السؤال
السلام عليكم..
أبدأ كلامي وآمل من كل قلبي أن يلبيني من أحتاجه.
مشكلتي هي العصبية فأنا أكون هادئا عندما أكون خارج المنزل، ولكن في بيتي مع أمي وإخوتي أعصب كثيرا لمجرد أن يكلموني، والمشكلة ليست هنا فقط بل عندما أتخيل أن أحدهم يحاول مضايقتي، فأصبح بحالة نفسية صعبة حتى أنني أعرق ويصبح جسدي حارا.
وكأن الأمر حقيقي مع أنه وهم وتخيل، وأصبح أعامل الشخص الذي تخيلته في المشكلة وكأن المشكلة موجودة حقا.
أرجو المساعدة وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن هذه العصبية التي تعاني منها حينما تكون في البيت مع إخوتك ووالدتك هي نوع من العصبية الظرفية – أي المتعلقة بمكان أو زمان أو ظروف خاصة – وهذا النوع من العصبية يدل أنه لديك في الأصل نوع من النواة القلقية، أي أن مستوى القلق والتوتر والانفعال لديك مرتفع نسبيا كجزء من شخصيتك، ويظهر هذا التعصب وهذا التوتر وعدم التحمل في مواجهة أشخاص معينين وهم أخوتك ووالدتك، ومقدرتك على التعبير عن عصبيتك وتوترك وانفعالك أمامهم يدل أنك قد كسرت الحواجز النفسية والروابط والضوابط التي تحدد علاقتك بهم، وهذا أيضا يسمى في علم النفس بنوع من الإسقاط – أي أنك تسقط عليهم غضبك وتوترك – وذلك بعد أن زال عنك الخوف من أي عواقب سلبية قد تحدث لك في علاقتك معهم، ولكنك لازلت حذرا ومتحكما في نفسك في التعامل مع الآخرين خارج المنزل ولذا لا تتعصب أمامهم.
أيضا هنالك عامل نفسي آخر وهو أن لعصبيتك وغضبك وتوترك أمام والدتك وإخوتك مقصد فأنت تريد أن توصل لهم بصورة غير مباشرة على أنك تعاني من عدم الرضا في التواصل معهم، وتريد أيضا بصورة لا شعورية أن تجعل هنالك نوعا من الضغط عليهم حتى يستجيبوا لطلباتك أو على الأقل يتجنبوا إغضابك ويسعوا دائما لإرضائك وأن يكون الطريق أمامك ممهدا في المنزل وأن تصل ما تريد إليه.
هذا بالطبع ليس لوما عليك ولكنه هو التفسير العلمي.
الذي أود أن أذكرك به أن والدتك أكثر حقا من الآخرين في أن تعامل بلطف وعطف وأدب وذوق وبر، هذا هو المبدأ الذي تضخمه وتجسمه في داخل فكرك ويجب أن تستوعب ذلك في داخلك بقوة، فحين يأتيك الغضب أو التوتر أو العصبية أمامها تذكر في نفس اللحظة أن هذا لا يجوز وأنها أحق بالاحترام والبر من الآخرين وأن الله قد وصاك بحسن صحابتك لها، كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم : (من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: أمك. قال: ثم من. قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك)، ونفس الأمر ينطبق على إخوتك، وعليك أن تستعيذ الله تعالى من الشيطان الرجيم حينما يأتيك الغضب أو العصبية، وعليك بالوضوء أيضا لأن الغضب من الشيطان والشيطان من النار ولا يطفئ النار إلا الماء، وعليك أيضا بأن تغير من وضعك، أو تخرج من مكانك الذي أنت عليه.
ثانيا: عليك أن تلجأ لأسلوب الحوار الهادئ مع والدتك وإخوتك حتى وإن كانت هنالك نقاط خلاف فمن حقك أن تعبر عن نفسك ولكن في حدود الذوق وفي حدود الحوار المنضبط، وهذا يمكن التدريب عليه بأن تفصح حتى عن الأشياء البسيطة التي لا ترضيك، أي لا تكتم الأشياء الصغيرة لأن تفريغها من داخل النفس يساعد على عدم الاحتقان الداخلي ومن ثم لن تكون هنالك فرصة للعصبية وللتوتر.
ثالثا: من سبل العلاج الأخرى هي ممارسة الرياضة – أي نوع من الرياضة – لأن الرياضة بالنسبة لمثل سنك تمتص الغضب بدرجة كبيرة وذلك بأن تمارس رياضة المشي أو الجري بصفة يومية لمدة ما بين أربعين دقيقة إلى ساعة في اليوم.
بالنسبة لتخيلك للمشاكل ومعاملتك للأشخاص كأن المشكلة موجودة حقا فهو نوع من أفكار اليقظة التي قد تأتي للإنسان، وهذه أيضا دليل على وجود القلق وإن شاء الله سوف تتحسن بممارسة الرياضة وبالتعبير عن النفس، فلا تترك الأشياء في نفسك تكبر، وكما ذكرت لك هذا العلاج يسمى بـ (التفريغ النفسي) وهو علاج أساسي ومهم جدا.
يأتي بعد ذلك أن تحاول دائما أن تكون مسترخيا، وهنالك تمارين للاسترخاء يمكن ممارستها، فهنالك تمارين التنفس والتي تتمثل في الآتي:
(1) أن تجلس في مكان هادئ وتتأمل في أمر طيب كأن تتأمل تعامل والدتك وإخوتك بكل عطف وود.
(2) أغمض عينيك وافتح فمك قليلا.
(3) خذ نفسا عميقا وبطيئا عن طريق الأنف – وهذا هو الشهيق – حتى يمتلأ صدرك وترتفع البطن قليلا.
(4) أمسك على الهواء قليلا في صدرك لمدة خمس ثوان.
(5) أخرج الهواء عن طريق الفم بكل قوة وبطء – وهذا هو الزفير - ..
(6) كرر هذا التمرين أربعا إلى خمس مرات في كل جلسة بمعدل مرتين في اليوم.
ومن تمارين الاسترخاء أيضا تمارين العضلات الاسترخائية، وهو أن تقوم بهذه الخطوات مع شد العضلات – عضلة عضلة – تبدأ بعضلة القدمين ثم الساقين ثم الحوض ثم البطن ثم الصدر ثم الرقبة، ثم بعد ذلك تقوم باسترخاء عضلة عضلة.. فهذه - إن شاء الله تعالى – تساعدك كثيرا.
سيكون من الجيد أن أصف لك علاجا بسيطا جدا يحسن مزاجك ويزيل هذا القلق، والعقار يعرف باسم موتيفال، فأرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة في اليوم ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عنه.
ولابد لك أيضا أن تركز على دراستك وتحاول أن تقوم بالأمور الإيجابية.
أرجو أن تطبق الإرشادات السلوكية السابقة وأن تتناول الدواء وإن شاء الله سوف تكون على ما يرام.
وبالله التوفيق.
ولمزيد فائدة عليك بمراجعة التالي: ( 276143 - 268830 - 226699 - 268701 ) وكذلك يمكنك أن ترقي نفسك، وكيفية ذلك ستجدها في هذه الاستشارات: ( 237993- 236492-247326 )