السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا : أنا شـاب عمري 26 سنة، أعزب، طفولتي بعض الشيء كانت غير مستقرة من الناحية النفسية فقد كنت خجولا، دائما مع أمي لا أفارقها أو مع جدتي، وكنت لا أجيد المواجهة مع الغير، خاصة مع الجنس الآخر.
ثانيا: أعيش مع عائلتي الكبيرة مند الصغر، أعمامي وجدي وجدتي، فقد كنت لا أتحمل المسئولية أبدا، لكني عندما دخلت الثانوية أصبحت أواجه الأصدقاء واللعب والرياضة حتى الجامعة، ثم تخرجت منها -وأنا مهندس- صلتي بربي نوعا ما جيدة.
المشكلة: بدأت عندما قررت الذهاب إلى الخدمة الوطنية، فقد كنت مستعدا تماما، لكن قبل يومين من الذهاب ازدادت دقات قلبي، ضيق في التنفس، وأصبحت عضلات رجلي ويدي خاصة اليسرى تحت ضغظ شديد، جف فمي، أصبحت لا أستطيع الآكل، لكني فوق هذا ذهبت برفقة عمي، لكن عندما وصلت ازداد الهلع بشدة، وتزايدت الأعراض، مع العلم أني مقتنع أنه لا يوجد شيء، استرحت ثم دخلت الباب وكأن لم يكن شيء، لكن الفشل والتوتر يأتي أحيانا وأنا في الخدمة، لكني أتحمل وأبتسم وأتكلم مع الزملاء، لكن لصدور بعض القوانين تم إعفائي بعد 10 أيام قضيتها هناك.
رجعت إلى المنزل لكن هذه الحالات تأتي أحيانا وتجعلني أكره الحياة وما فيها، خاصة عندما أقوم من النوم، أصبحت تأتي أفكار بأنني لا أستطيع السفر وحدي، العمل، حتى الزواج، أصبحت أتهرب من المشاكل والمسئولية.
السؤال: ماذا أفعل؟ أرجوك أنا في هذه الحالة منذ 3 أشهر، لا أريد الذهاب إلى الطبيب، أريد أن أحل هذا المشكل بنفسي، مع العلم أنني كنت أحب الطبيعة، البحر، السفر، كل شيء، حتى الزواج.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بدأت رسالتك بحديثك عن طفولتك وعن التنشئة، وقد أشرت بصورة مباشرة أنك لم تتح لك الفرصة لأن تبني شخصيتك بصورة إيجابية، وكنت دائما كثير الاعتماد على الآخرين مما يكون قد أثر على شخصيتك تأثيرا سلبا.
هنالك ملاحظة واحدة هي أن الخجل والتصاقك الشديد بوالدتك، وكذلك مع جدتك ربما يكون ساعد بدرجة ما على حدوث نوع من القلق لك، وهذا يسمى بـ (قلق الفراق) أو (الخوف من الفراق)، وهذا ربما ينتج عنه مستقبلا استمرارية لهذا القلق، وإن كانت الدراسات الآن لا تميل إلى ذلك الرأي كثيرا.
عموما ما ذكرته أنت يعتبر شيئا مفيدا لنا من الناحية التشخيصية، ولكن الذي أرجوه منك أن تتذكر دائما أن الإنسان يجب أن يعيش حياته بقوة الآن وينظر لمستقبله بأمل، وألا يعزي حالته النفسية إلى ما سبق من تنشئة وصعوبات في الطفولة؛ لأن التوجه العلمي الآن: على الإنسان أن يعيش حاضره وأن يعتبر الماضي مجرد تجارب يستفيد منها.
أيضا فقد لاحظت أنك ذكرت أن صلتك بربك نوعا ما جيدة، نحن بالطبع نريدها أن تكون ممتازة، وأنا أرى أنك - إن شاء الله تعالى - حريص على ذلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق وأن يرفع همتك وهمتنا جميعا حيال العبادات وعمل الطاعات.
هذا الذي أصابك هو قلق نفسي، وبعد ذلك تأتي من هذا القلق النفسي ما يعرف بـ (نوبات الهرع) أو (نوبات الرهاب) وهو نوع من القلق والخوف ويعطي دائما الإنسان الانطباع السلبي حول حاضره وماضيه ومستقبله، ويشعر الإنسان أنه ليس لديه القدرة على الإنجاز، وأرجو أن أؤكد بصورة قاطعة أن هذا التفكير ليس بصحيح وهو تفكير سلبي، وأنت - الحمد لله - رجل مؤهل وفي ريعان الشباب، ولديك الكثير أن تقوم به.
هنالك علاج دوائي ممتاز جدا لهذه الحالة، ومن أفضل هذه الأدوية العقار الذي يعرف باسم (سبراليكس) فأرجو محاولة الحصول عليه وتناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلا بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراما ليلا واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجراما ليلا، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر.
هذا الدواء من الأدوية الفعالة والممتازة، وإذا لم تتحصل عليه فالدواء البديل يعرف باسم (زيروكسات) والذي يسمى في الجزائر باسم (ديروكسات) وجرعته هي عشرة مليجرام – نصف حبة – ليلا لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراما – حبة كاملة – لمدة شهرين، ثم ترفع الجرعة إلى أربعين مليجراما – حبتين كاملتين – وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهرين حتى تتوقف عن هذا الدواء.
إذن هذه هي البدائل الدوائية العلاجية وهي ممتازة جدا وفعالة وممتازة وغير إدمانية. وعليك أيضا بممارسة أي نوع من الرياضة وعليك الإكثار من التواصل مع الأصدقاء والزملاء والأرحام ولا تقلق نفسك أبدا، فالتفاعل الاجتماعي يعتبر وسيلة فعالة جدا لعلاج الرهاب، ولمزيد من هذه العلاجات السلوكية يمكنك الوقوف على هذه الاستشارات: (259576 - 261344 - 263699 - 264538)
أما بالنسبة لأمر الخدمة الوطنية فلا شك أنها من الأمور التي تؤدي إلى القلق لدى الكثير من الناس، وعموما قد انتهى هذا الأمر بالنسبة لك، وإن كنت أتمنى، ويا حبذا لو استطعت الاستمرار في هذه الخدمة وأكملتها؛ لأن المواجهة لمصادر القلق والخوف تعتبر دائما من أفضل الوسائل العلاجية، والاستسلام والاستكانة ليست مطلوبة وليست محبذة؛ لأنها تؤدي إلى التجنب دائما في أوقات المواجهة.
وعموما هذا الأمر قد انتهى الآن بالنسبة لك، وأرجو أن تتبع هذه الإرشادات التي ذكرتها لك وتتناول العلاج الذي وصفته لك.
أسأل الله تعالى أن يكتب لك الشفاء والعافية وأرجو أن تطمئن تماما أن هذه الحالة من الحالات البسيطة جدا.
وبالله التوفيق.