق مني ويقول: أنت تزعجيني، ولست المرأة التي إذا نظر إليها سرته، فأرجوكم أفيدوني وانصحوني ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف معه؟ وكيف أنصحه؟ علما بأنه رقيق القلب وذو خلق طيب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك وصدر زوجك للإيمان، وأن يحفظكم من شياطين الإنس والجن، وأن يجعل إيمانكم في زيادة لا في نقصان.
فنحن سعداء حقا باتصالك خاصة من بلاد المهجر التي نسأل الله تعالى أن يحولها بفضل جهودكم إلى بلاد إسلام، فأنتم عليكم مسئولية عظمى حقيقة وهي مسئولية دعوة هؤلاء الناس الذين تعيشون معهم إلى دين الله تعالى وذلك بعرض الإسلام بصورة مشرقة تحبب الناس فيه، ونسأل الله أن يجعلكم من الدعاة إليه على بصيرة، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإني أعود فأكرر: إن من نعم الله تعالى على الأخت المسلمة أن يرزقها زوجا صالحا، ومن نعم الله تعالى على الرجل أن يرزقه امرأة صالحة، فما رزق المؤمن بعد التقوى خير له من زوجة صالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته في عرضها وماله، ونسأل الله أن يجعلك من هؤلاء، إنه جواد كريم، كما نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل زوجك عبدا صالحا مخبتا منيبا إلى الله رب العالمين.
أختي الكريمة: كما تعلمين أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأن النفوس أحيانا تعتريها بعض الفترات التي تصاب فيها بشيء من الوهن والضعف، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لكل شيء شرة ولكل شرة فترة)، معنى ذلك أن الإنسان أحيانا قد يصل عنده معدل الإيمان إلى القمة ثم يحدث عنده نوع من الانكسار فيضعف عنده الإيمان، إلا أن العبد إذا كانت فترته إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد هدي، أما إذا كانت سنته الوقوع في المعاصي والكبائر فقد ضل، وما يطلبه زوجك من أفعال غير مشروعة فيما يتعلق بالمعاشرة هذا يدل على ضعف إيمانه في تلك الناحية وعلى أنه يعاني من مرض نفسي قديم، ولذلك يزين الشيطان له هذا الأمر، والواجب عليك - بارك الله فيك - ألا تستجيبي له في هذا الأمر، وأن تبيني له في غير الموقف، بمعنى قد يكون في الموقف أحيانا لا تستطيعين الحديث معه لأنه قد يظن أنك تعكرين عليه صفوه، ولكن كم أتمنى أن يكون الكلام في هذه المعاصي وخاصة أيضا مع موضوع تأخير الصلاة في غير وقت الصلاة وفي غير وقت المعاشرة، في الأوقات الطيبة التي أنتم فيها بعيدا عن هذه الأمور.
من الممكن أن تتناقشا معا وأن تبيني له بصراحة ووضوح أنك ما أحببته إلا في الله أولا، أحببته في الله قبل أن تحبيه كزوج، وأنك حريصة على أن يكون للمتقين إماما وأن يكون إماما لك في الخير، ولذلك تخبرينه بأنك تتأذين جدا من وقوعه في المعصية، وأنك تحبين منه دائما أن يكون مطيعا صالحا مستقيما، وأن هذا الأمر من أسباب سعادتك معه، لأنك أردت منه أن يكون معينا على الطاعة.
تجتهدين له في تلك الأوقات التي ترين الكلام فيها مناسبا، ولا تكثري الحديث لأن الكثرة تجعله يمل، وقد ينظر إلى غيرك، وقد يصرف شهوته - والعياذ بالله - في غير حلالها فيقع في مشكلة كبرى.
نحن لا نريد أن نعالج المنكر بمنكر أشد منه وأكبر، إنما نريد أن نعالجه في حدوده، ولذلك أقول: تخيري الأوقات المناسبة ولحظات الصفاء والود وقولي له: هل تسمح لي أن أتكلم معك بخصوص هذه المسألة، أنا أريد أن أسألك عن حيثياتها والدوافع التي تدفعك إليها، قطعا كونه يعرف أن هذه معصية ويتوب إلى الله تبارك وتعالى ويعترف بأنه أخطأ هذا شيء طيب، ولكن أيضا كونه يعود مرة أخرى معناه أن هناك ضعفا شديدا في نفسه. وهذا يحتاج إلى من تأخذ بيده لتعينه على أن يتقوى، ولذلك أقول: في غير الأوقات التي تحدث فيها هذه المخالفات من الممكن أن يكون الكلام شريطة أن يكون بأريحية وبهدوء وباحترام ومحبة وعدم تنفيذ أوامر أو عدم التسخط أو النكران.
بمعنى أنه يمكن للمرأة أن تقول لزوجها أنا أكرهك عندما تفعل كذا، هذه العبارة حتى وإن كانت صادقة إلا أنها لا ينبغي أن تقال، وإنما تقول له: أنا أحبك عندما تلتزم بالسنة، أنا أتمنى لك دائما أن تكون حريصا على الطاعة، بدل من كلمة أنا أكره، اجعلي بدلها كلمة أخرى من الكلمات الإيجابية التي ترقق القلب والتي تدمع العين والتي تشعر فعلا بالمحبة والمسئولية.
زوجك يحتاج إليك ولذلك أتمنى أن تكوني معه، زوجك رجل مريض يحتاج إلى طبيب يعالجه، والعلاج يكون بالنصيحة على قدر الاستطاعة، ((فاتقوا الله ما استطعتم))[التغابن:16]، مع اختيار الأوقات المناسبة والعبارات المناسبة، وأكثري من الدعاء له - حفظك الله - أن يصلحه الله وأن يغفر له وأن يتوب عليه، لأني أعتقد أنه ما من رجل منا إلا وفيه نقاط ضعف كثيرة، وكذلك ما من امرأة إلا وفيها مثل ذلك، ولكن أحيانا قد تكون معلومة وأحيانا قد تكون مجهولة، أحيانا يهتك الله سترها وأحيانا تظل في ستر الله جل وعلا.
فأكثري من الدعاء له - بارك الله فيك - كثيرا كثيرا أن يغفر الله له وأن يتوب عليه وأن يبصره بالحق وأن يحول بينه وبين الحرام.
قفي معه فيما يتعلق بقضية الصلاة على أنك توقظينه برفق وهدوء، ومن الممكن أن تصنعي له مساجا خفيفا حتى ينتبه بهدوء، وأن تمسحي بظهر يدك - مثلا - على خده، أو مثلا تضعي على يدك شيئا من الطيب - الرائحة الطيبة - وتضعينه قريبا من أنفه، فإن هذه توقظ الإنسان وهو غير متوتر وهو غير عصبي، ولذلك إذا طلبت منه الصلاة سيكون سريعا إلى أدائها بإذن الله تعالى.
الدعوة والدعاء - الدعوة والدعاء، الدعوة والدعاء - أعظم الأسلحة لأنها أسلحة الرسل والأنبياء، أتمنى لك التوفيق والسداد، وأسأل الله أن يعينك على أداء رسالتك في مساعدة زوجك، كما أسأله تبارك وتعالى أن يغفر له وأن يتوب عليه وأن يطهره من الذنوب والمعاصي والآثام، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.