مشكلة عدم الخشوع في الصلاة وكيفية تحصيله

0 609

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي تتعلق بالصراع بين الالتزام بالصلاة وقواعد دينية أخرى وبين الاهتمام بملذات الحياة، في الماضي كنت شيوعيا ولكني اليوم مؤمن بالله ولله الحمد، وأصوم رمضان وأعلم أولادي احترام الدين ومخافة الله، ولكن المشكلة هي عدم مقدرتي على الخشوع في الصلاة واهتمامي بملذات الحياة.

وقد حاولت الصلاة لمدة عام ولكني توقفت، وفي بعض الأيام أصلي الجمعة، ويوجد لدي رغبة في الحج ولكني أريد الخشوع وقهر وسواس الشيطان، فما الحل؟!

أرشدوني وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يشرح صدرك للإيمان وأن ينور حياتك بالقرآن، وأن يجعلك وذريتك أسرة صالحة طيبة مباركة، وأن يمن عليكم بالفردوس الأعلى في الآخرة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الله تبارك وتعالى أخبرنا بقوله: ((قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة))[الأعراف:32]، فلو نظرت معي لهذا النص المبارك من القرآن الكريم وجدت أن الله تبارك وتعالى خلق الطيبات في الحياة الدنيا أساسا للمؤمنين الصادقين، وجعل الكفار تبعا لهم فيها، فإذا ما كان يوم القيامة جعل الله الطيبات خاصة للمؤمنين وحدهم، كما قال الله تبارك وتعالى: ((خالصة يوم القيامة))[الأعراف:32].

إذن: فلا يوجد أدنى تعارض بين ملذات الحياة وتطبيق الشرع في حياة المسلم أبدا، وإنما التعارض يكون ما بين الحلال والحرام، فأنت الآن عندما تصلي الصلوات في أوقاتها ثم ما بين الصلاتين تستمتع بحياتك وفق الضوابط الشرعية فلا يوجد هناك أدنى مانع، وأكثر الناس استمتاعا بالحياة هم الصالحون من عباد الله تعالى، يؤدون حق الله تبارك وتعالى ويؤدون حق أنفسهم وحق أسرهم، وهم أكثر الأسر استقرارا وأكثر الأسر أمنا وأمانا وأكثر الأسر سعادة وأكثر الأسر حبا وأكثر الأسر تفاهما وأكثر الأسر انسجاما مع الحياة، لأنهم علموا أن الدين هو شرع الله وأن الدنيا إنما هي من خلق الله، فهم يطبقون شرع الله على خلق الله تبارك وتعالى.

فلا يوجد هناك أدنى تعارض ولا يوجد أدنى صراع ما بين الالتزام بالشرع وما بين ملذات الحياة، فأنت الآن لك زوجة تستمتع بها كيفما تشاء وفق شرع الله تعالى، وإذا أردت أن تأتيها أو تأخذ حظك منها في أي وقت كان ما دمت قد أديت حق الله تعالى فمن يمنعك من ذلك؟ من يمنعك من أن تأكل الطعام الطيب؟ من يمنعك من أن تشرب الشراب الطيب؟ من يمنعك من أن تلبس الملابس الفخمة الفاخرة؟ من يمنعك من أن تسكن في القصور العالية؟ هذا كله لا يتعارض مع شرع الله أبدا ما دمت قدمت حق الله تعالى، وإنما الحلال بين والحرام بين، فما دامت هذه كلها حلال وليس فيها شيء من الحرام فلا يوجد هناك مانع من أن تعيش حياة على أعلى مستوى من أمور الدنيا وفي نفس الوقت تكون محافظا على شرع الله تبارك وتعالى والالتزام بشرعه.

فإذا أردت أن تأخذ أهلك إلى نزهة فإن امرأتك تلبس الحجاب الشرعي وتخرج معك إلى أي مكان تريده ما دام لم يكن هناك اختلاط ما بين الرجال والنساء، ولا يوجد هناك تفسخ أو تعري، فلا حرج من ذلك أبدا.

وأما مسألة عدم الخشوع في الصلاة فهي ليست قضيتك وحدك، وإنما هي قضية السواد الأعظم من المسلمين، والسبب في ذلك يرجع إلى كثرة الأمور الحياتية التي نتعرض لها، فهناك أسر تعاني من ضغوط كبيرة، وهذه الضغوط تلقي بظلالها، وهموم الحياة تلقي بظلالها، ومسئولية الأسرة تلقي بظلالها فقد يدخل الإنسان إلى الصلاة وهو فعلا فيه نوع من عدم التركيز، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن الواحد منا إذا أرد أن يدخل في الصلاة فكما تعلم يبدأ بالوضوء والوضوء عبارة عن تمهيد وتوطئة للدخول في الصلاة، ثم تكبيرة الإحرام ثم دعاء الاستفتاح، ثم الاستعاذة، كل هذه الأشياء إنما هي عوامل لقصد صرف الشيطان وصرف وسوسته عن الإنسان ثم الدخول في الصلاة والإقبال على الله بقلب سليم خالص ليس فيه أي شواغل.

ولو حدث وجاءت الشواغل في أثناء الصلاة وجاء الشيطان ببعض الوساوس فما عليك إلا أن تستعيذ بالله تعالى (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وتتفل عن يسارك ثلاث مرات، والتفل لا يكون بمعنى البصاق الكبير وإنما يكون عبارة عن إخراج الهواء مع شيء من الريق البسيط، بصوت هادئ وغير مسموع ويكون عن جهة اليسار، حيث تتوجه برأسك إلى جهة اليسار وتتفل هذه التفلات الثلاث؛ لأن الشيطان عادة يأتيك في داخل الصلاة من الجهة اليسرى، والنبي عليه الصلاة والسلام بين أن ذلك يكون سببا في صرف الشيطان.

ويمكنك أن تدخل على الإنترنت وأن تكتب في البحث كلمة (الخشوع في الصلاة) في المواقع البحثية، وسوف تأتيك معلومات هائلة، ومن خلالها سوف تتعرف على عوامل الخشوع في الصلاة التي تزيد في خشوعك بإذن الله تعالى.

وأما موضوع الحج فإننا نسأل الله تعالى أن ييسره لك؛ لأن الحج عبادة عظيمة وهو ركن من أركان الإسلام وسوف تشعر بحلاوة الإيمان أكثر إذا ما رأيت البيت الحرام على الطبيعة وأديت الشعائر التي وردت في الحج والعمرة.

وختاما: أتمنى أن لا تقصر في الصلاة، وقولك أنك حاولت الصلاة لمدة عام ثم توقفت فهذا خطأ قاتل، لأنك عالجت الداء بداء مثله، فإن ترك الصلاة قد يخرج العبد من الإسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة)، فواظب على الصلاة واجتهد أن تكون الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين، ولو واصلت الصلاة في المسجد جماعة مع المسلمين ستشعر بحلاوة ولذة لم تشعر بها من قبل؛ لأن صلاة الجماعة مع المسلمين لها طعم خاص ولها مذاق خاص، نسأل الله تعالى أن يوفقك، وإذا كان أولادك ذكورا ووصلوا إلى سن التمييز فخذهم معك إلى المسجد أيضا حتى يتعودوا الصلاة مع المسلمين في بيوت رب العالمين.

نسأل الله لك التوفيق والسداد والثبات على الحق، وأن يشرح صدرك بالإيمان وأن ينور حياتك بالقرآن.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات