السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 23 عاما، متدينة ولله الحمد، تقدم لي شاب على خلق ودين عمره 26 سنة، فصليت صلاة الاستخارة وشعرت بارتياح، وكان اللون الأخضر في منامي دائم الحضور، والحلم الذي بقي راسخا في ذهني هو كوني لبست ثيابا خضراء اللون وصليت صلاة العصر في الجامع.
ولكن المشكلة هي كون ذلك الشاب يعمل في مدينة تبعد عن مدينتنا بأربعين كيلو مترا (حوالي ساعة)، وهو من مدينة أخرى تبعد عن ولايتنا (400 كلم)، وبعد أن استقبله أبي في بيتنا أعجب بخلقه ودينه، إلا أن أبي بعد ما أبدى قبوله المبدئي رفض موضوع الزواج بسبب البعد، خوفا من كونه سيأخذني للعيش معه، وقد وصف ابتعادي عنه بكوني سوف (أنفى)، فلن أجد هناك أبا ولا أما ولا أختا، وأن الدين ليس كل شيء، وأن ظروفنا المادية لا تسمح الآن، ولي أختان أكبر مني تشجعان أبي على الرفض.
وأما بالنسبة لي فإن أهم شيء عندي هو الدين، خاصة أنه يصلي الصلوات الخمس في المسجد، وعندما أراد أن يفاتحني في الموضوع أستحي أن يكلمني مباشرة فطلب من أم صديقتي أن تبلغني، وقال: "إنني لا أفاتحها في الموضوع إلا بعلم والديها، وأريد أن أدخل البيوت من أبوابها".
علما بأن العمل الذي يعمل به غير متوفر بمسقط رأسه بحكم أن مهنته تقتضي توفر كلية، ومسقط رأسه ليس به أي كلية، ولقد استنفذت جميع وسائل إقناع أبي، فما هو الحل؟ وهل اعتراض أبي في محله؟!
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن اعتراف والدك بأنه على خلق ودين مفتاح لإقناعه وسبيل إلى تغيير رأيه، فتوجهي إلى مصرف القلوب، واطلبي مساعدة الأعمام والعمات والفضلاء والعقلاء والعلماء، وأرجو أن يكرر الشاب طرق الأبواب، وعليه تأمين والدك من مخاوفه، وذلك بأن يعبر له عن حرصه على تواصلك مع الأسرة؛ لأن مساعدة الزوجة في بر أهلها من أهم مفاتيح النجاح والاستقرار الأسري.
ولا شك أن مجيء هذا الشاب من الباب دليل على أنه من أعقل وأفضل الشباب، فأرجو أن يقدر والدك الكريم ذلك، ونحن ننصحك بزيادة البر لوالدك ثم بالاقتراب من الوالدة، وعبري لها في أدب عن رغبتك في مواصلة مسيرة الحياة مع ذلك الطارق للباب، فإن للوالدة تأثيرا ولكلامها وقع عند والدك، ويمكن أن تقوم بهذا الدور أيضا أي واحدة من العمات أو الخالات.
والناس يدركون أن مصير كل فتاة أن تذهب إلى بيت زوجها وهو أولى الناس بها، ورغم حبنا لآبائنا وأمهاتنا وحبهم لنا إلا أنهم لا يدومون لنا، وأرجو أن يقدم الوالد والإخوان العقل على العاطفة، وهذه الأشياء فرص نادرة، خاصة إذا وجد صاحب الدين والأخلاق الذي يراعي الآداب والأعراف، ونحن ننصحك وننصح الشاب بتكرار المحاولات وعدم اليأس، وذلك لأن البداية كانت جيدة وانطباع الأسرة ورأيهم في الشاب كانت طيبة، وهذا هو الجانب الأهم، ومن الضروري أن يقدر أفراد الأسرة طبيعة عمل الزوج.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وأرجو أن تقدري دوافع الأب ومشاعره حتى وإن اختلفنا معه في الذي ذهب إليه في الرأي؛ لأن بعض الآباء شغفه شديد على بناته، بل ومنهم من يرى ابنته صغيرة مهما بلغت من العلم والعمر، حتى صور الشاعر العربي ما وصل إليه الحال حيث قال:
أحب بنيتي وودت أني دفنت بنيتي في قاع لحد
إلى أن يقول:
فإن زوجتها رجلا فقيرا أراها عنده والهم عندي
وإن زوجتها رجلا غنيا يلطم خدها ويـسب جدي
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يجمع بينكما على الخير، وبالله التوفيق والسداد.