السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو منكم قراءة رسالتي بالكامل وإجابتي بسرعة، أنا تعرفت على رجل صالح عن طريق موقع من مواقع الزواج، وهو موقع جاد وفيه رجال صالحون، ولصديقتي تجربة في ذلك، حيث أنها تزوجت عن طريق هذا الموقع، ولله الحمد هي سعيدة الآن، وهذا الشاب الذي تعرفت عليه ما شاء الله عليه، فهو جدا تقي ومؤمن.
سؤالي هو أن والدي لا يريدني أن أتزوج الآن، ولكن لن يتعارض مع إرادتي، لكن سيحملني مسؤوليتي، لذا يجب أن أكون متأكدة من الرجل الذي سأقدمه له 100% ؛ لأنني سأتحمل المسؤولية، فهل يجوز لي أن أتكلم معه حتى أعرفه جيدا وأتأكد من اختياري؟ فنحن لا نتعدى الحدود ولا نتكلم إلا في الدين، ويختبر كل واحد منا الآخر، وإن كان لا يجوز فهل يمكنني أتكلم معه في حضرة والدتي أو أختي؟ فوالدي لديه أفكار غربية، ولن يقبل الجلوس معي للتكلم معه، وأنا في أمس الحاجة إلى زوج صالح، وليس لدي وسيلة أخرى للتأكد منه، حتى لو افترضنا أن خطيبا آخر أتاني من الطريق العادي لن أتمكن من التأكد منه جيدا، حيث يجب أن أجلس معه عدة مرات، وهذا سيكون صعبا علي.
أفيدوني جزاكم الله خيرا، وعذرا على تبعثر الأفكار.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Amatolah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك: (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يرزقك زوجا صالحا يكون عونا لك على طاعته ورضاه.
بخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فإني أرى أنك مازلت – ولله الحمد والمنة – في سن صغير معقول ومقبول، وأرى أنك مازلت طالبة، ولذلك أتعجب من سرعتك في بحثك عن الزوج في تلك المواقع التي قد تكون فعلا تحمل الجدية، وتقدم الرجال الصالحين، وقد تكون على خلاف ذلك.
كم كنت أتمنى أن تتركي هذا الموضوع قليلا حتى على الأقل تنتهين من دراستك؛ لأن الله تعالى يقول: (( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ))[الأحزاب:4]، فأنت الآن - بارك الله فيك – هل ستشغلين بالدراسة أم بالبحث عن زوج؟ أم حتى بالأمور الزوجية؟
نعم أنا معك بأنك قد تقولين: بأنك إن تزوجت لن تواصلي الدراسة، وهذا ممكن، ولكن أقول: إن سنك مازال صغيرا بالنسبة للبحث، نعم أنت منذ أن بلغت فأنت امرأة كاملة الأنوثة، ومن الممكن أن تكوني قد تزوجت من أربع أو من خمس سنوات، ولكني أقول: إنك لست عانسا حتى تبحثين عن رجل في المواقع الشرقية أو الغربية أو الإسلامية أو غيرها.
أنا حقيقة كنت أتمنى ألا يحدث ذلك، ولكن أما وقد حدث فإني حقيقة أيضا - من واقع الخبرة والتجربة – أحذر من الزواج عن طريق مواقع الزواج؛ لأن نسبة النجاح فيها قليلة وضئيلة، وغالبها ينتهي بالطلاق والعياذ بالله؛ لأن كل واحد يحرص أن يقدم للطرف الآخر أحسن ما فيه، وأجمل ما لديه من أخلاق، وقد يتكلم عن المسائل المالية كلاما غير حقيقي، ولكننا إذا نزلنا إلى الواقع وعشنا واقع الحياة وجدنا الأمر على خلاف ذلك، ومن هنا أنا حقيقة لا أؤيد أيضا فكرة الزواج عن طريق هذه المواقع، أنا لا أؤيد لأني أرى أنها باطلا، ولكن لا أؤيد لأني أرى أنها تخالف الحقيقة في أمور كثيرة، وأن نسبة الفشل فيها عالية ومرتفعة، وأنا لا أريدك أن تكوني كذلك.
