السؤال
زوجي رجل متدين ولا يترك الكتاب الإسلامي من يده، لكن مشكلته في لسانه، فهو لا ينادي أولاده إلا بأسماء الحيوانات والقذارات، وهو كثير التواجد في البيت مما يؤثر على الأولاد كثيرا؛ لأنه نشأ في بيئة عديمة التدين، بل كان أبوه لا يصلي ولا يصوم وشاربا للخمر، ولم يتدين -أي: زوجي- إلا على يد معلمه لمادة الدين، وأنا من عائلة متدينة ومحافظة، وأحيانا أدعو عليه بالخرس أو البلاء في لسانه ثم أندم وأخاف أن يستجيب الله دعائي، وأكثر ما يؤلمني تأثر الأولاد بأخلاقه في المستقبل، فكيف أتصرف؟!
أفيدوني وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يعافي زوجك من آفات اللسان وأن يرزقه حسن الخلق، كما نسأله تبارك وتعالى أن يوفقك إلى نصيحته على الوجه الذي ينفعه للتخلص من تلك الآفة، وأن يديم بينكما المودة والمحبة وأن يعينك وزوجك على تربية أبنائكم تربية صالحة مباركة.
وبخصوص ما ورد برسالتك: فإن الطبع يغلب التطبع، والمرء على دين خليله، والصاحب ساحب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، ومعنى ذلك أن البيئة تترك أثرها في أبنائها، فزوجك قد عاش في هذه البيئة الفاسدة التي تكلمت عنها، ولذلك اكتسب منها كثيرا من هذه الصفات، إلا أن الله من عليه بأن رزقه الاستقامة على الدين، ورغم ذلك فإنه ما زال يعاني من نقطة الضعف هذه، وهي مسألة عدم انضباط لسانه.
وهذه القضية ليس لها من حل إلا بالدعاء والدعوة مع الصبر الجميل؛ لأنه من عاش سنينا طويلة في بيئة وتشرب أخلاقها الفاسدة وتلك العبارات البذيئة التي ينادي بها أبناءه؛ فإنه يحتاج إلى فترة طويلة لكي يتخلص من ذلك.
ولذلك أتمنى أن تكثري من الدعاء له بدلا من الدعاء عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، فمعنى قول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنه ينفع مما نزل ومما لم ينزل) أن البلاء إذا نزل بالإنسان فإن بمقدوره أن يدعو الله تبارك وتعالى فيرفعه، كما دعا سيدنا زكريا بالولد فرزقه الله ولدا، وكما دعا سيدنا أيوب بالشفاء فشفاه الله تعالى، فهذا معنى مما نزل.
فزوجك الآن في بلاء، ويحتاج إلى دعاء بأن يعافيه الله تبارك وتعالى من ذلك، وثقي وتأكدي من أن الله تعالى سيصلحه ببركة الدعاء، والدعوة معناها التذكير بين الحين والآخر بأن هذه العبارات لا تليق ولا تتناسب مع هذا الالتزام الطيب المبارك ومع هذه الأخلاق العالية، وأن أبناءك تؤذيهم هذه العبارات، إلى غير ذلك من الكلام الطيب، ولا مانع من أن تأتي له بكتاب عن آفات اللسان، واطلبي منه أن يقرأ هذا الكتاب أو أن تقرءوه معا، أو أن يستمع لبعض الأشرطة الإسلامية في هذا المجال.
ولابد من الصبر وليس لك من سبيل إلا هذا، وإذا دعوت له بحسن الخلق ودعوت له أن يعافي الله لسانه من هذه الآفات فأنت أول المستفيدين، وكذلك أبناؤك، وستسمعين كلاما رقيقا رائعا، وستتحسن علاقات زوجك معكم ومع المجتمع من حوله، وبذلك تشعرين بأنك سعيدة مع زوج ذي خلق فاضل وذي لسان عفيف، نسأل الله لكم التوفيق والسداد، ونسأله أن يصلح لك زوجك وأن يعافيه من هذه الآفات وأن يجعلكم من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.
وبالله التوفيق.