كون صاحبتك هذه تزوجت وشاء الله أن توفق فليس معنى ذلك أن كل من يتزوج بهذه الطريقة سيكون موفقا، بل إن الغالبية العظمى تخفق، ثم أنتقل: هب أنك وافقت على ذلك فمن أين لك أن تتأكدي من هذه المعلومات التي قدمها صاحبها صحيحة؟! وهل هو من بلدك؟ إن من الثابت أيضا أن اختلاف البلاد يؤثر في الحياة الزوجية، امرأة بالمشرق وزوجها من المغرب - أو العكس – عادات وأعراف وتقاليد، هذه العادات والأعراف والتقاليد تؤثر حتى وإن كان هناك إيمان وإسلام، ولذلك أيضا هذه مسألة فيها نوع من المجازفة، إلا أني أقول: إذا كنت مصرة – أنا أقدم النصيحة كما تعلمين؛ لأن هذا موقع النصيحة والاستشارة – وجادة في الأمر وحريصة عليه فلا مانع أن يتكلم معك بحضور والدتك وأخواتك؛ لأنه كما تعلمين أن الكلام هذا نصف مشاهدة، وأن الرجل حتى وإن كان خاطبا بطريق صحيح لا يجوز له أن يتكلم مع خطيبته في كل شيء وحده، وإنما إن تكلم معها بحضور أهلها ومع التزامها بالضوابط الشرعية فذلك ممكن، على ألا يطيل الكلام معها. فأقول: هذا اقتراح مناسب إذا كنت مصرة على أن تتزوجي بهذه الطريقة -اقتراح مناسب ومعقول- وأنت تتحملين المسئولية فعلا، على أن تناقشي الأمر كله في حضور والدتك، والله المستعان.
أنا حقيقة متخوف من هذه التجربة، ولكن أقول: هذا حل وسط، وهذه ثمرة من ثمار الدخول إلى تلك المواقع، حيث إنك فتحت على نفسك بابا كان من الممكن أن يغلق حتى يتقدم إليك رجل من أهل بيئتك، وقد يكون أفضل، ولكنك تعجلت.
أقول: ومع ذلك ما دمت قد قدمت هذا الاقتراح فأقول: التزمي به ولا تحدثيه إلا في حضور أهلك ووالدتك، ولا مانع أن تشترك أمك معك في الكلام، وإن كنت أرى أن العاطفة قد تغلبها أيضا خاصة عندما يتكلم عن أشياء أنتم لا تعلمون عن حقيقتها، فقد يتكلم عن مركزه المالي ويغري الأم بأنه على وضع مرموق، وقد يتكلم عن مركزه الأسري أو الاجتماعي أو الوظيفي، وقد يكون الأمر على خلاف ذلك؛ لأن أي واحد يريد أن يتقدم لامرأة يحرص دائما على أن يكون في الصورة التي لا يمكن رده معها، خاصة وأن هذه المواقع قد تكون مواقع إسلامية، فهو يراعي أيضا أن يكون كذلك، ولكن الحقيقة قد تكون على خلاف ذلك؛ لأننا لا نعلم الغيب.
أنا أتكلم من مكان بيني وبينك قارة من القارات، فمن أدراك بأن هذا الكلام هو الحقيقة؟ أقول وأكرر وأعود: كم كنت أتمنى ألا يكون الزواج بهذه الطريقة لأخت فاضلة مثلك؛ لأنه مشوب بمحاذير كثيرة، ولكن أما وأنت حريصة على ذلك فأقول: لا مانع من أن يحدثك بحضور والدتك وأختك، لعلكم تستطيعون أن تحكموا عليه حكما مناسبا، على ألا تطيلي الحديث معه، ولكن – أختي الكريمة – الأمر يحتاج إلى أن يذهب أحد إلى بيئته، وأن يتأكد من هذا الكلام، وأن يعلم أنه من أهل الصلاة أم لا؟ وأن يعلم أن أسرته محترمة أم لا؟ هل ذلك ممكن؟ هل تستطيعون ذلك؟ إن استطعت ذلك فعلى بركة الله، وإلا فاصبري وسيرزقك الله تبارك وتعالى من قدره الذي قدره لك في علمه.
هذا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبالله التوفيق.